منذ أن أعلن عن تأسيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) قبل عامين تقريبا ونحن نسمع ونقرأ تقارير متواترة عن إنجازات الهيئة في كشف مشاريع متعثرة وعمليات مشبوهة ترتفع إلى سقف مئات الملايين وتتضاءل لتفضح تعثر إنشاء مبنى مدرسة أو مركز صحي. هذه المعلومات التي صارت تصل إلى الناس عبر مصدر رسمي كسرت مجال الشائعات التي كانت تحلق في الفضاء الطلق وتضع من النقاط على الأرقام كما يحلو لها وتكيل من التهم لمن تشاء دون حسيب ولا رقيب. ولكن ماذا بعد ؟ هل الإعلان عن الفساد أو كشف مواطن الفساد، يقضي على الفساد بين ليلة وضحاها ؟ التجارب العالمية تقول لا. ومشاعر البسطاء من الناس تقول لا. وواقع الحال أيضا يقول لا. ويكفي أن نشير استشهادا في هذا المجال إلى أن فنلندا الدولة الأولى في معدل النزاهة والشفافية، بشهادة كل المنظمات المختصة بهذا الشأن لم ترتهن لواقعها، ووضعت الضوابط الشديدة لأي مناقصة حكومية من مبنى إلى قلم لمنع أي شبهة استغلال للمال العام. وإذا كان قاموسنا العربي يفسر كلمة فسد الشيء بمعنى (عطب خرب تلف بطل انتقض انحرف واضطرب) ويحيرنا إلى ما لا نهاية، فإن قاموس معجم أوكسفورد الإنجليزي يعرف الفساد حسب الويكيبيديا بأنه (انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة). وقد يعني الفساد: (التلف إذا ارتبط المعنى بسلعة ما وهو لفظ شامل لكافة النواحي السلبية في الحياة). إذا، مكافحة الفساد ليس فقط اعترافا به وتحذيرا منه ومحاربة لحالاته، ولكنه ثقافة متأصلة وعملية مستمرة يجب أن تترسخ في جميع مناحي الحياة ولا تقف عند حدود مراقبة المناقصات والعقود. وهذا يعني أنها عملية جذرية تجتث وتجتث وتجتث. فهل نحن مستعدون لهذا ؟ وإذا لم يكن الآن فمتى ؟. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 107 مسافة ثم الرسالة