يتردد الكثير من النسوة على المحاكم الشرعية وديوان المظالم لفسخ الوكالات الشرعية للتغير بعد تورطهن بتسليم أشخاص غير موثوقين مفاتيح التصرف في الممتلكات الشخصية وإنهاء الإجراءات القانونية، ليكتشفن بعد فوات الأوان ضرورة إلغاء الوكالة لاسترداد حقوقهن . وتحرر يوميا في جدة نحو 30 سيدة على وكالة شرعية لأغراض متعددة في كتابات العدل في فروعها الثلاثة في جدة، وتحتاج عادة المرأة إلى معرف من أسرتها للتعريف عليها في الوكالة في حين وعدت وزارة العدل من قبل على لسان وزيرها الشيخ الدكتور محمد العيسى بإدراج البصمة للتعريف على النساء في المحاكم الشرعية وكتابات العدل للحد من حدوث حالات تزوير في شخصيات النساء إثر ورود شكاوى من تعرضهن لحالات نصب واحتيال واستغلال أسمائهن وبطاقاتهن من بعض الأقارب. وأكد مدير مشروع الملك عبدالله لتطوير مرفق القضاء في وزارة العدل المهندس ماجد العدوان، أن نظام التعريف بالبصمة الإلكترونية نتاج مشروع اتفاقية بين وزارة العدل ووزارة الداخلية، يتيح للمرأة إدخال رقم الهوية ثم وضع إصبعها في جهاز البصمة الإلكترونية ليظهر اسمها وكافة المعلومات عنها وهو ما يلغي طلب القضاة وكتاب العدل من المرأة إحضار معرفين عليها، كما أن النظام يجعل المرأة في مأمن لعدم الكشف عن وجهها، مشيرا إلى أن النظام سيطبق أيضا في كتابات العدل في استخراج وكالات شرعية عن النساء. وكشف أحد القضاة في جدة أن زوجة رفعت دعوى على زوجها، وفي وقت لاحق حضر الزوج ومعه امرأة قال إنها زوجته وأنهما تصالحا وترغب التنازل عن دعواها، ليتبين لاحقا أن الزوج أحضر شقيقته لتضليل المحكمة في الوقت الذي كانت الزوجة متمسكة بدعواها، وهذه الواقعة تتكرر بسبب القدرة على التحايل في التوكيل على النساء. وذكرت مصادر قضائية أن الوكالات التي يتم التحقيق فيها من قبل هيئة التحقيق والادعاء العام ومن هيئة الرقابة والتحقيق تبين أن بعضها ألغي من الموكلين إلا أن الوكلاء استخدموها بسوء نية رغم إبلاغ بعضهم بإلغاء الوكالة، فيما كشفت المصادر أن بعض الوكالات زورت ومنها وكالة ضبطت أخيرا في كتابة عدل جدة الثانية، حيث أحيلت الوكالة من كتابة العدل إلى المباحث الإدارية لاستكمال التحقيق فيها. وقدرت مصادر أن نحو 20 وكالة من الوكالات المزورة أو الملغاة تخص سيدات أعمال وأطفالا قصرا في قضايا عقارية وإرث وبيع عقارات، فيما تنظر المحكمة قضية وكالة حررت من زوجة لزوجها استولى من خلالها على رصيدها في البنك بعد طلاقها وإلغاء الوكالة بعد أن طار منها مبلغ ربع مليون ريال، في حين تورطت 5 موظفات في تحرير وكالات لمعقبين للحصول على قروض من البنوك ثم تعرضن للنصب والاحتيال، مبينة أن المحاكم في عدد من مناطق المملكة تنظر حاليا نحو 11 قضية سوء استغلال وكالة شرعية. وأكدت مصادر في كتابة العدل في جدة أن الوكالات العامة التي تخول للوكيل التصرف في كل الأمور ومراجعة جميع الدوائر الحكومية هي أخطر أنواع الوكالات وهي من الوكالات التي قد يستغلها بعض الموكلين من ضعاف النفوس، أكدت أن الوكيل الشرعي لا يلحقه أذى من الوكالة بقدر ما يلحق الموكل نفسه كونه اختار الوكيل عن ثقة ومعرفة به. زينب عوض، ربة منزل، تقول «عندما توفي والدي اضطررت مجبرة أنا وأشقائي إلى توكيل أخي الأكبر لمتابعة تفاصيل توزيع الإرث رغم ترددي كثيرا في الذهاب إلى كتابة العدل للتوقيع على وكالة عامة، ولكن لم أكن أملك بديلا آخر خصوصا وأن بقية إخوتي قد قرروا توكيله، وبالفعل وكلته قبل ثلاث سنوات وحتى الآن لا أدري عن مستحقاتي شيئا وعندما أسأل عنها يجيب أنها في الحفظ والصون، وألاحظ شخصيا تغيرات في حالته المادية وشرائه لسيارات جديدة كل فترة وامتلاكه شقة في منطقة راقية مما أثار شكوكي، ولكن والدتي تأمرني بالتزام الصمت وعدم إثارة المشاكل داخل الأسرة بدعوى أن المال يعود ولكن الأخوة باقية». وتقول سندس القايدي «لم أكن أعلم شيئا عن الأمور الرسمية في إجراءات توزيع الإرث وما زلت حتى الآن، ولا أعرف كيف أضمن حقوقي وأتابع أملاكي الخاصة بعد أن وكلت أخي في متابعتها، وذلك لظروف انشغالي في تربية أبنائي ومتابعة ابني المريض، واستغلال أخي لهذه الظروف وعدم إعلامي بأي جديد متعلق بأعمالي». ومن جهتها تقول فاطمة حمد،موظفة، «من أسباب انفصالي عن زوجي هو استغلاله الوكالة التي أجريتها له واستحواذه على بعض ممتلكاتي وتغييرها باسمه، وطمعه المتزايد في بقية أموالي في البنوك وأحمد الله أن أحد المعارف قد نبهني إلى سوء استخدام زوجي للوكالة التي ألغيتها فور معرفتي بتصرفاته، وتقدمت بشكوى رسمية بعد محاولته استغلال الوكالة القديمة». صفية النعمي، معلمة، تذكر «حاول زوجي إقناعي قبل أربع سنوات بضرورة تمكينه من الحصول على وكالة والتي اشترط أن تكون عامة ليتمكن من التصرف في أرضي التي اتفقنا أن نبني بها عمارة يستفيد منها أبناؤنا في المستقبل، حاولت أن تكون الوكالة خاصة بالأمور المتعلقة بالأرض ولكنه أنكر علي رغبتي، وهاجمني لعدم ثقتي به فلم يكن أمامي إلا الرضوخ لرغبته، وقد فوجئت بتطليقه لي دون علمي وتقدمه بطلب قرض عقاري باسمي كوني مطلقة واستلامه المبلغ بموجب الوكالة العامة وتراجعه عن الطلقة واستفادته من المبلغ». ويقول المحامي هاني القرشي «الوكالة هي عقد من طرف واحد وهو الموكل، وتعتبر الإرادة ركنا من أركان العقد. ولا تنعقد الإرادة إلا على معلوم، وللأسف أن المجتمع النسائي، يفتقر إلى الثقافة والوعي القانوني في أحكام الوكالة، والتفريق بين المطلق والمقيد وحقوقها كموكل والحقوق التي تنشأ للوكيل إذا كلف بالوكالة وحالات فسخ الوكالة والطرق الواجب اتباعها لفسخ الوكالة والآثار المترتبة على الفسخ، هذا خلاف القصور القائم في معرفة تحديد الصلاحيات اللازمة لإنجاز العمل دون توسع ولا قصور، ومثال على ذلك أن قامت سيدة أعمال بتعيين محام لينوب عنها في المطالبة بما يخصها من تركة والدها، وبعد فترة وجدت بأن المحامي لا يقوم بدوره حسب تقديرها، فقامت بإلغاء الوكالة وعزل المحامي، مما رتب على هذا القرار أن أقام المحامي دعوى قضائية ضد سيدة الأعمال ويطلب فيها التعويض عن فسخ العقد مبلغ مليون ريال تقريبا، فغياب الوعي القانوني بشكل عام والوعي بأحكام عقد الوكالة أدى إلى وقوع هذه السيدة في هذا الخطأ سواء في التعاقد وآليته وشروطه، أو في الفسخ وضوابطه، هذا خلاف إساءة بعض الوكلاء استخدام صلاحياتهم في الوكالة، في ظل الغياب المعرفي لدى الموكلة، وأجد أن رفع الوعي المعرفي القانوني لدى أفراد المجتمع تحد جديد، جدير بالاهتمام لتجنب الآثار التي تنتج عن غياب هذا الوعي، أما الآلية المطلوبة لهذا فهي غير محصورة في جهة واحدة ولكن هناك جهات متعددة لا بد من توحيد جهودها لمواجهة هذه الظاهرة والتي بدأت تزيد مع ازدياد الحاجة للوكلاء والمحامين، فالمجتمع يبنى قبل أن يبني». وأكد المدعي العام في وزارة التجارة سابقا المحامي والمستشار القانوني سعد مسفر المالكي أن استخدام الوكالة الشرعية عقب الوفاة جريمة، وقال إن فسخ الوكالة يكون بطلب من الموكل أو من الوكيل، ولا يخلو إجراء فسخ الوكالة وتبليغ الجهة المختصة من أربع حالات وهي كالتالي، أولا إذا تقدم أحد طرفي الوكالة بطلب إلغائها من الجهة التي أصدرتها وأصلها معه فإن كاتب العدل يأخذ إقراره عليها والتهميش على سجلها ويحفظ الأصل لديه في ملف يخصص لهذا الغرض، ثانيا إذا تقدم أحد طرفي الوكالة بطلب إلغائها من غير الجهة التي أصدرتها وأصلها معه فيكلف بإحضار صورة لها مع الأصل ويؤخذ إقراره على الأصل ويهمش على الصورة ويحتفظ بالصورة لدى الإدارة، ويرسل الأصل الملغى إلى الإدارة التي صدرت منها للتهميش على سجلها وحفظ الأصل في ملف الوكالات الملغاة، ثالثا إذا تقدم الموكل بطلب إلغاء وكالته من الجهة التي أصدرتها وليس معه أصلها لتعذر إحضارها ممن هي في يده فيستعمل نموذج صك إقرار فسخ الوكالة من أصل ثابت ومتحرك يسلم المتحرك لصاحب الوكالة الملغاة، ويفهم بأن عليه الإعلان في الجريدة عن إلغاء وكالته، رابعا إذا تقدم الموكل بطلب إلغاء وكالته من غير الجهة التي أصدرتها وليس معه أصلها لتعذر إحضارها فيطبق في هذه الحالة ما ورد في الفقرة الثالثة مما ذكر، وتشعر الجهة التي أصدرتها بما تم فسخه لها، علما أن الوكالة عقد جائز يجوز فسخها من قبل الوكيل أو الموكل، وتنفسخ إجباريا في حالة وفاة الموكل أو الوكيل أو فقدان أحدهما أهليته الشرعية مع التنبيه إلى عدم جواز استعمال الوكالة إذا توفي الموكل، وأن من استعملها بعد وفاة موكله فإنه يلاحق قضائيا ويعد ما أقدم عليه جريمة.