شهدت السنوات الأخيرة دعوات ملحة للقضاء على البطالة من خلال المشاريع الصغيرة في ظل تشبع القطاع الحكومي بقرابة مليون موظف، والخاص بأكثر من 6 ملايين سعودي ووافد، ولهذا السبب تضافرت الجهود في ظل فوائض الميزانية الكبيرة لإطلاق الكثير من المؤسسات والمشاريع الحكومية والخاصة لدعم الراغبين في افتتاح مشاريع صغيرة ودعمها بالقروض اللازمة، مثل صندوق تنمية الموارد البشرية والبنك السعودي للتسليف والادخار وصندوق المئوية وبرنامج ريادة الأعمال الوطنى وغيرها من البرامج والصناديق والمشاريع، إلا أن النتائج لم تكن وفق الطموحات المنشودة لأسباب مختلفة ولعل من أبرزها هو تشتت الجهود وفقدان آلية التنسيق بين هذه الصناديق والمشاريع. والحقيقة أن نجاح المشاريع الصغيرة لا يرتبط بتوفر المال اللازم فقط، وإنما بوجود المناخ العام الذى يشجع عليها من خلال التوعية بقيمتها الوطنية والاجتماعية والاقتصادية ودورها في ذلك وتشجيع الشباب على أن يقدموا أنفسهم كرجال أعمال واعدين في المستقبل. كما أن هذه المشاريع تنجح أيضا بتوفير أقصى دعم لها من جانب الجهات الحكومية فيما يتعلق بالتراخيص والتصاريح التى قد تستغرق أكثر من عام، والتي في اعتقادي أنها أكبر عائق أمام نهوض اقتصاديات المنشآت الصغيرة، وكذلك من خلال ضمان عدم منافسة الشركات الكبرى لمنتجات هذه المشاريع الصغيرة كما ينبغى أيضا تدريب الشباب على الروح الاستقلالية في أن يكون له مشروعه الخاص الذى خطط له لمدة 3 سنوات في المستقبل على الأقل حتى يقف على أقدامه. ولعل من أولى الخطوات الواجب اتخاذها باتفاق الكثير من الخبراء إنشاء وكالة للمشاريع الصغيرة في وزارة التجارة والصناعة تتولى تنظيم القطاع وتوحيد ضوابط الاقراض وفتح قنوات تسويق أكثر فعالية لمنتجات هذه المؤسسات الصغيرة حتى تحقق الأهداف المرجوة من إنشائها. ولن يتحقق ذلك إلا بإعداد دراسات جدوى جيدة للمشاريع الصغيرة تأخذ بعين الاعتبار مشاكل التسويق والإيجارات والعمالة والعوامل المفاجئة خاصة الأزمات المالية والتوقف لأسباب خارجة عن الإرادة، كما ينبغى أن يكون للغرف التجارية دور أكبر في رعاية المشاريع الشبابية من خلال فرقها المختلفة حتى لا نترك الشاب يتعثر ثم نبدأ في التفكير بالتدخل بعد فوات الأوان وقد قرأت خلال الأيام الماضية عن خطوه ومبادرة رائعة من الغرفة التجارية الصناعية بجدة ممثلة في مركز المسؤولية الاجتماعية بتدريب خمسة آلاف شاب في العام الحالي 2013م على مختلف هذه الجوانب. ولا شك أن الجهود الفردية لاحتضان منتجات المشاريع الصغيرة والأسر المنتجة لا ينبغى أن تستمر في العمل بجزر معزولة وإنما يجب أن تعمل تحت مظلة موحدة كحائط صد قوى يحمي هذه المشاريع من مشاكل التسويق والدعاية ونقص التمويل، ويظل النجاح مرهونا بثقة كل شاب مبادر في نفسه وقدراته على الإبداع بعد اختيار المشروع الجيد وفق معايير أبرزها حاجة السوق له، واختيار موقع المشروع بصورة جيدة والتفكير بجدية وصورة مبتكرة في احتياجات السوق التى تمنحهم مشاريع ناجحة، وأدعوهم بكل إصرار في المقابل إلى الابتعاد عن التكرار وتقليد الآخرين.