إذا واصل مدرب المنتخب السعودي «ريكارد» اللعب أمام الكويت بنفس المجموعة التي لعبت المباراة الأولى أمام العراق والثانية أمام اليمن يوم أمس الأول.. بنفس طريقة اللعب (4/2/4) فإن فرصة الفوز بالمباراة القادمة ستكون ضئيلة إذا هي لم تعرض مرمانا لأهداف كثيرة نخرج بعدها من البطولة وبمظهر غير لائق بالمرة.. فالمدرب ريكارد بدا أمام المنتخب اليمني مصمماً على اللعب بنفس العناصر ونفس الطريقة التي لعب بها أمام المنتخب العراقي وإن غير في التكتيك وفي أسلوب اللعب فقط بالرغم من الفارق الكبير في الأداء العام بين المنتخبين العراقي واليمني.. وكذلك في الخبرة وفي ظروف الإعداد لكل منهما.. وهو وإن نجح في لعب الكرة البطيئة مع اليمن لامتصاص حماسهم.. ومنع تقدمهم إلى المرمى السعودي مستفيدا من اعتماد الفريق اليمني طريقة لعب دفاعية بحتة يتكتل فيها خلفاً ويغلقون جميع الطرق المؤدية إلى مرماهم.. إلا أن هجماتهم المرتدة على قلتها كانت خطيرة.. وكادت تسفر عن أهداف محققة.. وكانت كفيلة بأن تثبت ل «ريكارد» أن أسلوب لعب الكرة الميتة في وسط الملعب وخيمة العواقب في ظل أي عملية ارتداد للكرة إلى الخلف وذلك ما وضح تماماً في (6) هجمات فقط شنها اليمنيون على مرمانا كادت اثنتان منها تسفران عن هدفين وكنا سنخرج بالتعادل معهم وليس بالفوز بهدفين كما انتهت المباراة.. التشكيلة الحالية: فقد واصل ريكارد اللعب ب «ياسر القحطاني» و «ناصر الشمراني» في هجوم المقدمة.. وب «فهد المولد» و «سالم الدوسري» في الأطراف .. وعجز عن توفير محور متقدم يقف وراء خط الهجوم ويمرر لهما الكرات البينية بذكاء.. وينفذ من خلال الدفاع اليمني المتكتل أمام مرماه.. ويمنع تسرب أي من اللاعبين الأربعة إليه.. وبالتالي استمرت مشكلة الفريق التي برزت بشكل واضح في مباراته الأولى أمام العراق.. بغياب (صانع اللعب) الذكي الذي يوفر حلولا فعالة ويوصل الهجمة إلى المرمى اليمني بسهولة.. وهكذا ظل الجناحان (فهد / سالم) معزولين في الأطراف.. واستمر (ناصر /ياسر) تائهين في المقدمة.. بدون إمداد.. وبالاعتماد (فقط) على جهودهما الفردية التي بددها انقضاض الدفاع اليمني السريع على الكرة.. واستبساله أمام المرمى.. رغم بعض الأخطاء الواضحة في ضبط حركتهم في تلك المنطقة الحساسة.. والأسوأ من ذلك أن ياسر القحطاني قد كلف بمهام غريبة قللت من فعاليته في هجوم المقدمة.. فقد وضح أن المدرب طلب منه التراجع إلى الخلف لمساندة الوسط والتقهقر للخلف في بعض الأحيان دون مبرر.. ليس هذا فحسب.. بل كلفه بالتصدي للكرات الثابتة والجانبية ولم يسأل المدرب نفسه.. إذا كان الفريق لا يملك صانع ألعاب.. ولا يجد من يستقبل الكرة في منتصف دفاع الخصم.. ولا من يتعامل مع الكرات العالية باستخدام الرأس فمن الذي سيوصلها في النهاية إلى مرمى الخصم والدليل على خطأ المدرب في تكليف ياسر القحطاني بتلك المهام العجيبة التي اعتاد المدربون إيكالها إلى المحاور ولاعبي الأطراف والمدافعين هو تمرد ياسر نفسه على هذا التكليف وتواجده في منطقة (الستة) للدفاع اليمني واستلامه بالرأس كرة (ناصر الشمراني) وإيداعها المرمى اليمني كهدف أول.. حدث هذا باجتهاد شخصي من ياسر وإلا فإن الوصول إلى المرمى اليمني كان مستحيلا في ظل غياب لاعب «هو» متميز مثل «نايف هزازي» عن التشكيلة أساساً.. وكذلك في ظل غياب الدور المحوري لصانع الألعاب. ولذلك فإن منتخبنا فاز على المنتخب اليمني بسبب فارق الخبرة.. وتوفر عنصر التصميم لدى اللاعبين على الفوز.. ولجوء المنتخب السعودي إلى طريقة لعب لا يجيد اليمنيون التعامل معها وهي التمريرات القصيرة.. وتحضير الكرة البطيء.. والاحتفاظ بالكرة في منتصف الملعب أطول وقت ممكن.. حيث تعود لاعبو المنتخب اليمني على الحركة.. وسرعة اللعب.. واستخدام الكرات الطويلة والاعتماد في كل ذلك على لياقة بدنية عالية.. جمدها المنتخب السعودي.. وقتل فيهم روح الانطلاق وفرض طريقته عليهم.. هذه الطريقة وإن أفادت كثيراً مع اليمنيين المتحمسين والذين وجدوا أنفسهم محاصرين في وسط الملعب.. وبتمريرات قصيرة.. ومهارات متميزة من لاعبي الوسط السعودي.. إلا أنها ستكون بمثابة «كارثة» علينا إذا نحن لعبنا بها أمام الكويت المباراة القادمة للفارق الكبير بين الفريق اليمني والفريق الكويتي.. وبالذات لوجود (4) مفاتيح قوية للعب في المنتخب الكويتي هم «يوسف ناصر» و«بدر المطوع» و«وليد علي و«فهد العنزي» بحكم توزعهم على مناطق اللعب هجوماً ووسطاً ودفاعاً .. فضلا عن معرفتهم بصورة أفضل بالمنتخب السعودي.. وبطريقة لعبه وبمناطق العجز الواضحة فيه.. مشكلة الوسط مع أن غياب «كريري» عن وسط المنتخب في هذه المباراة كان مصدر قلق للجميع.. في بداية المباراة.. الا أن لاعب المنتخب (سلمان المؤشر) عوض ذلك بكفاءة عالية ومنح الوسط روحاً وديناميكية لا تقل فعالية عن الكفاءة التي كان يتمتع بها كريري.. بل إنه كان سبباً حقيقياً في إدارة لعب المنتخب بمنطقة وسط الملعب وإمداد الأطراف بكرات مهمة.. لولا عزلتهم عن هجوم المقدمة.. فقد كان سلمان في يومه.. لكن اختلاف طريقة لعبه عن طريقة لعب (المعتز) قللت من فرص تكامل الجهد وإحكام السيطرة على منطقة وسط الملعب.. وإن تفرغ للعب مع الأطراف في أكثر الوقت.. غير أن دور صانع اللعب المتقدم ظل غائباً تماماً حتى بدأت عملية التغيير الواسعة مع خروج لاعب الطرف (سالم المؤشر) ودخول (تيسير الجاسم) وإن كان وضعه في الطرف الأيسر خاطئاً.. لوجود حاجة ملحة إليه كصانع ألعاب وخلف مهاجمي المقدمة.. وللتعاون مع الأطراف على الدوام.. وهو التغيير الذي كرر نفس الحركة التي تمت في مباراة المنتخب مع العراق.. ولم يظهر (تيسير) في المباراة بل كان عبئاً إضافياً عليها.. وعندما اكتشف «ريكارد» أن تيسير لم يوفر له الحل المطلوب ليس لأنه لم يكن موفقاً وأنما لأن وضعه في غير موقعه المناسب والذي تحتاجه فيه المباراة.. فإنه اضطر أن يدفع ب «يحيي الشهري» إلى الوسط.. مع الميل إلى اللعب في المقدمة بعد أن اضطر لإخراج «ناصر الشمراني» الذي كان عديم الفعالية.. ليس لأنه كذلك وإنما لأنه لاعب استلام وليس لاعب خدمة للكرة من وسط الملعب.. وعندها (فقط) تحرك الهجوم بصورة أفضل لماذا؟! أولاً: لأنه وجد في يحيى الشهري اللاعب الذي يمتلك المهارة الفنية العالية التي كان الفريق يحتاجها في منطقة الوسط المتقدمة ومن خلف المهاجمين للتغلب على دفاع الفريق اليمني المكثف.. وثانياً: لأن مهارة يحيى الشهري قد تكاملت مع مهارة «فهد المولد» وصنع الاثنان بمهارتيهما الفائقتين ما عجز عنه لاعبا المقدمة (ناصر /القحطاني) طوال (80) دقيقة من وقت المباراة.. وثالثاً: لأن الشهري وفهد في المقدمة وخلفهما سلمان وعلى الطرف الأيسر تيسير.. قد تمكنوا من إيجاد روح جديدة حركت اللعب وخلصته من تحضيرات وسط الملعب البطيئة والميتة والعقيمة.. ودفعاً بالهجمة أماماً ولو كان هناك متسع من وقت لحقق منتخبنا نتيجة أكبر. ولم يكتف المدرب بإدخال هذه التغييرات لوسط الملعب فحسب ولكن لجأ إيضا إلى إخراج «معتز» وحل محله (أحمد عطيف) في وقت متأخر وإن لم يضف جديداً.. لأنه لاعب لا يجيد اللعب في الأوقات المتأخرة.. وإن وفر زخماً لياقياً جيداً لمنطقة الوسط «المرهقة» من «الأساس».. وإذا نحن تأملنا تغييرات «ريكارد» وطوال المباراة فإننا سنجدها مقتصرة على منطقة الوسط.. لأن كل اللاعبين الذين خرجوا أو دخلوا إلى الملعب كانوا أصحاب خبرة في هذه المنطقة.. وذلك يعني: أولاً: أن تشكيلة المنتخب غير متوازنة حيث افتقدت (المهاجم الصريح) المتميز والمحور المتقدم.. ولاعب خط الدفاع الأيمن ومتوسط الدفاع الاحتياطي.. ثانياً: أن الكثير من الأخطاء الفادحة قد وقعت في خط الظهر ولاسيما من جانب (أسامة هوساوي) الذي لعب المباراتين بمستوى مهزوز حتى الآن وبدا وكأنه غير جاهز للعب.. وناقص في اللياقة.. ومرتبك طوال الشوطين.. ومربك ل»أسامة المولد» أكثر من معين له في سد فراغات خطرة في منتصف الدفاع.. كما أن الظهير الأيمن (سلطان البيشي) كان هو الآخر نقطة ضعف كبيرة في تلك المنطقة ومصدرا لتسلل الهجوم العراقي ثم اليمني.. ولا ندري.. على أي الأسس أعد المدرب تشكيلته منذ البداية.. وأفقدها درجة التوازن المطلوبة.. وكثف لاعبي الوسط على حساب بقية المناطق الأخرى.. في وقت كان عليه أن يوفر عناصر احتياطية كافية في الخطوط الثلاثة.. ولا أدري كيف سيعالج الموقف في ظل استمرار هذا الخلل في التشكيلة.. وفي توزيع الأدوار.. وفي نقص الجانب المهاري في المقدمة.. وفي غياب (صانع اللعب) الماهر؟ أسئلة كثيرة.. لا أعتقد أن الوقت سوف يسعف «ريكارد» للإجابة عليها قبل أن يلعب مباراته القادمة مع الكويت المكتمل عناصرياً.. وتكتيكياً.. ومهارياً.. وأدواراً؟ الشيء الوحيد الذي لاحظه جميع المراقبين في مباراتنا أمام العراق واليمن هو.. أن المنتخب بدا وكأنه يلعب مباراتين تجريبيتين.. لأنه لم يعد الإعداد الأمثل قبلهما ولأنه المنتخب الوحيد الذي لم يلعب مباريات تجريبية قبل هذه الدورة.. وبالتالي فإن المباراتين بدتا وكأنهما مباراتا إعداد.. لاكتشاف أوجه النقص والخلل.. واذا نحن لعبنا المباراة القادمة كمباراة تجريبية أيضاً فإننا سنخرج من البطولة.. لأن الوقت ليس وقت تجارب لاكتشاف أوجه الخلل والقصور.. ولأن تشكيلة المنتخب لا توفر العناصر الضرورية للخطوط الثلاثة.. ولأن التجانس الغائب لن يحدث فجأة.. وبصورة أكثر تحديداً فإن المنتخب لا يستطيع أن يفوز على الكويت. اذا استمر ياسر القحطاني وناصر الشمراني في المقدمة. وإذا لم يتوفر محور متقدم وصانع ألعاب ماهر. وإذا لم يتوفر بديل مناسب عن (أسامة هوساوي في قلب الدفاع.. وسلطان البيشي كظهير أيمن) وإذا لم تتغير طريقة اللعب من (4/2/4) على (4/2/1/3). وإذا لم يدفع ب «فهد المولد» كمهاجم صريح ومن خلفه يحيى الشهري منذ البداية. وإذا لم يتوفر لاعب طرف أيسر بديلا عن (سالم الدوسري) لتحريك منطقة الطرف الأيمن أو الأيسر بالتبادل.. وباختصار شديد.. فإن فوزنا على الكويت بالطريقة الحالية.. وبالعناصر الموجودة.. وبغياب التفكير الجاد في عنصر الوقت وبالتحضير القوي والسرعة الفائقة في تبادل المراكز ونقل الكرة وفي استخدام المهارة الفائقة في المقدمة.. فإن فوزنا على الكويت يبدو صعباً غير ممكن ومن باب أولى أن نتطلع إلى الفوز بالبطولة.. إذا كنا نتعثر في اختبار بطولة خليج متواضعة في مستواها العام.. فكيف نفكر في البطولة الآسيوية أو في كأس العالم أو أي مسابقات قارية أو دولية أخرى.. وتلك هي المأساة؟!