أسرار وخفايا، وحيوانات أليفة تشارك الفتيات حياتهن الخاصة، تلك الحياة التي يحرصن على إحاطتها بأسلاك شائكة حفاظا على خصوصيتهن، ويطوقنها بالتحفظ الشديد، إذ تعتبر غرفة الفتاة مملكتها التي لا يمكن الغوص في أعماقها دون طيب خاطر وإذن مسبق. «عكاظ» اقتحمت عالم البنات وفتحت الأبواب الموصدة في محاولة منها لكشف ما وراء الجدران والتعرف عن قرب عن شركاء الفتاة في حياتها الخاصة. في البداية تقول سارة كشحة (17 سنة)، أحتفظ بدفتر يحوي أسراري التي لا أسمح لشخص بالاقتراب منها فهو بمثابة صندوق الأسرار الذي أكنز فيه أهدافي ومخططاتي وأحداثي اليومية، ولا أحب دخول الأطفال إلى غرفتي لأني أحافظ على ترتيبها لقناعتي بأن الشكل العام لها ينعكس على ترتيبي لأفكاري. وتذكر زينة رضوان: (17 سنة) أنها مثلها مثل باقي الفتيات تحتفظ بالكثير من الأوراق في أدراج مكتبها المنزلي «في الخزانة أغلق الأبواب على دفاتر الأسرار والروايات التي قرأتها وتركت خلفها تعليقات خاصة تذكرني بانطباعاتي عما قرأته فيها وأحاول إبقاءه مغلقا بعيدا عن المتطفلين، وقطتي رفيقتي في الغرفة تحتمي بي ولا أترك لشخص مجالا لمضايقتها وهي تنام بقربي كل ليلة». وتضيف «البرتقالي لون غرفتي وإن لم يكن المفضل لدي فهو من اختيار أختي الكبرى التي تزوجت قبل فترة، وغالبا ما أقضي معظم وقتي فيها لأنها تحتوي كافة متعلقاتي الشخصية التي تجذبني للبقاء فيها فترة أطول، وأستغل أوقات فراغي في خياطة الكورشيه اليدوية داخل غرفتي». من جهتها تشير علا أيوبي (19 سنة) إلى أنها مولعة باقتناء الإضاءات الغريبة «ساعتي ليست حائطية كالاعتيادية ولكنها كجهاز العرض أعرضها على السقف دون أن أتقيد باتجاه محدد للساعة، وإضاءات الغرفة غريبة الشكل كالمستخدمة في عوالم الفضاء بالإضافة إلى الملصقات التي تضيء في الظلام، وأزين جدار غرفتي بلوحات الرسم التجريدي». وعن خصوصياتها تقول: «يمنع الاقتراب من دفتر ملاحظاتي وأحمله في حقيبتي اليدوية كل يوم واحتفظ به منذ سنوات لأدون ما يخطر في بالي من كتابات أدبية، وأقتنص عبارات الدعايات الإعلانية الجذابة لأخطها على صفحاته، ولا أحبذ اطلاع شخص ما عليه لأنه قد تلتبس عليه بعض العبارات دون أن يفهم قصدي من وراء الجملة، ودفتر أحلامي هو الآخر أحد أسراري أضع عليه مخططاتي الشخصية المرنة وأرقمها بالحروف لأنتقل من استخدام الخطة (أ) إلى الخطة (ب) متى ما دعت الحاجة إلى التغيير. وتقول ديانة طوله (17 سنة): دمجت اللونين الأحمر والأبيض في غرفتي الخاصة، وأضفت بعض النباتات وزهور القرنفل الصفراء التي أعتني بها في نافذة الغرفة، بالإضافة إلى الكثير من الدمى المنثورة في جنبات الغرفة مع تغييري لديكور الغرفة في فترات متباعدة لولعي بالتجديد، ولدي البيانو الخاص بي الذي أتعلم عزف النوتات الموسيقية عليه ولا أسمح لشخص باستخدامه، وأغلق باب حجرتي كلما خرجت مع أني أقضي معظم أوقاتي فيها ويطالبني والدي بإمضاء بعض الوقت مع الأسرة. وتقول ناهد خليل (24 سنة): احتفظ بأماكن سرية أدس فيها أوراقي الخاصة وبعض المبالغ المالية ودفتر أسراري، بالإضافة إلى إخفاء بعض مستلزماتي الشخصية بعيدا عن أختي الصغرى التي تستخدمها دون علمي وتفرط في المحافظة عليها. وتكشف نهاد مخابئها السرية بالقول: فتحت شقا في مخدتي لأخبئ في قلب القطن ما أحاول المحافظة عليه بعيدا عن الأنظار وبالأخص هاتفي الجوال الذي اقتنيته دون علم أسرتي وشقا آخر في ظهر دميتي الكبيرة، وهناك فتحة بجانب المكيف والأخيرة أسفل أدراج تسريحتي. ومن جهتها تقول الدكتورة سمية آل شرف أستاذ الصحة النفسية المحاضر ودارسة لدكتوراه في البرامج النفسية الإرشادية والصحة الإكلينيكية: عندما نتحدث عن نضوج الفتاة فهذا يعني انتهاء فترة الطفولة المتأخرة ودخولها لمرحلة البلوغ التي تتسم لدى الأنثى بارتفاع درجة الخصوصية وتعزى إلى تغير الهرمونات داخل الجسم، وهي بداية الشعور باستقلال كامل في الشخصية ويتغير المزاج والتفكير تبعا لذلك، كما أن الأنثى من الناحية الجسدية تمر في كل شهر بفترات تغير هرموني عال جدا ويصاحبها تعكر في المزاج، وتغير المزاج ينعكس على تصرفات الفتاة بشكل واضح، ويتفاوت التغير مع اختلاف نوع الشخصية بين الهادئة التي يكون تغيرها بشكل هادئ وبسيط وبين الشخصية المتوسطة التي يظهر انفعالها أكثر من الأولى، والشخصية العصبية سريعة الانفعال التي يظهر توترها بشكل أكبر في هذه الفترة من الشهر. وتتابع آل شرف: هذه التغيرات تطبع الفتاة بسمة التحفظ مما يجعلها تحافظ على عدم لفت الانتباه إلى هذه التغيرات وإن كانوا من الأشخاص المقربين، خصوصا من الجنس الآخر كالوالد والإخوة في المنزل، وتتغير اهتمامات الفتاة مع تغير تكوينها السيكولوجي والجسدي فأصبحت تهتم بشكلها الخارجي ومظهرها العام ويظهر انجذابها إلى الجنس الآخر، ولذلك تشعر بأن التغيرات بمثابة السر الخاص بها وإن كان معظمها لا يرقى إلى درجة الأسرار وإنما هو انعكاس لبناء شخصية مستقلة، والعناد هو أبرز ملامح هذه المرحلة بعد انفصالها عن التبعية للوالدين والإخوة الأكبر سنا، ومحاولة فرض رأيها الخاص والمحافظة على خصوصيتها وتناول الوجبات بعيدا عن الأسرة، ويلاحظ استخدامها لياء الملكية في تسمية متعلقاتها كنوع من إثبات الشخصية. وعن مشاركة الفتاة لأسرارها تقول آل شرف: قد تشارك الفتاة أسرارها مع من تريد وقد تتكتم عليها قدر الإمكان، خصوصا إن احتوت هذه الفترة مغامرات عاطفية في حال انعدام الرقابة، ولذلك نجد لدى الأنثى دفترا مخصصا للذكريات والأسرار تخط يومياتها على صفحاته وتغلب عليه الكتابات العاطفية كأن تكتب (شعرت اليوم بالإحباط، شعرت اليوم بالحب، أحسست بالإنجاز ..إلخ)، خصوصا إن كانت لديها ميول كتابية أدبية. وتروي أماني العامودي قصتها مع قطتها التي أسمتها «دودي» أن هذه القطة تعني لها الكثير إذ أنها بمثابة صديقتها المقربة التي تقضي غالبية الوقت معها في اللعب والمرح. وتذكر روان شمس المولعة بتربية الكلاب أن الأمر هواية منذ الصغر، حيث إن كلبها يشاركها حياتها وتقضي في تربيته واللعب معه جل وقتها فغرفتها ليست ملكها وحدها بل إن الكلب يقاسمها الحياة فيها.