عكس موقف النائب جنبلاط رئيس جبهة النضال الوطني اللبنانية حال الحراك السياسي الخارجي بفعل تفاقم الأزمة السورية الآخذة بالتصاعد والتطور، ما ينذر بالتهاب المنطقة بأكملها. ولئن أضحى من الثابت في السياسة اللبنانية أن مواقف جنبلاط تقوم «هندستها» على خطى المصالح الذاتية والمواقف الدولية فإن موقفه الأخير في شقه الدولي يعكس مراوحة على مستوى اتخاذ القرار الحاسم بشأن الأزمة في سوريا وحجم التدخل والتداخل فيها، ما يبرر بطبيعة الحال هذا «الكرم» غير الطبيعي في المبادرات المتتالية الجوفاء دوما والخرقاء في بعض الأحيان، ومنها مبادرة المبعوث العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي التي تتجاوز وببساطة أكثر من 50.000 شهيد وآلام عائلاته، إضافة إلى عشرات الآلاف من المتضررين جسديا ومعنويا وماديا كل ذلك من أجل مقايضة بخسة!! تقوم على منح المعارضة ولا أدري لاحقا أية معارضة ستمنح بضع وزارات وتترك بشار الأسد ممسكا بالسلطات السياسية والقضائية والمالية والعسكرية والاستخباراتية!. حقا إنها مبادرة غريبة أحسبها مبادرة اليائس قبيل انتحاره أو لعلها باللغة الدبلوماسية مبادرة اللعب في الوقت الضائع. أما الجوانب المحلية اللبنانية في كلام جنبلاط فتعكس حالة شاملة في المجتمع اللبناني الغارق في التمزق الذي أنتجته آلة «حزب الله» الحاقدة الضيقة التي وزعت هذا المرض على كل اللبنانيين، وبطبيعة الحال أن يصاب به الأطراف الضعفاء أمثال جنبلاط الذي ما برح يفكر «كأقلوي» على مستوى الفكر والمذهب. فلا هو نال شرف الانتماء لأمته ولا قبل بنهائية الكيان اللبناني الانعزالي، فصار حالة خاصة في السلم والحرب في حالة تجعله يقول: «إنه ونجيب ميقاتي يبقيان معا أو يموتان معا». فهل يعني جنبلاط ما يقول؟ أم أنه يريد برفعه الصوت «بالوسطية» شرعنتها رغبة منه في أن يقفز إليها الحليف السابق رئيس حركة «أمل» نبيه بري ليتم التحالف السياسي الثالث الذي يمكن أن يكون بديلا عن وظيفة حكومة ميقاتي على المستوى الدولي ما يسمح بإعادة إنتاج تحالفات جديدة تكسر حدة الاصطفافات. فهل ينطبق على جنبلاط المثل اللبناني: «الحكي للجارة لتسمع الكنة»؟.