جاءت كلمة وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني وائل أبو فاعور في مجلس الأمن لتوضح مستوى الانقسام في لبنان حول الثورة السورية. كان الوضع بالنسبة له مرتبك، والكلمة أراد من خلالها إرضاء الحكومة التي تشكّلت من أطرافٍ مواقفهم متضاربة من الثورة السورية. حزب الله مع النظام السوري قلباً وقالباً، بينما بعض الأحزاب الممثلة بالحكومة تستحي من الوقوف تماماً مع النظام السوري، وأقصد بالتحديد نجيب ميقاتي الذي تستقطبه الأطراف ويحاول أن يأخذ بمبدأ "النأي بالنفس" المصطلح المحبب لرئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري. والنأي بالنفس هو موقف رمادي، موقف لكن من دون موقف، على عكس الموقفين الواضحين، موقف تيار 14 آذار الذي يقف تماماً مع الثورة السورية، وبين موقف حسن نصر الله الذي يعتبر ما يجري في سورية جهدا حكوميا للقضاء على الإرهاب. كلمة أبو فاعور حملت الكثير من النقد للنظام السوري، حتى وإن كان النقد حييّاً وذلك انطلاقاً من من كونه ممثلاً لكل الحكومة وهي بأكثرية 8 آذار وأستثني وليد جنبلاط الذي يأخذ مواقف يفضل أن يسميها هو "متمايزة" عن الاصطفافات الموجودة لدى التيارات. جنبلاط له مواقف كثيرة تدين النظام السوري وتؤيد الثورة السورية منذ اندلاعها. صحيح أن النبرة تخفّ ثم ترتفع وهكذا غير أن موقف جنبلاط العميق أنه مع الثورة السورية وحق الشعب السوري بالحرية والمستقبل خارج نطاق النظام السوري الحالي. الموقف اللافت الأخير من لبنان عن الثورة السورية، ما أعرب عنه حزب الله من رفضه القاطع لنشر قوات دولية على الحدود اللبنانية - السورية ووصف نائب أمينه العام نعيم قاسم طلب نشرها ب"المشروع الصهيوني". وقال نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم، إن حزبه يرفض تدخل لبنان في الشؤون السورية، ويرفض رفضا قاطعا استقدام قوات دولية إلى الحدود الشمالية، وهي مشروع صهيوني بامتياز لتخريب لبنان كما سورية، ودعا إلى ترك الشعب السوري لخياراته الداخلية بالحوار والتعاون بعيداً عن أي تدخل أجنبي أو عسكرة الحلول أو تصفية الحسابات.. ويأتي موقف قاسم هذا رداً على كتلة المستقبل النيابية التي يتزعمها رئيس الحكومة السابقة سعد الحريري والتي طالبت الأسبوع الماضي بنشر قوات دولية على حدود لبنان مع سورية! علماً أن نشر القوات الدولية على الحدود السورية ضرورة، إذا ما أخذنا التجاذبات الأخيرة بعين الاعتبار، إذ سقطت 25 قذيفة مدفعية على الأقل في بلدة لبنانية محاذية للحدود بين البلدين بعد إطلاقها من الجانب السوري ما أدى إلى إصابة شخص بجروح ووقوع أضرار مادية، حسبما أفادت مصادر أمنية لوكالة الصحافة الفرنسية. بل وأصابت القذائف قرية منجز الواقعة في قضاء عكار شمالي لبنان، وفقا لمختار القرية طوني أنطونيوس الذي أشار إلى إصابة منزل بقذيفة ووقوع أضرار مادية فيه. طبعاً تتهم السلطات السورية "إرهابيين" بالتسلل من لبنان إلى سورية، كما تتهم تيارات لبنانية بتهريب سلاح إلى المعارضة السورية! النظام السوري يحاول أن يستقوي بحزب الله ضد نشر القوات الدولية على الحدود، لأن نشرها يحاصره ويجعل عبثه بلبنان أمراً ممتنعاً، وبطبيعة الحال تبادر القوى الظلامية ممثلةً بحزب الله بأن تدعي أن هذا المشروع هو مشروع صهيوني، وكأن الذي اقترحه شمعون بيريز وليس الرئيس سعد الحريري. الخلاصة ان النأي بالنفس لن يستمر، فالتجاذب الذي يرغبه النظام السوري واضح، فهو يريد نقل المعركة إلى لبنان، والمواقف الرمادية ستتبخر، والأمم المتحدة عليها أن تنظر إلى هذه المأساة الحقيقية التي تحدث على الحدود وسط تخويف حزب الله من صهينة لبنان!