أي نظام أو قانون لن يكون محل رضى الجميع، ولن يتفق عليه الكل دون استثناء، وهذا أمر طبيعي ومقبول، إذ أن كل شخص سينظر إليه من منطلق مصلحته الخاصة أو فكره وثقافته ورؤيته، ولكن مع ضرورة احترام أي وجهة نظر مختلفة كحق طبيعي للإنسان في التعبير، فإنه غير مستساغ، وربما غير مقبول أن يتم التعبير عن هذا الحق بطريقة هي أقرب إلى الجبر والإكراه ومصادرة حقوق الآخرين، وحين يتجاوز الأمر إلى الظن بأنه يمكن مصادرة حق المشرع (الدولة) في اتخاذ ما يراه يحقق مصلحة عامة، وبأسلوب فيه استعراض للقوة والتلميح بالتهديد، فإن هذا يمثل شكلا من أشكال الفوضى وتعديا على هيبة الدولة وفرض الوصاية على المجتمع بأكمله. من حق المعترضين على عمل المرأة أن يطرحوا وجهة نظرهم في وسائل التعبير عن الرأي، ومن حقهم أن يبينوا مبرراتهم، بل ومن حقهم أن يقابلوا أي مسؤول لمناقشة الأمر بأسلوب حضاري، لكنه مؤشر غير مريح حين يتم نقاش مسؤول بالطريقة التي تم بها لقاء بعض المحتسبين مع وزير العمل، والأسلوب الذي تحدث به أحدهم، وسمعنا مفرداته المليئة بالتعبئة والتهديد والالتفاف على الحقائق، والتجاوز حتى على من ذهبوا إلى رحمة الله. كان مقبولا لو تم الاعتراض على عمل المرأة في محلات الملابس النسائية كوجهة نظر قابلة للنقاش، لكن أن تتم مقابلة الوزير للتهديد بأنه سيمهل شهرا لإلغاء القرار وإلا... فإننا إزاء حالة من اللا معقول الذي لو تم القبول به، فإنه يؤسس لوضع تنمو فيه بذور الفوضى. هذه الحالة تكررت أكثر من مرة، فقد حدثت في وزارة التربية والتعليم، وفي بعض الجامعات ومؤسسات الدولة، والآن تحدث للمرة الثانية في وزارة العمل خلال فترة قصيرة، والمؤسف أنه تم التعريض بقامة وطنية هامة، وهو الدكتور غازي القصيبي رحمه الله بأسلوب لا يتفق مع المروءة وأخلاق الإسلام الحميدة، كون القرار صدر خلال توليه الوزارة، ليس هذا فحسب، بل إنه تم تخويف الوزير الحالي بأسلوب ساذج أنه سيلقى مصير القصيبي بسبب الدعاء عليه، ولا ندري ما هي خطوة التصعيد القادمة حين تمهل وزارة العمل شهرا لإلغاء القرار. في هذا الوضع نحن أمام ثنائيات لا بد من حسمها، النظام أو الفوضى، القانون أو الرأي الشخصي، التعبير عن الرأي أو فرض الرأي بالعنف، هيبة المؤسسات أو هيبة الأفراد. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة [email protected]