قصة عروس البحر الأحمر مع الحفر وإعادة الحفر باتت عصية على الفهم وفوق مستوى التصور والخيال. شوارع تحفر من منتصفها ثم تغطى وبعد أيام تعود ذات الحفر من ذات الجهات. الأمانة تطلق عليها الحفر الوعائية، لكن الأمطار تتحدث وتملأ الوعائية وغير الوعائية لتحدث ثغرات ومطبات وطبقات على الاسفلت ما تسبب في زيادة انزعاج قائدي المركبات جراء الضرر الذي تعرضت له سياراتهم نتيجة تعثر عجلاتها في الحفر. سكان جدة العروس قلقون على الحال بعدما تم حفر كل الحفر التي تمت تغطيتها، ويرى كثيرون ان السبب في ذلك يعود الى الرداءة في التنفيذ والغش في المواد المستخدمة، خصوصا ان الامانة أعلنت في وقت سابق القضاء على كل الحفر الوعائية باستخدام أرقى طرق الرصد من خلال مشروعها الذي أطلقته في وقت سابق، ويتندر البعض بالقول «إن عمليات الترقيع مجرد أصباغ لا يمكن تغييرها بالتجميل». شاكر عوض المطيري، من سكان حي بني مالك، قال إن السكان لم يتوقعوا أن تعيد زخات المطر البسيطة الحفر من جديد ليعود مسلسل الأضرار، حيث أدى انتشار الحفر والهبوطات الأرضية في بعض الطرق الرئيسة الى أضرار مادية للعابرين. وأضاف «فوجئت وأنا في طريقي من المنزل لقضاء بعض الحاجيات في شارع فلسطين بحفرة في منتصف الشارع اصطادت سيارتي لتذهب ضحية لها ما كلفني مبالغ طائلة لإصلاح أذرعتها». عودة النضارة فهد الجهني من سكان حي الجامعة دعا الأمانة إلى ضرورة تطبيق الأنظمة بصرامة مع الشركات المتعاقدة لأنها لا تلتزم بأداء واجبها على أكمل وجه. مشيرا الى انشغال عمالها في أنشطة تحقق لهم أرباحا شخصية وتجاهلوا المهمات الأساسية الموكلة إليهم. وفي الكيلو 14 قال محمد القحطاني انه مندهش على حال بعض الطرق وأضاف «يبدو أن مسلسل التجمعات المائية وما يصاحبها من حفر وعائية وخلل في البنية التحتية سيستمر الى وقت طويل ما لم يتم العمل بشكل عاجل وسريع للانتهاء من شبكة التصريف التي أرى أنها الحل الوحيد لإعادة نضارة عروس البحر الأحمر». ألغاز وطلاسم عبدالله المهداوي من سكان حي العدل يعتقد أن هناك سرا وراء الحفر وطلاسمها لا يقف عند حدود التلف الذي تتعرض له معظم الطبقات الأسفلتية بل يتعدى إلى أبعد من ذلك، خصوصا ظاهرة الحفر وإعادة الحفر في الشوارع لتنفيذ بعض المشاريع البسيطة والتمديدات. وأشار إلى أن شركات مقاولات متعاقدة مع الجهات المختصة تأتي صباحا لإنشاء حفريات في الشوارع وتبقيها على حالها عدة أيام ثم تأتي لتطمرها وبعد أيام يفاجأ العابرون أن المكان المطمور ذاته يشهد عمليات حفر جديدة. يضيف محمد السلمي من حي قويزة أن الحديث عن شوارع جدة أصبح مكرورا ومملا، فالحال يغني عن الكلام. والكل متفق على أن الطرق كلها صارت متآكلة مهترئة بفعل الحفريات المستمرة وتصدعات الأسفلت والطفح وتسربات المياه الجوفية وملوحة الأرض. ويضيف: الملاحظ أن تنفيذ الحفريات يحدث في غالب الأحوال دون تخطيط، إذ أن بعض الحفريات لا تبعد غير أمتار عن حفريات أخرى في الموقع ذاته أو لا يفصل بين فترتي العمل الأولى والثانية إلا عدة أشهر، فأصبحت عروس البحر الأحمر منطقة حفريات كبيرة لا يدري المواطنون متى تكتمل. ويطالب السلمي الجهات الخدمية بالتنسيق فيما بينها لإنجاز أعمالها. متابعة الحفر إلكترونيا في المقابل يرى مصدر مسؤول في أمانة جدة ان استخدام تقنية تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية لرصد الحفر الوعائية سهل مهمة التحديد والرصد والمتابعة. موضحا أن ملاحقة جميع المواقع تتم بشكل تقني. وتتم إعادة تأهيل التالف وإصلاحه بشكل مباشر. وفيما يتعلق بالحفريات الخاصة بالمشاريع قال المصدر انه تم تخصيص فريق من المراقبين لمتابعة ورصد مخالفات شركات الخدمات التي تعمل في شوارع جدة والتي تنفذ أعمال الحفر مع مراقبة التشوهات. وأضاف المصدر «اتخذنا عدة إجراءات ضد بعض الشركات المخالفة بهدف الحد من تجاوزاتها وفي مقدمة العقوبات فرض غرامات». ووفقا للمصدر فإنه تم تطبيق نظام الحفريات الإلكترونية الذي يأتي مواكبا للتطبيقات واللوائح والاشتراطات الصادرة من وزارة الشؤون البلدية والقروية والخاصة بأعمال تمديدات الخدمات بهدف تحسين علاقة العمل والتنسيق بين المؤسسات الحكومية المختلفة والمقاولين المعتمدين لأعمال الحفريات للاستفادة من التقنيات الحديثة في إنهاء كافة المعاملات بكفاءة وفعالية. وأضاف المصدر أن النظام الجديد حرر العاملين من المعاملات الورقية ومكن مقاولي الحفريات من الاستعانة بكافة الخرائط الرقمية. وأشار المصدر إلى تطوير نظام الحفريات الإلكترونية لربط كافة الجهات واستعراض المسار الحقيقي للحفريات بالإحداثيات. من جهته أوضح مدير مرور محافظة جدة اللواء محمد القحطاني أن الشعبة الهندسية في إدارته تتابع أوضاع الطرق والشوارع. كما أن هناك تعاونا بين إدارته والأمانة في جانب تمرير البلاغات بالملاحظات عن مواقع الحفر ليتم إصلاحها ممتدحا سرعة الاستجابة من الفرق المعنية في الأمانة.