لا تظن عزيزي القارئ أن تلك القطعة التي تقتنيها في منزلك وتصنع من الخشب أو المعدن والتي يطلق عليها اسم «الشماعة» أو المشجب، تستخدم فقط في تعليق الملابس! أبدا، فلها استخدامات أخرى جد كثيرة! فهناك من يستخدمها كل صباح قبل خروجه باتجاه عمله في تعليق ضميره عليها، وهناك من يعلق ابتسامته وحسن تعامله وتفاؤله عليها، وهناك من يعلق صدقه وتواضعه وتلقائيته عليها، وأنا على يقين بأنك صادفت أحدهم أكثر من مرة! لا تعتقد ذلك؟ حسن، سأنعش ذاكرتك.. ألم يحدث يوما أن شاهدت مديرا أو موظفا يخون الأمانة الملقاة على عاتقه سواء كنت مراجعا أو زميلا؟، أم أنك لم تلتقِ ذات صباح بذوي الوجوه العابسة المكفهرة والأخلاق السيئة الغارقين في بحر من التشاؤم؟، ولم تتعامل قط مع ذلك الكاذب والمتكلف المغرور؟.. بالتأكيد أنك فعلت. لكن في المقابل يوجد على ظهر هذه الأرض من يعلق كل الهموم والمشاكل والمواقف التي نغصت عليه يومه على تلك الشماعة حين يخطو أول خطوة داخل منزله، حرصا منه وحبا لعائلته الصغيرة التي تنتظره بلهفة نهاية كل يوم، ومن يعلق كل إخفاقاته وينطلق بإرادة جديدة وروح قوية نحو أهدافه كل يوم دون تقاعس إلى أن يصل، ومن يعلق مركزه الاجتماعي وثراءه وسعة علمه ونسبه ويتباسط مع الآخر دون حواجز، لكن ما علاقة الشماعة بالثقافة؟.. سأخبرك. من منطلق أن السلوك ثقافة تكتسب وتهذب، أقول بأن هناك فئة تعيش بيننا وتنتهج ثقافة التملص من مسؤولياتها بأن تستخدم الآخرين كشماعة تعلق عليها كل ما ترتكبه من أخطاء وما تقع فيه من مآزق، وقد يكون هذا الفعل مقصودا بهدف انتقاص الآخرين وإشعارهم بأنهم أقل قدرا ولا يجيدون فعل أي شيء على الوجه الصحيح، أو غير مقصود بسبب وجود مشكلة ما كضعف الثقة في النفس وعدم القدرة على مواجهة تبعات ما يقعون فيه جراء سوء فعل أو تهور! و في كلتا الحالتين.. لا يوجد أي جانب مضيء للأمر أيا كان القصد، فهو من أكثر العوائق فتكا بالمنظومة المجتمعية! أخيرا، أقول: فكر جيدا قبل أن تخرج من منزلك أو تدخله، واسأل نفسك: ترى ماذا سأعلق اليوم وماذا سآخذ؟ [email protected]