قبل أيام ذهبنا ومجموعة من الأصدقاء لتناول العشاء في أحد فنادق الرياض الشهيرة، وحين أحضر النادل قائمة الطعام إذا بها مكتوبة كلها باللغة الانجليزية، بالنسبة لأولئك الذين يقرؤون الانجليزية لم يشعروا بفداحة المشكلة قرأوا ما كتب واختاروا منه ما يشاؤون، ولكن بالنسبة للذين كانوا لا يقرؤون الانجليزية وجدوا صعوبة في الأمر فطلبوا من النادل أن يحضر لهم قائمة أخرى مكتوبة باللغة العربية إلا أن النادل أجابهم معتذرا أن المطعم ليس عنده سوى قائمة طعام واحدة مكتوبة باللغة الانجليزية!! بدت علامات التعجب ومشاعر الخيبة مرسومة على ملامح الحاضرين! هل نحن ما زلنا على أرض بلادنا؟! أم أن جنيا خطفنا على جناحه إلى أرض أجنبية؟ أي موقف هذا!! وأي غربة تشعر بها وأنت في وسط بلدك!! لك أن تقارن هذا الموقف بما يقابلك أحيانا حين تزور بلدانا أخرى غير عربية، فتجد نفسك في بعض المرات أمام مشكلة قراءة قائمة الطعام الموضوعة أمامك والمكتوبة بلغة أهل البلد وحدها، وقد تستجير بالنادل فيجيرك إن كان يتحدث الانجليزية ويشرح لك ما غمض عليك من أصناف الطعام أما إن كان لا حظ له في اللغة الانجليزية فما لك سوى أن تغمض عينيك وتترك الخيار للحظ يأتي لك بما يشاء على مبدأ (شختك بختك). هنا لغة القوم مهجورة، وهناك لا لغة أخرى سوى لغة القوم!! في بلادنا تجد الفنادق الكبرى تعد مخاطباتها وقوائم الطعام في مطاعمها وفواتير الحساب وغيرها تعدها جميعها باللغة الانجليزية، أما إن أردت شيئا من ذلك باللغة العربية فعليك أن تقدم طلبا خاصا، ومثله محادثات التلفون التي تبادرك اجابتها باللغة الانجليزية مثل خدمة الغرف والكونسيرج والاستقبال، بمجرد ما تهبط قدمك حمى الفندق الضخم عليك أن تنسى أنك في بلدك العربي الهوية. هذا الهجر للغة العربية لا أظنه متعمدا من أصحاب رؤوس الأموال المستثمرين، وتفسيري له أنه يعكس المثل القائل (الجود من الموجود)، فما دام أن إدارة الفندق والعاملين فيها لا يعرفون اللغة العربية فإنهم يكتفون في تسيير شؤون العمل باللغة الانجليزية التي يعرفونها متجاهلين تماما سيادة اللغة العربية في بلدها وحقها في التقديم. وهذا ما يجعلني هنا أسأل أصحاب الأعمال الذين يشترطون على أبناء بلدهم إجادة اللغة الانجليزية متى تقدموا بطلب العمل بحجة حاجة العمل للغة الانجليزية، كيف لا يشترطون أيضا على العمالة الأجنبية إجادة اللغة العربية لضرورة التعامل بها؟ أم أنهم لا يرون ضرورة للتعامل باللغة العربية؟ إن كان ثمة لوم فإنه ليس موجها لأصحاب الأعمال وحدهم، فهم أولا وأخيرا تجار يبحثون عن نجاح تجارتهم ليس إلا، لكن اللوم موجه بالدرجة الأولى للجهات المسؤولة عنهم مثل وزارة التجارة ووزارة العمل وهيئة السياحة، حيث لا توجد عقوبات ساخنة تطبق على من يهمل اللغة العربية ويقصر في رفعها إلى المكانة الجديرة بها ليجعل منها السيدة الأولى في كل حين!! فاكس 4555382-1 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة