البيان الأخير لوزارة العمل عن برنامج (نطاقات) تأخر كثيرا في إيضاحاته، حتى بدا وكأنه يدفع عنها شبهة أو تهمة «الاستثناءات» مع أنها ليست شبهة ولا تهمة بالنسبة لقطاعات بعينها، لا ولن يعمل بها سعوديون بالعدد الكافي مثل شركات النظافة والمقاولات وما على شاكلتها إلا في حدود الأعمال الإدارية والإشرافية التي يمكن توطينها. عدم وضوح ذلك منذ تطبيق البرنامج نتج عنه ضبابية ومشكلات وعثرات، وكان يمكن تسهيل إجراءات هذه الأنشطة بأنظمة أكثر مرونة لا تترك تسيبا ولا تعثرا، طالما سوق العمل يحتاج إلى العمالة الدنيا، ولم ندفع إليه بسباكين ونجارين وحدادين سعوديين، بل إن بعضنا يستنكر مجرد الحديث عن ذلك. التعامل مع الجميع بآخر الدواء (الكي) وما نتج عنه من تعثر شركات ومؤسسات لديها تعاقدات حكومية وأهلية سواء ما يتعلق بنطاقات أو الرسوم الجديدة، قابله اعتراضات عالية الصوت من الغرف التجارية ولجان المقاولات التي نظرت إلى وزارة العمل وكأنها ترفع شعار (أنا ومن بعدي الطوفان) ورد من الوزارة بنفس العيار. بالقطع لا بد من التصدي للبطالة بحسم، بعد سنوات طويلة من التراخي لم تنفع معها إجراءات تحفيزية وخطاب وطني، حتى تورمت المصالح الشخصية واستفحل التستر وتجارة التأشيرات الوهمية، وضعف استجابة معظم القطاع الخاص مع توطين الوظائف فيما يوجد نحو 1.5 مليون مواطن ومواطنة بدون عمل، حتى أظهرت وزارة العمل (عيونها الحمراء والصفراء والخضراء) وبمعنى آخر «الجزرة لمن استجاب، والعصا لمن عصى». الإجراءات الجديدة مطلوبة لزمن معلوم وليس إلى أجل غير مسمى حتى يتم تصحيح الخلل في سوق العمل، ولا بد أيضا من التدريب وليس فقط الحوافز المادية للمؤسسات المتجاوبة حتى لا يصبح المواطن رقما في مزاد التوظيف لمجرد أنه سعودي. أيضا المؤسسات الصغيرة جدا كثير منها يفتح بيوت أصحابها وليسوا متسترين ولا تجار تأشيرات، ومن الغبن التضييق على هؤلاء ووضع الجميع في سلة واحدة. لذا لا بد من التقييم للنتائج وإعلانها من الوزارة، ومرونة من الأنظمة لصالح كل الأطراف. فكثير من الدول وخاصة المتقدمة حسمت أمرها في مسألة الأنشطة الدنيا، وتستعين فيها بغير مواطنيها وحتى في مختلف المهن، لأن لديها أنظمة وآليات مستقرة، فلا تقع في إرباكات، ولا تضطر مثلنا أن تمسك بمشرط الجراح.