أعلنت وزارة العمل اليوم عن برنامج تحفيز المنشآت لتوطين الوظائف "نطاقات" الذي يضع معايير جديدة وملزمة لتقييم المنشآت في توطين الوظائف، ويفرق في التعامل بين منشآت القطاع الخاص ذات معدلات التوطين المرتفعة، والأخرى غير الراغبة في التوطين، وذلك بربط البرنامج بمصفوفة متدرجة من الحوافز والتسهيلات التي تتأهل لها المنشآت حسب معدلات توطين الوظائف بها. ويصنف البرنامج الجديد منشآت القطاع الخاص إلى ثلاثة نطاقات ملونة "الخضراء والصفراء والحمراء" حسب معدلات التوطين المحققة بتلك المنشآت، بحيث تقع المنشآت المحققة لنسب توطين مرتفعة في النطاق الأخضر، بينما تقع المنشآت الأقل توطيناً في النطاقين الأصفر ثم الأحمر على التوالي، حسب معدلات التوطين بها.
وسيتم حرمان المنشآت الواقعة في النطاق الأحمر من تجديد رخصة عمل العمالة الوافدة، كما ستمنح المنشآت الواقعة في النطاق الأخضر حرية انتقاء وتوظيف ونقل كفالة العمالة الوافدة من المنشآت الواقعة في النطاقين الأحمر والأصفر، دون موافقة صاحب العمل، كما سيتم الإعلان في التاسع من شهر رجب القادم عن تفاصيل المزايا والتسهيلات الإضافية - من خلال موقع وزارة العمل الإلكتروني - التي ستستفيد منها المنشآت "الخضراء" بينما سيحرم منها المنشآت "الصفراء" و"الحمراء".
وصرح وزير العمل المهندس عادل بن محمد فقيه أنه خلافاً لنسب التوطين "السعودة" السابقة التي حددت مسبقاً نسبة شبه موحدة لتوطين الوظائف بقطاعات العمل الخاص فإن معدلات برنامج "نطاقات" واقعية ومستوحاة من واقع السوق، ومن واقع المعدلات المحققة بالفعل في المنشآت، وقد تم تصميم البرنامج على أن تقع غالبية المنشآت في النطاق الأخضر، مما يضمن قوة تطبيق البرنامج وضمان استمرارية دوران عجلة الاقتصاد. وأفاد أن معدلات التوطين ببرنامج "نطاقات" راعت خصوصيات أنشطة وأحجام العمالة بالمنشآت، وتمت دراستها في العديد من ورش العمل واللقاءات، التي ضمت ممثلين عن الوزارة والمختصين بتنمية الموارد البشرية والاقتصاديين وممثلي القطاع الخاص. وتهدف الوزارة من خلال برنامج "نطاقات" إلى استخدام معدلات توطين الوظائف كميزة تنافسية بين منشآت القطاع الخاص، تؤهل المنشآت الملتزمة والواقعة داخل "النطاق الأخضر" من الحصول على حزمة من التسهيلات والمحفزات، مما يسهل من معاملاتها العمالية ويعطيها المرونة الكافية لتحقيق مستويات نمو متصاعدة، كما يهدف البرنامج إلى خلق قدر من التوازن بين مميزات التوظيف للعامل الوافد والعامل السعودي، من خلال رفع تكلفة الاحتفاظ بالعمالة الوافدة في المنشآت ذات معدلات التوطين المتدنية. وخلافاً لبرامج التوطين السابقة، يفرق برنامج "نطاقات" بين المنشآت الخضراء الملتزمة بمعدلات التوطين وتلك الحمراء المقاومة له، من خلال مصفوفة الحوافز الذكية التي تتأهل لها المنشآت "آلياً" التي تكافئ المنشآت الخضراء، وتمنع التسهيلات عن المنشآت الحمراء، وتعطي مهلة للمنشآت الصفراء لتتمكن من تعديل أوضاعها قبل حرمانها من تلك الخدمات، ومن المتوقع أن يؤدي البرنامج إلى إعادة توزيع تسهيلات الوزارة من تأشيرات استقدام ورخص عمل وتوجيهها للمنشآت الراغبة في توطين الوظائف والملتزمة بالاستثمار في رأس المال البشري السعودي؛ بغرض الدفع بعجلة نمو الاقتصاد الوطني. وأشار فقيه إلى أن الوزارة سوف تعلن عن تفاصيل تقييم المنشآت في التاسع من شهر رجب من العام الحالي، وبالتالي التصنيف النهائي للمنشآت إلى نطاقات أخضر وأصفر وأحمر، وأكد أن على المنشآت أن تقوم منذ الآن وحتى حلول ذلك التاريخ باستكمال تسجيل موظفيها السعوديين لدى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية؛ لضمان احتسابهم في معدلات التوطين، مما يرفع من درجة تقييم التوطين بالمنشأة في الوقت الذي يضمن خلق بيئة عمل أفضل للعمالة السعودية. والجدير بالذكر أن وزارة العمل ستعتمد في تقييم نسب التوطين بمنشآت القطاع الخاص على قاعدة بيانات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، الذي سيحتسب آلياً في الموقع الإلكتروني للوزارة. وأوضح وزير العمل أن برنامج "نطاقات" يعد أحد أدوات مراقبة سوق العمل السعودي، التي تهدف إلى تحقيق معدلات نمو متزايدة لتوطين الوظائف بالقطاع الخاص، والوصول بمعدلات البطالة إلى مستوياتها الدنيا. وعن آليات المتابعة والإشراف الخاصة بالبرنامج أشار فقيه إلى أن فرق التوطين والمتابعة بمكاتب العمل ستعمل على التأكد من امتثال القطاع الخاص لمعدلات التوطين الجديدة من خلال جولات التفتيش الميدانية. وأضاف أن خادم الحرمين الشريفين وجَّه باعتماد توفير 1000 وظيفة جديدة، ليتم تعيين مفتشين إضافيين على مستوى المملكة، من أجل الاستعانة بهم في برنامج "نطاقات". وشدد الوزير على أنهم مصممون في الوزارة على تحقيق اختراق حقيقي على جبهة التوطين الوظيفي، وسيظل توفير وظائف للأيدي العاملة الوطنية واجباً لا حياد عنه، وقال: "علينا جميعاً أن نعي أن توطين الوظائف أصبح ضرورة وطنية مُلحة وليس مجرد اختيار".
وقد قدرت آخر الإحصاءات الرسمية أعداد الباحثين عن عمل من الأيدي العاملة الوطنية بنحو 448 ألف مواطن ومواطنة، علماً أن المؤشرات الأولية التي يمكن الحصول عليها من برنامج حافز تعطي انطباعاً أن عدد الباحثين والباحثات عن العمل ربما يفوق هذا الرقم بمراحل، في مقابل ما يزيد على ثمانية ملايين عامل وافد، يعمل أكثر من ستة ملايين منهم في القطاع الخاص بكافة الأنشطة الاقتصادية، ويكلفون الاقتصاد الوطني فاتورة سنوية تبلغ نحو 98 مليار ريال، في صورة حوالات مصرفية إلى بلدانهم الأصلية "حسب آخر بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي" بالإضافة إلى التكاليف غير المباشرة نتيجة الضغط المتزايد على قطاعات المرافق والخدمات في جميع مدن وقرى المملكة.
كما قدرت الإحصائيات الرسمية نسبة الزيادة السنوية للعمالة الوافدة بنحو 5% وهي ضعف معدل نمو السكان السعوديين، الأمر الذي يؤدي إلى اختلال واضح داخل سوق العمل السعودي، ويحرم المواطنين تدريجياً من فرصهم العادلة في التنافس للحصول على الوظائف بالقطاع الخاص، وبخاصة مع تدني تكلفة العامل الوافد مقارنة بالسعودي، التي غالباً ما يأخذها القطاع الخاص بعين الاعتبار بغض النظر عن الحاجة الوطنية الملحة لتعديل مسار توطين الوظائف داخل القطاع، وانعكاساته على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والأمني.
وأفاد وزير العمل أن فرق العمل المكلفة بالمتابعة والإشراف على تطوير برامج "نطاقات" عملت خلال الفترة الماضية على فتح قنوات الاتصال مع كل أطراف سوق العمل السعودي ومؤسسات المجتمع المدني؛ لتبادل الآراء والوصول لحلول واقعية وعادلة تتناول تحديات التوطين والبطالة، من منطلق يتسم بالمسؤولية والمشاركة المجتمعية.
كما شدد على أهمية الدور الحيوي للقطاع الخاص في إنجاح برامج التوطين، من خلال خلق بيئة عمل صحية وجاذبة للموظف السعودي، وأفاد معاليه أنه بتعاون أصحاب العمل سيكون النجاح بأقل التكاليف، وسيكون مربحاً على المدى البعيد، فأجر الموظف السعودي يضخ مرة ثانية في الدورة الاقتصادية الوطنية، فينعش مرافقها وخدماتها، وبالتالي يساعد على نمو الاقتصاد وخلق المزيد من الفرص الوظيفية الجديدة التي تستفيد منها الأيدي العاملة الوطنية، ناهيك عن تحصين الوطن ضد آفات البطالة.
وأضاف فقيه أنه لا يعقل أن يقوم صاحب العمل بالاستعانة بأفضل الاستشاريين والتقنيات والمواد في التخطيط لأي مشروع، ولكن حينما يتعرض لتحدي توفير العامل البشري يكون الاختيار والاتجاه دائماً إلى استقدام العمالة الوافدة، ولا يتم التخطيط بالجودة نفسها لتدريب وتطوير العمالة الوطنية، في الوقت الذي يجب أن نعي فيه أن الاستثمار في استقطاب وتطوير وتدريب الموارد البشرية له الأهمية نفسها التي نتعامل بها مع إتقان إدارة جميع العناصر الأخرى المكونة لأي مشروع اقتصادي ناجح.
وأوضح أنه بالرغم من كل الجهود الرسمية الحثيثة إلا أن خطط توطين الوظائف بالقطاع الخاص السعودي في السابق لم تلق النجاح المنشود لأسباب عديدة ومركبة، مضيفاً أن نسب العمالة الوطنية بالمنشآت الخاصة لم تتجاوز حاجز ال10% من إجمالي قوة العمل بالسوق، على الرغم من أن 84% من إجمالي العمالة الوافدة إلى المملكة تحمل شهادات الثانوية فقط ومن غير المتخصصين، أي أن بالإمكان إحلالها بالعمالة الوطنية تدريجياً بالتعاون مع القطاع الخاص.