أسفرت نتائج المرحلة الأولى للاستفتاء في مصر، والتي شملت عشر محافظات تضم حوالي نصف القوة التصويتية، عن تصويت حوالي 56% مع الدستور، ورفض حوالي 44% لهذا الدستور. وتركز القوى السياسية المختلفة على الجولة الثانية من الاستفتاء، والتي من المقرر أن تجرى يوم السبت القادم لحسم الموقف بصورة نهائية، وإن كانت الشواهد تشير إلى أنه من المرجح أن تكون النتيجة النهائية للاستفتاء في صالح وجهة النظر المؤيدة له، والتي تبنتها الأحزاب الإسلامية، ولكن بدون أغلبية ساحقة، والسؤال هنا ماذا بعد ذلك؟، وهل ينهي الاستفتاء الأزمة السياسية الحالية في مصر؟ الواضح أن هناك انقساما واضحا تتزايد مظاهره على الساحة السياسية وأن طرفي الانقسام، القوى والأحزاب الإسلامية، وقوى وأحزاب وجماعات التيار المدني تواصل تعميق الانقسام والتوتر فيما بينها، وهو ما يزيد من حدة الاحتقان والتوتر الداخلي، وأنه لا توجد شواهد حتى الآن على أي من أطراف العملية السياسية المتنافسين لديه استعدادا للتفاهم أو تحقيق نوع من التصالح بل إن ما يصدر من تصريحات من كافة التيارات تؤكد أن الطرفين يمارسان العملية السياسية طبقا للنظرية الصفرية، أي أن يحصل طرف على كل شيء ولا يحصل الآخر على شيء. ولا شك أن ما شهدته مصر خلال المرحلة الأولى من الاستفتاء من مواجهات بين أنصار الطرفين، والشكوك المتباينة تؤكد على تزايد مظاهر فقدان الثقة بين الطرفين، ويتوقع الكثير من المراقبين أن الأسبوع الجاري سوف يشهد تصعيدا لمظاهر هذه المواجهة في إطار محاولات الطرفين لحشد أكبر عدد من الأنصار للمرحلة الثانية، وهو ما يؤكد أن الأزمة في مصر سوف تتواصل وتتعمق. وأن المخرج الوحيد هو أن تدرك كافة القوى السياسية أنه من الضروري تقديم تنازلات لتحقيق التقارب والتوافق، وأنه لن يكون في مقدور طرف إبعاد الطرف الآخر أو القضاء عليه. وأن على أجهزة الدولة المعنية مواجهة حالة الانفلات السياسي والبلطجة التي يقوم بها البعض لإرهاب أجهزة الإعلام حتى يستعيد الشارع المصري ثقته في تلك الأجهزة، وتعبر مصر هذه المرحلة بأقل قدر من الخسائر.