الإقبال الكثيف في يوم الاستفتاء على الدستور، رغم تباين مواقف المستفتين بين مؤيد وبين معارض يظهر أن مصر لا تزال بخير رغم كل مظاهر الانقسام والعراك السياسي الذي شهدته مصر في الأسابيع الأخيرة. ومع هذا فإن الاستفتاء وخاصة في مرحلته الأولى يمثل اختباراً جدياً للحالة السياسية التي تشهدها مصر وما ستكون عليه بعد الإعلان عن نتيجة الاستفتاء بعد إنجاز المرحلة الثانية بعد أسبوع. ومع أن كل طرف يشيع بأنه سيتجاوز امتحان صناديق الاستفتاء، فجماعة الإخوان المسلمين وحلفاؤها من السلفيين يسعون إلى تحقيق نسبة عالية من التأييد لمسودة الدستور تتجاوز ال75 بالمائة، في حين يشيع الرافضون للدستور من جبهة المعارضين التي تضم أحزاب الدستور والمؤتمر والتيار الشعبي بأنهم يتوقعون أن يصوت المصريون وبنسبة عالية لرفض الدستور. نتيجة الاستفتاء سيتأخر الإعلان عنها حتى تنتهي المرحلة الثانية بعد أسبوع، والإقبال الكبير من قبل الناخبين مما اضطُّر إلى تمديد زمن التصويت في عدد من مراكز التصويت لا يعطي مؤشراً على من كسب المرحلة الأولى، فهؤلاء الذين وضعوا خياراتهم في صناديق الاستفتاء لا يمكن حصرهم بجماعة المؤيدين وأيضاً لا يمكن اعتبارهم من الرافضين، إلا أن الشيء الذي بان للجميع هو أن الرئيس محمد مرسي وحكومته قد كسبت تحدي إجراء الاستفتاء بعد خمسة عشر يوماً من تسلم مسودة الدستور من اللجنة التأسيسية، وأن يوم استفتاء المرحلة الأولى قد مرَّ بسلام رغم حصول تجاوزات هي متوقعة وتحصل في مثل هذه المناسبات خاصة في ضوء قلة القضاة واعتذار عدد كبير منهم. أيضاً يسجل لمرسي وحكومته الإقبال الشديد على مراكز الاقتراع بغض النظر عن نتيجة التصويت، فالأعداد الكبيرة التي تجمعت أمام مراكز الاقتراع يظهر تفاعلاً من قبل المواطنين المصريين وأنهم بتوجههم للإدلاء بأصواتهم يظهر أنهم راجعوا مسودة الدستور، وهذا بدوره أشعل الحراك السياسي في مصر وهو تطور إيجابي رغم ما رافق ذلك من عنف سياسي لفظي وجسدي سقط على أثره مئات المصريين جرحى وتسبب في مقتل عشرة مصريين أبرياء. [email protected]