رحب علماء الأمة بقرارات المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي في دورته ال 21 التي اختتمت نهاية الأسبوع الماضي، بعد مداولات بين الفقهاء والمتخصصين في مختلف المجالات داخل أروقة المجمع في مكةالمكرمة، داعين لمزيد من الاجتماعات الفقهية لدراسة نوازل الأمة سواء في المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي أو مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، أو مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر، أو غيرها من المجامع الفقهية في أنحاء العالم. ومن ضمن قرارات المجمع: (حق الولي فيما يتعلق بمرض المولى عليه)، وتدارس أعضاء المجمع حق الولي في الإذن بعلاج المولى عليه، أو إجراء جراحة علاجية له، إن كان المولى عليه لا يستقل بأمر نفسه، أو كان في حالة يتعذر معها الحصول على إذنه. من هنا، استمع أعضاء المجمع إلى الأبحاث المقدمة في هذا الشأن، وتداولوها بالمناقشات واستصحاب الأصول الشرعية والقواعد المرعية في ذلك، مناه: أن الأصل أن عدم إجراء عمل طبي على بدن الإنسان إلا بعد الإذن فيه منه أو من وليه إذا أمكن حضوره، فإن لم يمكن انتقلت الولاية إلى من يليه، الأمر الآخر: الأصل أن الولي إنما يتصرف بما فيه المصلحة للمولى عليه. وبناء على ذلك؛ أصدر المجمع أربع قرارات في شأن (حق الولي فيما يتعلق بمرض المولى عليه)، الأول: يجب على ولي المريض أن يأذن بالإجراء الطبي إذا كان فيه مصلحة راجحة للمريض، الثاني: إذا كانت حالة المريض المولى عليه لا تحتمل التأخير وكانت حياته في خطر تفضي إلى تلف عضو من أعضائه أو فوات منفعة فلا يتوقف علاجه أو مداوته على إذنه أو إذن الولي عليه، القرار الثالث: لا يجوز لولي المريض أن يأذن بعمل طبي أو جراحي فيه ضرر على المريض المولى عليه فإن أصر الولي على الإذن بما فيه ضرر للمولى عليه أو امتنع عن الإذن بما فيه مصلحة راجحة انتقلت الولاية لمن بعده في ترتيب الأولياء، الرابع: الذي يقرر الحاجة إلى العلاج أو الجراحة أو عدمهما للمريض هي لجنة طبية متخصصة مأمونة. أما الموضوع الأكثر مناقشة داخل أروقة المجمع الفقهي سواء كانت داخل قاعة الاجتماع أو خارجها فهو موضوع (مدة انتظار المفقود)، وهو الذي انقطع خبره فلا تعلم عنه حياة ولا موت، وتترتب على حياته أو مماته آثار متعلقة بأسرته وأمواله. ودارت مناقشات مستفيضة بين أعضاء المجمع في ذلك الموضوع، حيث تبين لأعضاء المجلس أنها مسألة اجتهادية لم يرد فيها نص خاص بها في الكتاب والسنة، ولكن هناك بعض الآثار عن الصحابة الكرام رضوان الله عليهم. وبناء على ذلك، وإعمالا للمقاصد العامة للشريعة الإسلامية، وقاعدة: رفع الحرج ودفع الضرر، والاحتياط في الأبضاع والأنساب؛ أصدر المجمع ثلاثة قرارات في موضوع (مدة انتظار المفقود)، الأول: ينتظر في المفقود فلا يحكم بموته حتى يثبت ما يؤد حاله من موت أو حياة ويترك تحديد المدة التي تنتظر للمفقود للقاضي، بحيث لا تقل عن سنة ولا تزيد عن أربع سنوات من تاريخ فقده ويستعين في ذلك بالوسائل المعاصرة في البحث والاتصال، وتراعى ظروف كل حالة وملابساتها ويحكم بما يغلب على ظنه فيها، القرار الثاني: بعد انتهاء المدة التي يقررها القاضي يحكم بوفاة المفقود وتقسم أمواله وتعتد زوجته وتترتب آثار الوفاة المقررة شرعا، أما القرار الثالث: للزوجة إذا تضررت من مدة انتظار زوجها المفقود أن ترفع أمرها للقاضي للتفريق بينها وبين زوجها المفقود للضرر وفق الشروط الشرعية لهذا النوع من التفريق. وفي موضوع (أكثر مدة الحمل)، الذي لم يرد فيه نص صريح من الكتاب والسنة يحدد أكثر مدة الحمل، ولكن الطب الحديث لم يثبت عبر التحايل الطبية والتصوير بالموجات فوق الصوتية أن واصل الحياة حمل داخل الرحم لأكثر من تسعة أشهر إلا لأسابيع قليلة، وأن ملايين المواليد الذين سجل تأريخ بدء حملهم ووقت ولادتهم لم تسجل حالة واحدة دام حمله أكثر من تسعة أشهر، وبما أن الشريعة لا تتعارض مع ما ثبت من العلم، فإن المجمع أصدر قرارين هما: أكثر مدة الحمل سنة من تاريخ الفرقة بين الزوجين لاستيعاب احتمال ما يقع من الخطأ في الحساب، والثاني: أي ادعاء بحمل يزيد عن السنة يحال إلى القاضي للبت فيه مستعينا بلجنة شرعية طبية. أما موضوع (زكاة الدائن للدين الاستثماري المؤجل)، فقد أصدر المجمع أربع قرارات، الأول: تجب الزكاة في الدين المؤجل غير المرجو سداده لأي سبب كان كالدين على المفلس أو المماطل أو الجاحد، الثاني: تجب الزكاة في الديون الاستثمارية المؤجلة المرجو سدادها كل حول قمري كالديون الحالة تماما، القرار الثالث: يزكى أصل الدين الاستثماري المقسط مع ربح العام الذي تخرج فيه الزكاة دون أرباح الأعوام اللاحقة، الرابع: إذا كان الدين الاستثماري مؤجلا لسنوات ويستوفى كاملا فيجوز تأخير الزكاة لحين قبضه ويزكى للأعوام الماضية.