يشكل الاستفتاء على الدستور الجديد في مصر حدثا بارزا في مسار الربيع العربي على المستوى السياسي، فهو اختبار متقدم لمزاج ما يقرب من ثلث العالم العربي سكانا بإزاء مواقفهم وحماسهم لمسار ذلك الربيع وتداعياته. ولعل نتائجه قد تحسم المسيرة السياسية لواحدة من أهم مواقع الإخوان من حيث تأثيرها وحجمها وربما موقعها على المستوى الاجتماعي والجغرافي، فليس مستغربا بعد الاستقرار المصري الدخول في عميلة سياسية شاملة بعد المصالحة في فلسطين ضمن قراءة سياسية واقعية تسمح لعناوين النمو وعودة الاحتضان العربي أن تكونا مادتين أساسيتين تشكلان عنوانا لتطوير ورقة السلام العربية وفق ما نادى به رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم. فيبدو أن الغد السياسي العربي الخالي من نظام بشار والمتغير على مستوى الواقع المصري والمتصالح مع الوضع الفلسطيني مضافا إليه حالة التماسك الكبيرة التي يحملها مجلس التعاون الخليجي والحكمة الكبيرة التي يتحلى بها، كلها عوامل قد تساعد على إعادة صياغة متأنية لمبادرة سلام عربية تراعي المتغير في الواقع السياسي وتحقق طموحات الشعوب العربية وحتى الإسلامية في رؤية الأنظمة وهي تسعى لتحصيل وحماية وتحصين حقوقهم التاريخية والوطنية وحتى الدينية. فلا ريب أن استفتاء مصر هو استفتاء لمسيرة ما يقرب من ثلاث سنوات من الحراك العربي المتواصل وأن الدستور المصري المنتج على عجل ربما بعيد تشكيل اللعبة الديمقراطية المصرية بما يتيح الإفادة من مناخ المعارضة الإيجابي لكن مع سحب حالة العنف في التعبير التي سادت أوساط المصريين في الفترة الأخيرة، فحسنا فعل مرسي بالاستمرار وعدم المراوحة، لكن إن أقر الدستور فعليه التصرف على أساس أنه رئيس نال شرعيته من الثورة. وبدلا من «حشر المعارضة» في الزاوية، كان لا بد من إشراكها في حكومات وحدة وطنية متتالية حتى تتم عملية الانتقال التام إلى حالة تشكيل المؤسسات وسيادة القانون وتطهير البلاد المصرية من الفساد وتحقيق أحلام كل المصريين بغد أفضل ينعم فيه أهلها بالرخاء والأمان وتحقيق الذات. فالاستفتاء في مصر على الثورة وليس على الدولة.. ما نأمله أن يعم الأمن في مصر.