شهدت انطلاقة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد استبشارا كبيرا وواسعا لدى كافة شرائح المجتمع، وذلك لأنها أنشئت بهدف تتبع مواطن الفساد سواء الإداري أو المالي، ومتابعة المشاريع الحكومية المتعثرة أو المنفذة بطريقة رديئة ومساءلة القائمين عليها وتقديمهم للعدالة إذا استلزم الأمر ذلك. ورغم أن خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- قد أعطاها كافة الصلاحيات والاعتمادات وطالبها بالعمل السريع والمتقن لتتبع مثل هؤلاء والقبض عليهم والرفع له -رعاه الله- بما يواجه هذه الهيئة من معوقات وما يعترض عملها من حواجز تمنعها من تنفيذ عملها على الوجه المطلوب، إلا أنني لاحظت -كما لاحظ غيري- بأنها أصبحت في بعض الأحيان عند اشتباهها في عملية فساد إداري أو مالي تتجه إلى مخاطبة الجهة الحكومية التي تم رصد عملية الفساد فيها بأنها لاحظت تلاعبا مثلا في بعض الأموال أو الإجراءات الحكومية في تلك الإدارة وتطلب من تلك الجهة الإفادة عن حقيقة مثل هذه الحادثة وهذا أسلوب أعتقد أنه من وجهة نظري قديم وبطيء. والأولى بها من وجهة نظري المتواضعة عندما ترصد حالة فساد حكومي أن تضبط الموظف المشتبه في أن له علاقة بهذه العملية، وتحقق معه، وتواجهه بالأدلة والبراهين التي لديها، عندها فإنه لا شك سيعترف أو سيوصل المحققين إلى أشخاص آخرين لم تكن الهيئة تعرفهم أو تعلم أن لهم علاقة بتلك القضية مثار الشبهة. وبإمكان هيئة مكافحة الفساد إن اشتبهت في شخص محدد أن تقوم بالتحري عنه وغرس المتعاونين لها في كل إدارة حكومية عندها سيتم اكتشاف الفاسدين في كل إدارة وضبطهم بالجرم المشهود كما تفعل إدارة مكافحة المخدرات. مثل هذا التصرف له عدة أبعاد منها السرعة في التنفيذ والمفاجأة في الضبط بالجرم المشهود والقضاء على البيروقراطية التي أنهكت الإدارات الحكومية وقتلت كل عمل طموح فيها. أما أسلوب المخاطبات الحكومية فهو لن يجدي ولم يعد ذو فائدة بل يستنزف الوقت والجهد ويؤدي إلى تكدس آلاف الخطابات وتداولها بين الإدارات الحكومية دون نتائج ملموسة على أرض الواقع. د. خالد علي أبو عرب