إن إقدام الدولة على إنشاء هيئة لمكافحة الفساد خطوة جبارة واعتراف صريح منها أن هذا الداء المستشري في مجتمعنا لابد من استئصاله حيث أن هذا الداء يؤدي إلى الإثراء الشخصي لبعض المسئولين الحكوميين الفاسدين وبالتالي تفشي الفقر الذي تحاربه الدولة في بعض فئات المجتمع وتأخر المشاريع التنموية ذات الجودة العالية في بلدنا الغالي الذي لا يبخل بشيء على أبناء وطنه وكما أننا نفخر بشفافية دولتنا الحكيمة وحرصها على مكافحة الفساد إلا أننا نتطلع أن يكون لها فروع في كل منطقة وان يعمل بها أفراد موثوق بهم ومشهود بأمانتهم ممن يحملون شهادات وخبرات في مجال القانون والمحاسبة وتدقيق الميزانيات ولا يمنع استعانتهم بمن لديه خبرات هندسية أو طبية أو تعليمية لهم علاقة بمنظمات لها خبرات طويلة في تلك المجالات وان يكون لها جولات منتظمة على كل إدارة تمس الخدمات المقدمة للشعب مثل إدارات التعليم والجامعات وإدارات الشئون الصحية وفروع وزارة المياه والكهرباء وفروع المواصلات والنقل والإسكان وغيرها وان تخصص فترة معينة لكل قطاع حكومي للتحقيق والتأكد من ميزانيتها التي صرفتها الدولة مشكورة لإتمام مشاريعها التنموية والفكرية والخدماتية وهل تم صرفها بالطريقة السليمة على هذه المشاريع ولماذا تعثرت بعض هذه المشاريع ومن كان السبب وراء ذلك ليتم معاقبته بالطريقة التي تنص عليها هيئة مكافحة الفساد أو تحويلهم للقضاء خاصة إن استحدثت الدولة قوانين جزائية في حق المتسببين في تأخير المشاريع سواء كانوا مسئولين حكوميين أو مقاولين أو غيرهم وما أجمل أن تقوم الدولة بنشر هذه القوانين علنا في إعلامها المرئي والمقروء وحينها سوف يعلم هؤلاء المفسدون أن هذه الدولة بها قانون يجرم كل من يؤخر عجلة التنمية الإنسانية والفكرية والعمرانية والخدماتية وستسير الأمور وفقا لما خطط له بدون تأخير أو تقاعس وكون المواطن المحب لبلده هو المستفيد الأول من مكافحة الفساد فهو الذي عليه فضح مكامن الفساد الذي نغص عليه حياته رغم أن الدولة وفرت له كل السبل التي تضمن له معيشة يستحقها هو وكل مقيم في بلادنا عندها يتوجب على الجميع المساهمة في مكافحة هذا السرطان فكيف نهيئ لهم القيام بهذا الواجب الوطني؟ لذلك أعلنت هيئة مكافحة الفساد أرقاما تليفونية وايميلات للإبلاغ عن حالات الفساد وكون المواطن العادي لا يملك جميع الأدلة أو بعضها فهو يخشى على نفسه من أن يكون هو الظالم لا المتظلم ويتعرض هو للعقوبة حيث أن الفاسدين لهم طرقهم في إخفاء مكامن الفساد لديهم ولذلك ينبغي أن نضمن حرية اكبر للصحافة والإعلام لكشف بؤر الفساد وما أجمل أن تكون هناك مواقع الكترونية معتمدة ذات مصداقية تتبع لمنظمات داخلية أو عالمية تقوم بعمل استقصاءات أو استبيانات أو استفتاءات عن مدى رضا المواطنين عن الخدمات المقدمة لهم من جميع القطاعات الحكومية ومكامن الفساد التي يعتقدونها وكيفية معالجتها عندها سوف تكون لهيئة مكافحة الفساد نظرة شاملة تضع من خلالها خطة إستراتيجية لعمل جبار يرضى عنه الصغير قبل الكبير والفقير قبل الغني وستصبح بلادنا قدوة حسنة لكل الدول في مجال مكافحة الفساد الذي عانى منه الشعب كثيرا إن الفساد الذي هو خيانة وطنية عظمى لن ينتهي في يوم وليلة ولا في سنة أو سنتين ولكن دائما البداية السليمة وتوفير البيئة المنظمة وجودة هيكلتها وتعاون الجميع في القطاعات الحكومية وإعلان محاكمة المفسدين ومصيرهم حسب شرع الله والبدء بكبار المسئولين المقصرين قبل صغارهم هو الطريق إلى أن نرى نتائج مكافحة الفساد بشكل سريع و مرضي لحكام بلاد الحرمين ولشعبهم الذي عاهدهم على السمع والطاعة في الرخاء والشدة جبريل جعفر-جازان