ربما يحرص المسافر في وجهته على أن يتزود بالوقود أو ببعض متطلبات السفر، والتي يشعر مسبقا أنها ربما تنقصه، إلا أن المسافرين على طريق تبوك حقل أمرهم مختلف، إذ يحرصون على أن يحملون في حقائبهم الأكفان، فالسالك فيه مفقود والناجي منه مولود. طريق تبوك حقل مازال يخبئ المزيد من حكايات الموت والدماء، هذا الطريق الذي ارتبط اسمه بحوادث أليمة راح ضحيتها العديد من الأرواح البريئة وسالت على قارعته الكثير من الدماء. وعلى الرغم من استمرار إدارة النقل والمواصلات في مدينة تبوك بمشاريع إصلاح وتوسيع للطريق التي أطلقتها منذ ما يقارب عقدين من الزمان، إلا أن الخطوات «السلحفائية» لا ترقى لتطلعات المواطنين. يقول سليمان العطوي من أهالي مدينة تبوك «منذ ما يقارب عشرة أعوام ونحن نرقب خطوات إدارة النقل والمواصلات لتعديل الطريق وتصحيح وضعه الحالي وتحويله لطريق مزدوج إلا أنه لم يتغير في حال الطريق شيء». مشيرا إلى أن محاولات إدارة النقل الخجولة في مدينة تبوك لا ترقى لتطلعات وآمال المواطنين. لا أعذار ويضيف المواطن عبدالعزيز الفيفي «لا أعذار ولا مبررات مقبولة لدينا في ظل الدعم والصرف السخي الذي تنفقه حكومة خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله على مشاريع البنية التحتية في المملكة والتي تهدف للرقي بالإنسان والمكان». خطف للأرواح عبدالرحيم الجهني ومحمد حسن المطيري قالا ل «عكاظ» إن هذا الطريق ومنذ مايقارب العقدين من الزمان ما زال يخطف الأرواح ويستنزف الأموال يوما بعد يوم نتيجة لمساراته الضيقة التي لا يوجد بها أكتاف جانبية أو مساحة لتوقف المركبات بها في حال الضرورة، ناهيك عن المنعطفات التي تهدد حياة مرتادي الطريق. ويضيف مريزيق البلوي «منذ زمن بعيد ونحن ننتظر إدارة النقل والمواصلات بمنطقة تبوك بتحقيق وعودها وإنهاء مشكلة الطريق»، متسائلا في الوقت نفسه عن سر التأخر في التنفيذ، الأمر الذي ألحق خسائر مالية بالمستثمرين في قطاع السياحة. ازدواجية الطريق عضو المجلس البلدي بمحافظة حقل نايف النخيري يقول «يعتبر الطريق مسلكا دوليا عبر منفذ الدرة الحدودي للقادمين من الأردن ومن بلاد الشام باتجاه المشاعر المقدسة، حيث يشهد حركة مرور دولية، مشيرا إلى أنه تم إصلاح جزء لا بأس به من مشروع ازدواجية الطريق، وأن المشروع في حال اكتماله سوف يكون له الأثر البالغ بتنشيط حركة السياحة والتجارة في محافظة حقل التي تمتلك جميع المقومات السياحية، مناشدا الجهات المسؤولة سرعة التحرك وإنهاء مشكلة الطريق. ويذكر المواطن صالح علي الحويطي من أهالي مركز الزيتة أنه لا يكاد يمر يوم إلا ويشاهد فرق الهلال الأحمر وقد هرعت للإنقاذ على الطريق، واصفا الطريق ب«طريق الدم الأحمر» على حد قوله، ويضيف «شاع المثل الشعبي حول هذا الطريق بسبب كثرة الحوادث والجثث التي سالت دماؤها على قارعته حتى بات يقال عنه (الداخل فيه مفقود والخارج مولود)» ومشيرا إلى أنه لا توجد عائلة في محافظة حقل والمراكز التابعة لها إلا ولها قصة دامية راح ضحيتها فرد من أفرادها، كما أن المسافر يحرص على التزود بالكفن في حال قرر السفر. إحصائية الوفيات أوضح الناطق الإعلامي لهيئة الهلال الأحمر السعودي بمدينة تبوك حسام الصالح أن حالات الحوادث خلال الستة أشهر الماضية بلغت 61 حالة، معتذرا عن تقديم إحصائية لعدد الوفيات قائلا: «هذا من اختصاص أمانة منطقة تبوك التي تنقل الجثث». الطريق يعاني من جهته قال ل«عكاظ» رئيس المجلس البلدي بمنطقة تبوك الأستاذ جمال الفاخري إن دور المجلس البلدي يقتصر على المشاريع في منطقة تبوك وألا وصايا للمجلس على إدارة الطرق والمواصلات بالمنطقة، مشيرا إلى أن الطريق يعاني من مشكلة، وقال نتفق مع المواطنين بأن هناك تعثرات بالمشروع ولا نعرف أسبابها، فالطريق بحاجة لوقفة جادة لإنهاء مشكلته، وأضاف «نتطلع لغرف عمل مشتركة مع إدارة النقل والمواصلات لمناقشة بعض الإشكالات الخدمية التي تعنى بوزارة النقل وسبل حلها».