آن لي أن أشارك ببعض الرأي في قضية مستشفى عرفان بجدة الذي أغلق نتيجة خطأ طبي وذلك بعد أن هدأت الضجة حول الموضوع أو تكاد. لا أظنني سأضيف الكثير حول الموضوع بعد ما أدلى به كل من د. طارق جمال (عكاظ)، ود. محسن الحازمي، والأساتذة عبد الله أبو السمح وخالد السليمان. من رأيي أنه ما كان يفترض قفل مؤسسة صحية من أجل خطأ طبي، وكان من الأولى تحديد أسباب الخطأ هل هي فنية أم إدارية أم هندسية أم طبية، أم بعضها مجتمعة، ومن ثم معاقبة المتسببين فيها بأشد العقوبات الرادعة. السؤال الذي أود أن أطرحه هو: ما علاقة وزارة الصحة في الرياض بخطأ طبي يقع في منطقة شؤون صحية. إلا أن يكون مهددا بكارثة قومية. أتدرون حجم الخدمات الصحية في بلادنا؟. يوجد في المملكة 415 مستشفى و2100 مركز صحي، يعمل فيها 65 ألف طبيب و129 ألف ممرض وممرضة، كما يوجد أكثر من 4000 صيدلية خاصة يعمل فيها 10 آلاف صيدلي. هذا الحجم الكبير من الخدمات الصحية ما كان ليكون لولا فضل من الله ثم اهتمام ولاة الأمر في بلادنا. ترى هل تستطيع وزارة الصحة أن تتابع وتشرف على هذا الكم الهائل من المؤسسات الصحية والعاملين فيها؟ قد يقول قائل ولكن مديريات الشؤون الصحية لديها صلاحيات في الإشراف والمتابعة. إذا كان هذا صحيحا فلم أتى القرار بإغلاق المستشفى من وزارة الصحة بالرياض ومن وزير الصحة شخصيا. ومما قرأته أن معالي الوزير لم يجد الوقت الكافي للقاء صاحب المستشفى. فهل هذا صحيح؟ وهل حقق في الموضوع بقدر كاف على مستوى مديرية الشؤون الصحية ومن هناك خرجت توصية إلى معالي الوزير بإغلاق المستشفى؟ لقد كتبت وتحدثت كثيرا عن أنه لا مجال للخدمات الصحية في بلادنا أن تتطور طالما أن هناك مركزية في القرار. كتبت وتحدثت من منطلق عملي على مدى ما يقارب أربعة عقود كمسؤول عن التخطيط في وزارة الصحة، وأستاذ وعميد في كلية الطب، وباحث . أقولها كلمة مخلصة وأمينة وصادقة للمسؤولين في بلادي. إذا أردتم للصحة أن تتطور عليكم بإعطاء كل مديرية شؤون صحية ميزانيتها الخاصة بها تبعا لاحتياجاتها ودعوها تتصرف ضمن إطار لا يحول بينها وبين الإبداع والتطوير. ثم حاسبوها على ما أنجزت وما لم تنجز. معالي وزير الصحة الدكتور الربيعة أحترمه وأحبه، ويكفي أنه كان طالبا عندي ذات يوم وكان من أبرز طلابي وأنبههم. فعله يعيد النظر في قرار إغلاق المستشفى من أجل المرضى. وعله يسهم في فترة توليه الوزارة بأن يسعى جهده لأن تعطى كل مديرية شؤون صحية ميزانيتها الخاصة بها، ويعطى كل مدير من مديريها صلاحيات الوزير بعد أن يحسن اختياره ويعد لذلك إعدادا جيدا. ومن ثم يصبح مسؤولا عن الارتفاع بمستوى المستشفيات العامة والخاصة والمراكز الصحية وغيرها من المنشآت الصحية في منطقته. يساعدها على التطوير والإبداع، يحاسبها إن أخطأت ويكافئها إن هي أحسنت. أما وزارة الصحة في الرياض فمسؤوليتها الكبرى تكمن في دفع عجلة التطوير، ذلك بأن تتفرغ لوضع الخطط المستقبلية، وتنمية القوى البشرية، ووضع معايير الجودة، وتشجيع الأبحاث والدراسات الصحية وتبني نتائجها، ودعم جهود الطب الوقائي والتثقيف الصحي وإصحاح البيئة، والتعاون الدولي. وأخيرا وليس آخرا قياس أداء مديريات الشؤون الصحية مرة أو مرتين في العام . تكافئ المحسن على إحسانه وتحاسب المقصر على تقصيره. لو أن الوزارة تفرغت لهذه الأدوار لحققت بإذن الله طفرة في نوعية الخدمات الصحية في بلادنا. والله ولي التوفيق.