تحت أشعة الشمس الحارقة صيفا، وبين زمهرير البرد القارس شتاء، يتخذ العم شداد عريميط العوفي من أحد جنبات الطريق الحيوي في المدينةالمنورة مكانا يزوال فيه عبر مركبته بيع الفواكه، كل حسب موسمه، فهذه الأيام يعرض الشمام، منذ شروق الشمس حتى الرابعة مساء، راضي بما يقسمه الله له من رزق، ولا يعكر صفوه سوى ضجيج المركبات العابرة و(الكربون) والتلوث الذي تنفثه من عوادمها، وهي تمر على الإسفلت على بعد خطوة من سيارته. قال شداد الذي تجاوز ال62 من عمره: «اعتدت على الجلوس هنا وحيدا منذ سنوات تزيد على 30 سنة تعرفت خلال تلك السنوات الطويلة على الكثير من البشر من مهنة بيع الحبحب والشمام، ويزعجني الزبون الذي يضيع وقتي وجهدي ويستوقفني عدة دقائق وينبش بضاعتي ويقلبها، ثم يرحل دون أن يشتري شيئا»، مشيرا إلى أنه مقتنع بعمله على الرغم من العناء الذي يواجهه خصوصا مع تقلبات الطقس. وأضاف: «الحمد لله على الصحة والعافية، فأنا أعمل من أجل لقمة العيش الحلال وهذا يتطلب جهدا وصبرا وعملا دؤوبا والحياة لا يأتي فيها شيء بسهولة، بل يتطلب ذلك جهد وكد»، ملمحا إلى أنه يستخدم سيارته الخاصة في البيع، ويجد متعة في ذلك. وذكر أنه يختار مواقع عمله بعناية، ولا يوقف مركبته إلا في الأماكن التي يكثر فيها الزبائن، مبينا أن عمله يبدأ منذ فراغه من صلاة الفجر حتى الغروب. وتابع: «وأعود إلى منزلي سعيدا قانعا بما حصلت عليه، فاعتمادي على نفسي في تدبير لقمة أبنائي يشعرني بالرضى، وأني أمارس دورا حيويا ومهما في الحياة»، لافتا إلى أنه بات متمرسا وعارفا بأنواع البطيخ، مشيرا إلى أن أجوده هو العثري، الذي ينبت على مياه الأمطار ويأتي من قرب مستورة. وحث العم العوفي الشباب على العمل وكسب الرزق الحلال بالجد والاجتهاد، مؤكدا أن بلادنا غنية بالخير الوفير الذي يصل أثره إلى أنحاء العالم كافة.