هل يمكن الفصل بين الثقافة والسياسة، وهل يمكن الفصل أيضا بين فكر وثقافة المفكر والمثقف والمبدع وإنتاجهم عن مواقف هذا المفكر أو هذا المثقف أو هذا المبدع. وسط الأحداث السياسية الجارية في العالم العربي من تونس إلى مصر واليمن وليبيا وسوريا تداخلت الثقافة مع السياسة تداخلا عجيبا وغريبا أيضا بحيث يتم اليوم محاكمة كل مواقف المثقفين والمفكرين والأدباء والفنانين فثمة من يتهم هذا المثقف أو هذا المفكر أو هذا الفنان بالخيانة الوطنية لمجرد أنه لم يعلن رأيه وموقفه هل هو مع الثورة أم هو ضدها.. وخرج علينا تعبير «فلول» وأصبح هذا التعبير ضمن سياق الأدبيات المصرية في الإعلام المصري بل أصبح داخلا في صميم الثقافة السياسية والاجتماعية المصرية، فهؤلاء «فلول» النظام السابق وهؤلاء «فلول» ذلك النظام وأصبح توزيع تهم العمالة والخيانة «جاهزا» ولمجرد أن تقول ما يحدث هو فوضى وليس ثورة فهذا يعني أنك تمثل «فلول» النظام السابق وهو نظام الرئيس السابق حسني مبارك أو أي رئيس سابق في بلدان الثورات العربية التي تحولت إلى مشروع فوضى وتقسيم وتشرذم أكثر منها مشروع تغيير وتطوير وبحث حقيقي عن بناء دول جديدة قائمة على التعددية والديموقراطية واحترام الإنسان. لا يمكن فصل قضايا الثقافة عن قضايا السياسة والثقافة في مفهومها العميق والشامل يدخل في مجالاتها وحقولها ما هو أدبي وإبداعي وعلمي وتقني وسياسي أيضا، ومن هنا فإن الثقافة مجال واسع وكبير، ولا بد أن نعي وندرك أن الأحداث الجارية والراهنة لا ينبغي أن تجعلنا نقوم بتجريم هذا أو تخوين ذاك وتجريد كل أصحاب الفكر والرأي والإبداع من وطنيتهم والتعامل باستخفاف مع الأحداث الجارية بكل ضخامتها وما سوف تفرزه وتنتجه من صور مشوهة ونفسيات ممزقة كما يحدث في «سوريا» .. رؤية المفكر المتبصر والمثقف العميق ترى ما وراء هذه الأحداث الجارية بكل دمويتها وفوضويتها فلا ينبغي أن نرتهن إلى الآراء السريعة والمواقف المتسرعة.. وأن تكون هناك حالة عامة من الوعي بما يحدث ويجري في الساحة السياسية عربيا وأن يكون هناك إدارك ونظرة بعيدة وعقل يقرأ بعمق وبمسؤولية حاضر ومستقبل الأمة بعيدا عن ثقافة التخوين والتجريم وبعيدا عن كلمة «فلول» وإلصاقها بهذا أو ذاك. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 203 مسافة ثم الرسالة [email protected]