وصف الروائي بهاء طاهر حالة الثورة المصرية بالغموض وأنها لم تصل لمرحلة النضج، وأن هناك عيوبًا أصابت عناصر الثورة المتمثلة في الشباب والشعب والجيش، مبينًا أن من أهم هذه العيوب تفتت الشباب، وعدم وجود تنظيم يعبر عن المصريين عدا الإخوان المسلمين الذين اقتحموا الثورة، أمّا القوات المسلحة فلم تستطع التواصل مع الشعب لصيغة للتفاهم فيما بينهم، وبالتالي أدت هذه الأمور مجتمعة إلى عدم اكتمال الثورة. جاء ذلك في الندوة التي نظمتها جمعية «من أجل مصر» ومكتبة الشروق، حيث أضاف طاهر بقوله: هناك أصابع خفية، وسلطة مركزية مهمتها التنسيق بين القنوات التليفزيونية والصحف تحت مسمّى الإعلام الحكومي وهو الأمر الذي يتطلب تفعيل مبادئ الثورة في مجال الإعلام من خلال إصدار صحف باسم تيارات متعددة لا تقتصر على الإعلام الحكومي أو الإخوان، ذلك التيار الديني الجارف الذي يهم الآن بإصدار قناة فضائية وصحيفة يومية رغم وجود أحزاب أخرى ولها إصدارات باسمها لكن بدون تأثير يذكر على الساحة السياسية والإعلامية. وعقد بهاء مقارنة بين الثورة الفرنسية ومثيلتها المصرية مبينًا أن الثورة الفرنسية سبقها جهد فكري هائل من أعظم مفكري فرنسا في ذاك الوقت، أمّا المصرية فلم تسبقها هذه الخلفية، ولم تخلف حتى الآن أي تيارات فكرية سوى التيار الديني، بعيدًا عن أي تفاعل مع التيارات الأخرى كالليبرالية، وبالرغم من ذلك ربما يتم مستقبلا بلورة هذه التيارات حيث إن الأمور مازالت تجرى حتى الآن بعشوائية في ظل عدم وجود قيادات وأن الخلاف الدائر الآن ينحصر بين أنصار الدولة المدنية والدولة الدينية. غموض وضبابية ومضي طاهر في تأكيد رؤيته حول ضبابية الوضع المصري بقوله: إن الغموض ما زال يحيط بتحركات السلطة سواء من جانب المجلس العسكري، أو من جانب السلطة التنفيذية، أو من حيث التواصل بينهما وبين الجماهير، ولا يعرف أي طرف ماذا يريد من الآخر؛ لأن العلاقة مازالت غامضة، لافتًا إلى أن من المفترض في مثل هذه الظروف وبعد قيام الثورات في البلاد المتقدمة أن تقام المؤتمرات الصحفية اليومية للتعرف على الأحداث الجارية أولاً بأول إلا أنه للأسف لا توجد في بلادنا آلية منظمة للاطلاع على ما يجرى بالساحة السياسية سواء من السلطة التنفيذية أو من المجلس العسكري. ولم يستثن طاهر في نقده الجماعة الثقافية، ويبرز ذلك في قوله: الجماعة الثقافية ليس لها وجود منذ فترة طويلة وكأن المجتمع في حالة استغناء عن الثقافة، إن حالة اللامبالاة الثقافية التي أصيب بها المجتمع إنما نتجت عن التدمير المتعمد للمؤسسات الثقافية في مصر خلال النظام السابق، ممّا أدّى إلى فراغ شامل في الجبهة الثقافية في مصر رغم وجود الكيانات الثقافية والروابط الأدبية واتحاد الكتّاب إلاّ أنه لم يتم إنشاء سلطة ثقافية موازية للسلطة التنفيذية، حتى المجلس الأعلى للثقافة لم تكن له سلطة إلا على نفسه فقط وهو الأمر الذي يتطلب إنشاء جهات تدافع عن المثقفين وتظهر بقوة في المجتمع لأن الجماعة الثقافية مازالت حتى الآن تتحرك بعشوائية حتى النجاحات الموجودة على الساحة كانت فردية، ولم تعبر عن الجماعة الثقافية. فالمنظومة الثقافية في مصر بما تشمله من إعلام وتعليم وكيانات متعددة تنتمي إلى هذه المنظومة، وكذلك دور العبادة مازالت مفككة رغم أن حجم الإنفاق عليها يتعدى 40 مليار جنيه، وذلك لعدم وجود أي ترابط أو تنسيق فيما بينها واختفاء الشفافية في أعمال هذه الجهات التي مازالت تحاط بقدر من السرية. وختم بهاء حديثه واضعًا خريطة للخروج من الأزمة التي تمر بها مصر بقوله: خريطة الخروج من الأزمة تتمثل في ثلاث خطوات؛ الأولى توحد الجهات الشبابية، والثانية أن تعبر التيارات السياسية عن نفسها، وليس بالهجوم على أي أحد فقط، أمّا الثالثة فتتمثل في اتحاد عنصري الشباب والشعب والتواصل بينهم إلى صيغة منظمة للحوار مع المجلس العسكري بدون استخدام أي وسيلة ضغط أو مزايدة حتى تسير الثورة في خطها المستقيم. انفلات أمني أمّا الروائي الدكتور علاء الأسواني فانتقد في حديثه حالة الانفلات الأمني الموجودة في الشارع المصري، مشيرًا إلى ضرورة أن تكون هناك آلية جديدة في العقلية الأمنية المصرية قوامها احترام المواطن وعدم التهاون مع البلطجة ومن يروعون الناس، مؤكدًا أن الأمن المصري به كثير من الشرفاء. وحول الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها قال الأسواني: إن الشعب المصري أصبحت لديه القدرة على اختيار مرشحيه، وأن القائمة النسبية سوف تحل معضلة أن يأتي أحد من فلول من النظام القديم والحزب الوطني إلى البرلمان، مبينًا أنه لا يتخوف من الإخوان المسلمين فهم يشكلون فصيلاً من المجتمع لهم رؤيتهم لكن شريطة أن يحترم حق الأخر في الاختلاف والتعبير عن رأيه. وعن الثورة المصرية قال: إن الثورة المصرية هي ثورة الشعب المصري ليس لها قائد وبالتالي استمدت مشروعيتها من الشعب، ويجب أن تكون هناك آلية للعمل للنهوض بهذا الوطن وحل مشكلات الشباب المزمنة في ظل انتشار البطالة. وأوضح الأسواني أن التعليم في مصر كان مترديًا مثلما كان هناك تردى في الفنون والاقتصاد وغيره لافتًا إلى أن بريطانيا كانت تعترف بخريج الجامعات المصرية لاستكمال تعليمه وتحضير الدراسات العليا، والآن أصبح علينا أن نعمل معادلة للشهادة المصرية لكي يجتاز المصري الاختبارات في أصغر جامعة في العالم. وردًّا على سؤال «الأربعاء» حول هوجة تكوين الأحزاب في مصر قال الأسواني: هذا جيد لأنه سوف يفرز الأحزاب الجادة التي تحمل رؤية والأحزاب التي على ورق فقط، وأنا غير متخوف من التعددية الحزبية. مختتمًا بقوله: الثورات تحتاج إلى وقت كبير وفترة زمنية لكي تختمر تفاصيلها في ذهن المبدع، ويتناولها بحيادية، فمعظم الأحداث الكبرى لا تخرج إلى الساحة الإبداعية إلا بعد فترة من الزمن.