أكد علماء ومختصون أن مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات الذي يفتتح اليوم في العاصمة النمساوية فيينا، بحضور 600 شخصية من ممثلي الهيئات والمنظمات الدولية وهيئات الحوار الديني والثقافي وشخصيات دينية واجتماعية، سينشر قيم التسامح والمحبة والأمن والسلام والتعايش في أرجاء المعمورة، عبر ثلاثة محاور هي احترام الاختلاف من خلال الحوار، تأسيس قواسم مشتركة بين مختلف الجماعات، وتحقيق المشاركة الدينية والحضارية والمدنية بين القيادات الدينية والسياسية، ولفتوا إلى أن المركز يعد منتدى عالميا لممثلي أتباع الأديان والخبراء والمهتمين بالحوار؛ لتعزيز التواصل وتبادل المعلومات فيما بينهم. وأكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حريص على كل ما يسعد البشر، ويسهم في حل أزماتهم، ويسعى لتحقيق الأمن والاستقرار والتعاون، وقال: «رعاية الملك عبدالله للحوار بين أتباع الأديان تعكس مدى اهتمامه بالقضايا الإنسانية بين مختلف الفئات»، مشيرا إلى أن المركز يتيح الفرصة لكل أمة أن تقدم ما لديها من رؤى وتدابير تسهم في تجنيب البشرية ما يشقيها، موضحا أن السلام العالمي له شأن عظيم في الإسلام، واصفا افتتاح مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي في العاصمة النمساوية فيينا للحوار بين أتباع الأديان بالبادرة غير المستغربة، مشيرا إلى أن خادم الحرمين الشريفين يحرص على حوار أتباع الأديان والثقافات المختلفة بما يعزز القواسم المشتركة ويوحد المواقف التي تواجه المجتمعات في مختلف الشعوب، لافتا إلى أن العالم بات مترابطا نتيجة العولمة. وبين أن التفاعل والتبادل بين أتباع الأديان والحضارات يفرض مزيدا من المبادرات المؤدية إلى إقامة الجسور بين الأمم حتى تقوم على التفاهم والتعاون، ذاكرا أن تفعيل الحوار بين الأديان يحقق السلام والتعايش وينبذ التعصب الديني، كما يعزز من القيم المشتركة والفضائل العامة كالمحبة والسلام والعدل والتسامح، وقال: «الإسلام يحث على الحوار الهادف لتحقيق التعاون على البر والتقوى، كما أن العالم بحاجة إلى الحوار في ظل احتدام الصراعات أحيانا». خطوة رائدة ومن جانبه، أكد المراقب في اللجنة العربية الدائمة واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان في جامعة الدول العربية الدكتور غازي عوض الله المدني أن إنشاء المركز خطوة رائدة تصب في خدمة الدين الإسلامي الحنيف، في وقت تواجه فيه أمتنا العربية والإسلامية تحديات شتى، تزداد ضراوة بتزايد معطيات الحضارة الجديدة، موضحا أن هناك آلة حربية مستنفرة تحت غطاء فكري وأيديولوجي يتجه نحو صدام الحضارات، كما أن هناك فوضى المفاهيم والشعارات التي تستخدمها عمدا جماعات تختبئ تحت عباءة الإسلام لخدمة أهداف أخرى، وقال «يتوجب الحوار قبل الصدام»، منوها بأن الدعوة إلى الحوار تستحق التقدير، وتتسق مع منهج الإسلام، كونه يقرب وجهات النظر، ويحقق التعايش بين البشر، بل ويتيح الحوار بين المسلمين وغيرهم، بل بين المسلمين أنفسهم. من جهته، أوضح مدير إدارة الإفتاء في دبي بالإمارات العربية المتحدة الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد أن المركز الذي يفتتح اليوم سيثمر ثمارا يانعة في الاستقرار العالمي، ولفت إلى أن الإسلام لم ينتشر إلا بالانفتاح على الآخر وفهم وعرض ما عند المسلمين، بأسلوب الإقناع، ذاكرا أن الحوار سنة إلهية، ووسيلة للدعوة إلى الله، وقال «رسولنا عليه الصلاة والسلام رسخ لدينا مشاعر الحاجة إلى الآخرين، كما عمق قيم الشورى والحوار»، مشيرا إلى أن الحوار حاجة إنسانية وإرساء قواعد الحوار البناء يعني القدرة على التعامل الناجح مع الاختلاف، والوصول إلى أفضل البدائل المتاحة. من جانبه، رأى الأمين العام للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم الدكتور عبدالله بصفر أن الحوار بين الأديان يحقق التعاون على الخير، ويقف أمام الأخطار المهددة للبشر، مبينا أنه ضرورة للتغلب على المشكلات في عالمنا، قائلا «أسلوب الحوار هو لغة الحكماء»، موضحا أن مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات يسهم في تحقيق أرضية مشتركة تعزز من العلاقات وتضبط السلوك. يجنب الفتن في سياق متصل، قالت مديرة تحرير مجلة المنظمة الصادرة عن منظمة التعاون الإسلامي مها عقيل إن «افتتاح مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان في فيينا هو تتويج لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للتقريب بين أتباع المذاهب والأديان»، لافتة إلى أن هذه الدعوة انطلقت محليا من مكةالمكرمة، ومن ثم عالميا في مدريد ونيويورك، مبينة أن هذا المركز سيعزز من النقاش البناء والحوار الهادئ البعيد عن التشنجات والنعرات والاتهامات، كما يجنب العالم الفتن والحروب القائمة على الخلافات المذهبية والدينية، واعتبرت المركز تطبيقا عمليا لمبادئ الإسلام الداعية للوسطية والتعايش السلمي واحترام الأديان، وقالت «سيكون للمركز دور هام في إزالة الكثير من المفاهيم الخاطئة عن الديانات المختلفة، كما سينشر الوعي خصوصا أمام الإساءات المتعمدة لبعض الأديان، وذلك لمجابهتها»، مشيرة إلى أنه سيعالج الإساءات وفق منهج علمي. وأكدت أن أمين عام منظمة التعاون الإسلامي البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلي حريص على التواجد مع المدعوين في افتتاح المركز، لافتة إلى أن خادم الحرمين الشريفين مستمر في ترسيخ مبادئ الإسلام، إذ أعلن في القمة الإسلامية الاستثنائية الرابعة لمنظمة التعاون الإسلامي في مكةالمكرمة في رمضان الماضي اقتراحا رياديا أقره جميع قادة الدول الإسلامية، وهو إنشاء مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية مقره الرياض، ويهدف إلى مساعدة المسلمين للوصول إلى كلمة سواء قوامها التفاهم المشترك والاحترام المتبادل. بات ضرورة من جانبه، رأى الباحث في الشؤون الإسلامية علاء حسين رحيم ضرورة توسيع قاعدة الحوار لتنتقل من النخبة إلى الشعوب. وألمح إلى أن الحوار أصبح ضرورة يفرضها الواقع العالمي القائم على الاتصال بين الأمم والشعوب، منوها بأن هناك كثيرا من نقاط الاشتراك بين الإسلام والغرب التي تمكن من التفاهم دون التنازل عن القيم.