بين شمال العروس وجنوبها، تظهر صورتان متناقضتان للحياة بتفاصيلها كافة، ففي الوقت الذي يحلم فيه سكان الجنوب بتوفير الحد الأدنى من الخدمات التنموية كالرصف والإنارة والعناية بالإصحاح البيئي بإزالة النفايات المتكدسة في طرقهم أولا بأول، يطالب سكان الشمال بتوفير حاويات نفايات مخصصة لإعادة التدوير، والاهتمام بالتشجير ونشر المسطحات الخضراء في شوارعهم الفرعية، إضافة إلى تشييد ملاعب يمارسون عليها المباريات في حدائقهم العامة. وشكا عبدالرحمن القرني من معاناة حي السبيل الواقع في جنوبجدة من تدني مستوى الإصحاح البيئي، لافتا إلى أن غالبية سكان الحي باتوا يخجلون من دعوة زملائهم القاطنون في الشمال لزيارتهم في منازلهم، بسبب انتشار أكوام النفايات في طرق السبيل وتحولها إلى مصدر للروائح الكريهة والحشرات. وبين أن المخلفات تمكث في طرق الحي لمدة يومين على الأقل، حتى يأتي عمال الشركة المتعهدة بنظافة الحي لإزالتها، بعد أن تكون قد نشرت الأذى في المنطقة. بينما، يطالب خالد الاحمري أمانة جدة بتزويد حي النسيم الذي يقطنه في شمال المحافظة، بحاويات نفايات مخصصة لإعادة التدوير كالتي جرى توفيرها في مخطط المسرة، وهي عبارة عن ثلاث حاويات خصصت الأولى منها للكرتون والورق، والثانية للزجاج، في حين حددت الثالثة للمواد العضوية، مشيرا إلى أن تلك الطريقة أفضل لهم من الحاوية الكبيرة القديمة. إلى ذلك، تمنى محمد الشهري من الجهات المختصة توفير حديقة في حي مدائن الفهد الواقع جنوبجدة حتى يتسنى لأهالي الحي التنزه فيها، بدلا من قطع مسافات طويلة لبلوغ المتنزهات في المناطق الشمالية، إضافة إلى أنها ستحمي صغارهم من خطر السيارات الذي يتهددهم حين يخرجون إلى الشوارع المحيطة بالمنزل، في حين تذمر أحمد الفردان أحد سكان مخطط المحمدية شمال المحافظة من أن الحديقة التي شيدت في الحي، لا تحتوي على ملعب للكرة مقارنة بتلك التي في حي النهضة، مشيرا إلى أن المستفيدين منها حاليا هم الأطفال الذين يجدون سلوتهم في الألعاب التي وفرت فيها، بينما يضطر شباب الحي إلى استئجار ملعب في نهاية الأسبوع، ليلعبوا عليها المباريات. بدوره شدد عبدالله عسيري على أهمية تشجير الطرق الفرعية في حي البساتين الشمالي، لافتا إلى أن المسطحات الخضراء تسهم في نشر الاطمئنان والراحة بين السكان، فضلا عن تنقيتها للأجواء بواسطة عملية التمثيل الضوئي. وقال: كنت مبتعثا في ولاية فرجينيا، وعشت في حي تنتشر فيه المسطحات الخضراء، التي تساعد على إيجاد بيئة صحية وتحد من توتر السكان، وأتمنى أن أعيش تلك الأجواء في حي البساتين الذي أسس منذ سنوات قليلة في شمال العروس. في المقابل، يعاني سكان حي المصفاة (الكرنتينا) في جنوبجدة، من غياب الخدمات الأساسية، إذ تشكو الطرق هناك من تهالكها وانتشار الحفر والأخاديد فيها، وافتقادها للرصف والإنارة، فضلا عن العشوائية التي تطغى عليها. وتتفاقم معاناة السكان هناك من انقطاع المياه عنهم لفترات طويلة، ما يدفعهم لتخصيص جزء من ميزانيتهم المحدودة للاستعانة بالصهاريج.