تنطلق اليوم الخطوات التنفيذية في مشروع توسعة صحن المطاف في المسجد الحرام، حيث تبدأ الأعمال الإنشائية في تشيد الأبراج اللازمة للعمل، لتركيب أضخم رافعتين في ساحات المسجد الحرام الشرقية الشمالية لاستخدامها في الأعمال الإنشائية. وفي الوقت الذي طلبت فيه الشركة المنفذة للمشروع إخلاء مكاتب عدة جهات داخل المسجد الحرام، من بينها مكاتب الوعظ في أروقة الحرم، كشفت مصادر مطلعة ل«عكاظ» عن أن قيادة قوة أمن المسجد الحرام تلقت خطابا بالإخلاء من موقعها بجوار باب الصفا، وذلك للبدء في العمل الميداني. وكشفت مصادر «عكاظ» أن التوسعة سترتكز على إيجاد حلول جذرية لمشكلة الزحام في صحن المطاف، قدمها الدكتور محمد بن عبدالله إدريس وكيل معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة. وتركز الدارسة التي ينفذ على أساسها المشروع الاستفادة القصوى من المساحة المتاحة للمطاف والإمكانيات المتاحة لزيادتها والحفاظ على الهوية المعمارية للمسجد الحرام ولصحن المطاف بصفة خاصة والأصالة والمعاصرة من خلال الاستفادة من التقنيات الحديثة في التطوير، كما سيكون المشروع مرتكزا على فصل صحن المطاف عن أماكن الصلاة وربطه بالأدوار المختلفة وتسهيل حركة الدخول والخروج من وإلى صحن المطاف، مع ضرورة تفتيت الكتل البشرية في الساحات وعند المداخل وفي الممرات، واستحداث الربط المباشر لصحن المطاف بممر المسعى وتوفير المرافق والخدمات اللازمة في الأماكن المناسبة. وضمن الدراسة المقترحة للتوسعة استحداث العربات المتحركة المعلقة حيث يتم تزويد المطاف والمسعى بعربات متحركة معلقة في سقف الدورين الثاني والثالث يمكن الوصول إليها عن طريق محطات خارج الحرم ومن سطح الدور وتستخدم لكبار السن وأصحاب الاحتياجات الخاصة، ويتم تزويد الدور الأخير من المطاف بصحن متحرك يدور حول الكعبة بسرعة مناسبة تختصر وقت الطواف، ما يضاعف الطاقة الاستيعابية، وكانت دراسة إدريس ذكر فيها أن المطاف الأصلي فراغ دائري الشكل قطره 95 م تقريبا، في حين يأخذ الشكل المستطيل في الوقت الحاضر مع اختلاف الأبعاد ويلعب ممر المسعى الدور الرئيس في تحديد دائرة المطاف، وخلال العقود الماضية لم تتم أي أعمال إنشائية لزيادة الطاقة الاستيعابية للمطاف، وتركزت الأعمال في أعمال البلاط وتغطية بئر زمزم. ومن خلال الدراسات التي أعدها معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة للوضع الراهن لصحن المطاف، يتبين وجود العديد من العوامل التي تؤثر على الطائفين، وفي مقدمتها: الحيز الفراغي المتاح والطاقة الاستيعابية له، حيث أوضحت الدراسات أن أعداد الطائفين في الساعة تحت الظروف العادية تكون في حدود 28 ألف طائف في الساعة، وتعتبر كثافة معتدلة ل 4 أشخاص في المتر المربع، وتكون في حدود40 ألف طائف في الساعة في أوقات الذروة بكثافة عالية تصل إلى 6 أشخاص في المتر المربع أحيانا، كذلك الشكل الهندسي لصحن المطاف وعدم انتظامه واختلاف أبعاده من جهة للأخرى، وصعوبة الدخول والخروج واختلاف المناسيب في الدور الأرضي. وحول الحركة في صحن المطاف، أوضح الدكتور إدريس أن أعمال المتابعة الميدانية بينت صعوبة الحركة داخل صحن المطاف في أوقات الذروة لارتفاع الكثافة، إضافة إلى التدفق الكبير، وخصوصا من الجهة الشرقية جهة المسعى لارتباطها بجهة القدوم من المشاعر المقدسة. وبين الباحث الرئيس للمشروع أن تنفيذ التوسعة السعودية الأولى تمت منذ أكثر من 60 عاما، ولم يكن السطح مهيأ للاستخدام للصلاة، مبينا ضعف الإمكانيات التقنية للبناء في تلك الفترة، وتعرض المبنى إلى إجهادات إضافية كبيرة، بالإضافة إلى التغير في منسوب المياه الجوفية وتأثير الأملاح على القواعد، وأعمال القطع الصخري في المشاريع المجاورة، وما سببه من اهتزازات. وأشار إلى أن أعمال المعاينة الميدانية بينت وجود شروخ إنشائية في بعض القواعد، وعدم تجانس للخرسانة في بعض الأعمدة، وكذلك ضعف المقاومة الاعتبارية، وضعف متوسط إجهاد الكسر، وارتفاع الانحراف المعياري. وقد تم تدعيم الأعمدة على عدة مراحل من خلال معالجة السطح الخرساني، وتركيب لفائف من المواد البوليمرية المسلحة بالألياف الكربونية، ورش المادة المقاومة للحريق، وكذلك إعادة الوضع لما كان عليه من مواد التشطيب، مشيرا إلى أن الحالة الإنشائية لأعمدة التوسعة السعودية الأولى بعد التدعيم لا تحتمل أي تعلية مستقبلية، كما أنه لم يؤخذ في الاعتبار المعاملات الزلزالية الخاصة بمنطقة الحرم. وبينت الدراسة أن النظام الإنشائي الحالي للحرم القديم يؤثر على رؤية الكعبة المشرفة من داخل الحرم القديم، حيث تؤثر أعمدة التوسعة السعودية الأولى والثانية (الحشوات) والرواق في تدني مدى الرؤية؛ لذا سيعتمد المشروع الجديد على المنهجية التصميمية الجديدة فقد اتخذت منهجية تطوير البدائل التصميمية لحل مشاكل الازدحام حلا جذريا داخل المسجد الحرام، وذلك بإعادة بناء الحرم القديم بما يتفق مع التوسعة السعودية الثالثة (توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز)، مع تأصيل النمط التقليدي للرواق المحيط بصحن المطاف والحفاظ على العناصر المعمارية الأساسية لمبنى المسجد الحرام، وأن يتم ذلك على مراحل وفترات زمنية مجدولة لا تؤثر على مرتادي المسجد الحرام.