شكا عدد كبير من سكان أحياء الرياض مما أسموه غياب قواعد السلامة في السيارات المخصصة لنقل وتوزيع الغاز داخل الأحياء السكنية، مطالبين بوضع معايير وشروط صارمة تضمن سلامة الجميع عمال النقل والسكان والعابرين الأبرياء، كما طالبوا بتحديد مسارات خاصة للشاحنات الخطيرة وتحديد مواقيت معينة تتحرك فيها. وكشفت جولة «عكاظ» على محلات الغاز في العاصمة عن قصور هائل في قواعد السلامة وطرق النقل والتوصيل والتوزيع مع جهل كثير من السائقين لتدابير الأمن والوقاية. يحث سعيد العتيبي الجهات المختصة على وضع خطط مسبقة لسير الشاحنات وتحركاتها ومواعيدها مع وجوب مصاحبة سيارات أمن وسلامة لتلك الشاحنة إلى جانب فرق من الدفاع المدني، مشيرا إلى وضع ضوابط تمنع دخول مثل هذه الشاحنات إلى عمق الأحياء والتأكد من مستوى خبرة السائقين وتأمينهم ضد المخاطر المحتملة. على أن تتحمل شركة الغاز تبعات التأمين وتكاليفه. ولفت العتيبي أن هناك احتياجا لمراقبة أكبر من الجهات المعنية للسائقين ومراجعة حتى لا تتكرر مآسي يوم الخميس قبل الماضي. مواصفات الناقلات إلى ذلك أوضح خبير في التحكم على المخاطر المهندس عبدالله العفري أن حادث الرياض يطرح أيضا تخوفا من تكراره، إذا لم تكن هناك سياسات واضحة لإدارة هذه النوعية من المخاطر وقواعد السلامة التي تتعلق بمواصفات ناقلات الغاز والمواد الخطرة، فضلا عن أنظمة المرور التي تحدد مسارات وأسس تحرك ونوعية السائقين الذين يقودونها. ويرى المهندس عبدالله العفري في حديث ل «عكاظ» أنه بنظرة سريعة على الإحصائيات الرسمية يتضح أن المنصرف من لوحات الشاحنات والآليات يصل إلى 165 الف لوحة سنويا أي ما يعادل 25 % من إجمالي المنصرف من لوحات المركبات في المملكة. وتؤكد إحصائيات الدفاع المدني حول حوادث الحريق في المملكة أن أكثر من 5000 حادث حريق تقع سنويا بسبب وسائل النقل والمعدات الثقيلة أي ما يقرب من 20 % من إجمالي حوادث الحريق وبحسب إحصائيات عام 1431ه فإن مديريات الدفاع المدني ساهمت في أكثر من 18 ألف عملية إنقاذ منها 5728 عملية تصادم سيارات. وقال العفري: إن الإحصائيات تؤكد أن الشاحنات والناقلات التي تسير على الطرق تحمل قدرا كبيرا من الخطورة للممتلكات والأنفس والأمر يتطلب التوعية والفهم الكامل لآليات تحليل المخاطر، والعملية تتطلب تطوير سياسات واضحة لإدارة المخاطر والتخطيط الكامل للتعامل معها، مع وضع القواعد والأنظمة التي تحكمها ومتابعة وقياس آليات التنفيذ، الأمر الذي يؤدي إلى التحكم في المخاطر وتقليل حدوثها قدر الإمكان. إدارة المخاطر وفيما يتعلق بمخاطر الشاحنات أوضح العفري أن أي قصور قد يحدث في عملية التشغيل أو الصيانة أو في الإجراءات أو التدريب يؤثر سلبا على مستوى السلامة والأمن. وربما يؤدي إلى حوادث تصل في بعض الحالات إلى مستوى الكارثة على النحو الذي شاهدناه في حادث الرياض، حيث إن التأثير يشمل فقد الحياة، والإصابات والضررر المالي والمادي والإضرار بالممتلكات، فضلا عن توقف الإنتاج أو تعطله، في المقابل فإن التزام كافة الأطراف بقواعد الأمن والسلامة، وكذلك التحسين المستمر لإجراءات إدارة المخاطر يساهم في تحسين الأداء وتجنب الكوارث وبالتالي يخفض التعويضات والخسائر. وبالنسبة لشاحنات نقل الغاز المسال على وجه التحديد، أشار إلى أن البيانات التاريخية الكافية حول إنتاج وتصنيع وتشغيل الشاحنات تساهم في رسم صورة دقيقة للتوقعات المستقبلية حول أدائها وسلامتها. وهناك عدة عوامل يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تحليل وتقييم مخاطر شاحنات نقل الغاز المسال منها ما يتعلق بالشاحنة نفسها وتشمل محرك الشاحنة، والخزان، والطاقة الاستيعابية للشاحنة، والشروط العامة والتصميم والصيانة ومواصفات السلامة للخزان، والإضاءة والحساسات والمدة الزمنية لتشغيل الشاحنة، واستخدام التكونولجيا الحديثة والسرعة على الطريق ومواقع إيقاف الشاحنة. الغاز المسال وأضاف العفري، أن هناك عوامل تتعلق بسائقي ناقلات الغاز المسال يجب وضعها في الاعتبار عند تقييم المخاطر أهمها عدد سائقي ومشغلي الناقلات، كفاية السائقين والمشغلين، ساعات العمل في الأسبوع، تراخيص السائقين، وخبرتهم، والدراية والإلمام بعملية التحميل والتفريغ، والوعي بجوانب السلامة، وسائل الاتصال، الإلمام بالطريق وبرامج الرحلة، إضافة إلى تدريب السائقين والمشغلين، مع وضع دورات تنشيطية لتجديد وتحديث المعلومات، بالإضافة إلى العوامل التي تتعلق بالتشغيل مثل العقبات التي تصادف التشغيل، والتزامات العقود، والمسائل المالية والقضايا المتعلقة بالأيدي العاملة. ولفت الخبير في إدارة مخاطر التأمين وقواعد الأمن والسلامة الانتباه إلى أن الجوانب النظامية لهذه الإشكالية مثل لوائح المرور فيما يتعلق بنقل المواد الخطرة، ولوائح وزارة النقل ذات الصلة بالموضوع، ومعايير إدارة السلامة البيئية والدفاع المدني تشكل جميعها أهمية قصوى للمعالجة والضبط لكن يبقى التأمين أحد أهم وسائل معالجة إشكاليات حوادث الناقلات لسعودية، ليس فقط لأنه يوفر آلية للتعويض عن الخسائر الناتجة عن تلك الحوادث بل أيضا لأن شركات التأمين تطبق إجراءات صارمة تتعلق بمدى التزام كافة الأطراف بقواعد إدارة الخطر وإجراءات السلامة الأمنية والمرورية، لاسيما أن مستوى التزام المشغلين بتلك القواعد ينعكس على العلاقة التأمينية وكذلك مستوى القسط التأميني المدفوع. واختتم العفري حديثه ل «عكاظ» مؤكدا على أن هناك حاجة ملحة لهذا النوع من الالتزام خاصة في ظل عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بالجهة الحكومية المسؤولة عن ضبط التزام مشغلي ناقلات الغاز على الطرق وتوزيع تلك المسؤولية على أكثر من جهة مثل إدارة المرور وإدارة الدفاع المدني ووزارة النقل وإدارات السلامة الصناعية. ساعات في سوق السمك مفاجأة في أبها .. الساعات المنظمة لأسطوانات الغاز تباع في سوق السمك بسعر السوق السوداء فضلا عن عشرات المحلات الخطيرة التي تتوسط الأحياء بتصاريح رسمية من الدفاع المدني والبلديات، لكن الكثير من هذه المحلات تفتقر لوسائل السلامة معتمدة على طفايات أكل عليها الدهر وشرب. «عكاظ» رصدت في جولة على محلات بيع الغاز في أحياء المنسك، الموظفين، شمسان، النميص، والخالدية ولاحظت خيوط العنكبوت على طفايات قديمة ومتهالكة كدليل على قدمها وانتهاء صلاحيتها لكن بعض المحلات مزودة بطفايات ووضعها مناسب من ناحية المداخل والمخارج وتبعد نسبيا عن النطاق السكني. زاهر محمد العسيري يقول إن المعاناة تكمن في عدم توفر أسطوانات الغاز الجديدة وإن وجدت تنقصها الساعة والمنظم والأنبوب، ومع ذلك تباع بأكثر من سعره حسب الطلب والندرة، ويضيف عبدالرحمن الأسمري أنه ظل يبحث عن الساعة وعن أنابيب الغاز منذ أكثر من يومين وحصل على الساعة المنظمة في سوق سوداء تباع بسعر 100ريال. ويضيف يحيى العسيري «أصبحنا بين فكي شركة الغاز المصنعة لصمامات الأسطوانات والباعة)، وأبدى منيف حمد الشهري وعبدالرحيم القحطاني تخوفهما من الأمر وزادت مخاوفهما بعد انفجار شاحنة غاز خريص، ويحث المتحدثون على ضرورة إعادة النظر في أوضاع تلك المحلات ونقلها عاجلا إلى خارج المدينة تحسبا لأي طارئ مع ضرورة التقيد بتعليمات الدفاع المدني واشتراطات السلامة الواجب توفرها من مداخل ومخارج للطوارئ وطفايات حريق وعمالة مدربة على التدخل والإطفاء.