عقدت يوم أمس الدائرة الجزائية الثالثة في المحكمة الإدارية بديوان المظالم الجلسة السادسة للنظر في اتهامات موجهة لمهندس مدني مسؤول عن تنفيذ مشاريع شركة شهيرة يملكها أحد رجال الأعمال، ومتهم ثان (قيادي سابق في أمانة جدة مكفوف اليد). وبدأت الجلسة بالمناداة على المتهمين حيث مثل المتهم الأول أمام ناظر القضية ليعيد عليه تلاوة الاتهامات الموجهة ضده تلاها ممثل هيئة الرقابة والتحقيق وتتمثل في تقديم أرض رشوة لموظف عام للإخلال بواجبات وظيفته وتسهيل معاملات خاصة بالشركة التي يعمل لديها المتهم ويصل سعر الأرض إلى مليون و300 ألف ريال سبق أن اعترف المتهم أمام قاضي المحكمة بها وصادق على اعترافاته وذلك مقابل تسيير 8 معاملات لدى إدارة المتهم الثاني. وأنكر المتهم الأول في جلسة الأمس الاتهامات، وقال: «الاعتراف أملي علي بالإكراه وليس لي أي مصلحة في رشوة المتهم الثاني، وقد بعته أرضا اشتريتها بمبلغ مليون و300 ألف وبعتها له بمبلغ مليون و400 ألف ريال على أن يتم السداد بالأقساط وكان ذلك بعلمه وهو من أرشدني على الأرض، ولكونه لا يملك المال الكافي دفعت أنا ثمنها وبعتها له بحضور شهود وبأوراق رسمية وعقود، وقدم لي ضمانات عبارة عن شيكات تم تحصيل عدد منها بالفعل». وأضاف المتهم الأول: «استملت عند البيع 400 ألف ريال والباقي على أقساط على مدى 16 شهرا، ولا توجد أي رشوة في هذا العمل، فكيف تكون رشوة وقد دفع ثمنها، فضلا عن وضع بند في العقد (في حال لم يدفع بقية المبلغ أصبح شريكا له بنسبه 50 %) وهو ما حدث حيث أصبحت شريكا له حاليا لعجزه عن دفع باقي قيمة الأرض فكيف تكون رشوة». هنا فاجأه ناظر القضية بسؤاله: «كيف تحرر عقد أرض لا تملكها، وكيف بعته أرضا لا تخصك ؟» فرد المتهم: «عقدت النية على شرائها ومن ثم بيعها للمتهم الثاني واتفقت مع مالكها الأصلي وهي سيدة، ومن ثم تم الإفراغ للمتهم الثاني بعد أن ضمنت حقي من خلال الشيكات والضمانات». القاضي: «لا زلت أسألك كيف بعته أرضا لا تملكها وشرعت على حد قولك في استيفاء أقساطها رغم أنها لا تخصك، وهل لديك إثبات على أنك تملك الأرض ؟». المتهم: «عقدت النية على الشراء والبيع وتم الإفراغ للمتهم الثاني مباشرة بعد الاتفاق التجاري وبحضور شهود يثبتون عملية الشراء والبيع». عقب ذلك تحدث ممثل الادعاء مؤكدا: «جريمة الرشوة وقعت للموظف الحكومي وهو المتهم الثاني، وقد صادق المتهمان على ذلك شرعا واعترفا بتفاصيل لا تصدر إلا من خلال ممارس وهو ما يؤكد اكتمال أركان القضية». ناظر القضية للمتهم الأول: «لماذا لم تقم بكتابة العقد في مكتب عقار كما هو معروف ومألوف في المبايعات ؟» ليرد المتهم: «لم أرد أن يستفيد مكتب العقار من نسبه 2.5 % وهو شغل خاص بي مع وجود شهود على تحرير العقد اطلعوا على المبايعة بيننا، وهي مبايعة شرعية لا خلاف فيها وقد التزمنا بها ونفذت». عند ذلك واجهه ناظر القضية بسؤال آخر: «كيف تكون شريكا وقد دفع لك كامل قيمة الأرض كما تشير الشيكات المقدمة إلى المحكمة ؟»، فأجاب المتهم الأول: «هذا غير صحيح، فقد تقاضيت مبلغ 600 ألف من قيمة الأرض، فيما بقية الشيكات لم تصرف لعدم وجود رصيد لدى المتهم الثاني، وبالتالي أصبحت شريكا في الأرض لعجزه عن الدفع». بدوره، قال محامي المتهم الأول المستشار الشرعي سعد الباحوث إن موكله حرص على إيفاء الضمانات اللازمة على مشتري الأرض من مبايعة شرعية ووجود شهود وتحرير شيكات لضمان حقه، وهناك عقد مقدم للمحكمة يؤكد ما اتجهنا إليه. قيادي الأمانة ينكر عقب ذلك مثل المتهم الثاني (قيادي الأمانة مكفوف اليد) والذي يواجه اتهاما بأخذه رشوة عبارة عن أرض بقيمة 1.300.000 ريال لينكر تلك الاتهامات، مشيرا إلى أن اعترافه المصدق شرعا أخذ منه بالقوة والإكراه، وأنه لم يتقاض أي رشوة، وقال: «في اعترافي ذكرت في السطر الأول أنها عملية بيع وشراء، ولكن تم تحريف اعترافي لإدانتي، وقد أقحمت شركة يعمل فيها المتهم الأول بهدف توريطي وتوجيه الاتهام لي». هنا بادره ناظر القضية بسؤاله: «ولماذا اشتريت أرضا بالأقساط وبهذه الطريقة المعقدة ؟». المتهم الثاني: «لأني لا أملك مالا لشرائها». ناظر القضية: «كيف لا تملك أموالا وقد أسفرت عمليات تفتيش في منزلك عن العثور على 4 ملايين ريال ؟». المتهم: «هذه الأموال لا تخصني لوحدي وكنت أدخر ما يخصني لتخصيصه للبناء، وقد وجدت من يدفع عني القيمة بعد أخذ الضمانات التي استطيع الإيفاء بها، ولكن حجز أموالي وحساباتي وإيقافي عن العمل جعلني أعجز عن الإيفاء بها ليصبح بذلك شريكا في الأرض وبهذا خسرت الشيء الكثير». ناظر القضية: «وكيف تم اختيار الأرض خاصة وأنها تقع بجوار منزلك، كيف تم ذلك ؟». المتهم: «اخترت الأرض لأنها تقع بجوار منزلي، ودفعت 400 ألف ريال مقدما، ومن ثم دفعت مبلغ 285 ألفا، وهي نصف قيمة الأرض المتفق عليها إلا أنني عجزت بعد ذلك عن السداد لحجز أموالي». وزاد المتهم: «الأرض حصلت عليها عن طريق الشراء الواضح والبائن وبعقد رسمي وبدفع 400 ألف ريال في أول شيك، ومن ثم أقساط أخرى وصلت إلى نصف السعر، فكيف تكون رشوة وأمام يدي فضيلتكم ما يثبت ذلك من شيكات، وهو ما يؤكد ما قمنا به، كما أن المتهم الأول لم يسبق أن راجعني ولا علاقة لي به في العمل، وهو ما ينفي وجود أي مصلحة تستدعي تقديم الرشوة، والمدعي علينا لم يتثبت في دعواه التي تقدم بها، وقد خسرت كثيرا في هذه الأرض بعد أن عجزت عن دفع قيمتها بسبب حجز أموالي مما جعل البائع يدخل معي شريكا رغم أن الأرض سعرها الآن أعلى من السابق وهو ما يجعلني خاسرا في كل الأحوال». غياب الشاهد عقب ذلك رفعت القضية للاستراحة قبل أن ينادي على أطراف القضية للعودة إلى الجلسة، وبادر ناظر القضية بطلب الشهود على بيع الأرض كما أفاد المتهمان، حيث حضر أحدهما فيما تغيب الآخر نظرا لتواجده في مدينة الرياض في مهمة عمل. وسأل القاضي الشاهد: «هل شاهدت عملية البيع والشراء ودفع الأموال ؟». الشاهد: «نعم شاهدت دفع الأموال وهو مبلغ 400 ألف ريال، أنا لم أحضر المفاوضة منذ بدايتها، ولكني حضرت عند توقيع العقد، ووقعت على المبايعة كشاهد». وأضاف: «كما شاهدت شيكين لدى البائع أكد خلالها المشتري وهو المتهم الثاني، أنه سيدفع له بقية الدفعات من خلال هذه الشيكات والتي حصل عليها المتهم الأول كضمان منه». عقب ذلك طلب ناظر القضية رفع الجلسة للتشاور قبل أن يقرر تأجيل القضية إلى يوم الثلاثاء 20 محرم وذلك لحاجتها لمزيد من التشاور والتأمل والدراسة لإصدار الحكم فيها.