•• بفوز مستحق.. صعد «الأهلي» إلى المباراة المصيرية لحسم البطولة الآسيوية في 10 نوفمبر الجاري، بعد أن لعب مباراة كبيرة أمام منافسه التقليدي الاتحاد وحقق فيها هدفين نظيفين، مستفيدا من الأخطاء التكتيكية الكبيرة التي وقع فيها مدرب الاتحاد «كانيدا»، وتسبب معها في هزيمة فريقه وخسارته فرصة ثمينة كادت تدنيه من الكأس.. •• فليس صحيحا أبدا أن الاتحاد قد خسر المباراة أمام الأهلي لأن لاعبيه قصروا في أداء الواجب، أو أنهم لعبوها بغرور وثقة وغطرسة.. لأن الاتحاديين كانوا يعرفون أن الأهلي لم يكن الفريق الذي يمكن الاستهانة به أو التراخي أمامه.. لا سيما وأنه كان يلعب المباراة بفرصة واحدة هي الفوز.. وبفارق هدف على الاتحاد لكي يصعد.. مما جعله يلعب المباراة بالحد الأدنى من الأخطاء.. كما أنه كان يلعب المباراة في ملعبه.. وأمام جماهيره المتعطشة لفوزه بعد أن حرمتها عملية التوزيع الغريبة «آسيويا» لتذاكر الدخول في المباراة الأولى.. بالإضافة إلى «تعطش» الفريق للفوز بالبطولة الآسيوية لأول مرة.. وهي عوامل كان على الاتحاد أن يدركها جيدا.. وأن يدرك معها أن الأهلي غير مستعد في التفريط في فرصة سانحة له وبالذات في ظل غياب «سوزا» عن وسط الاتحاد وبالتالي غياب دور «الدينمو» المحرك للهجمات في المقدمة وللعب في وسط الملعب.. •• بنظرة فنية محضة.. فإن هذا الغياب المؤثر قد أوقع «كانيدا» في عدة أخطاء تكتيكية شنيعة وضح منذ بداية المباراة أنها كفيلة بترجيح كفة الأهلي إذا هو لم يعالجها سريعا ويعمل على تصحيحها.. وبالذات بعد أن وضح أن الأهلي حافظ على تشكيلته السابقة التي لعبت المباراة الأولى.. بما يؤكد ويشير إلى أن المدرب «ياروليم» قد عالج أخطاء المباراة الماضية.. وأعاد النظر في أدوار اللاعبين داخل الملعب بدقة وفي ضوء خارطة الاتحاد ومستجداتها التي كانت معروفة قبل بدء المباراة.. وأنه لعب بتركيز شديد على خطأ «كانيدا» التكتيكي الذي بدأ بفراغ الوسط وغياب المحور المهاجم المكلف بقيادة الفريق.. وتنشيط الهجمات وهو الخلل الذي تسبب فيه المدرب بإرجاع «الشربيني» إلى منطقة «النصف» للقيام بهذا الدور خلف المهاجمين عوضا عن «سوزا».. فكان هذا على حساب وجود نايف هزازي وفهدالمولد في المقدمة .. حيث وضع فهد على الطرف الأيسر.. وأبقى على نايف وحيدا بالمقدمة أمام 4 مدافعين أهلاويين ومحور مركزي ثابت.. فكان ذلك سببا رئيسيا في شلل هجمات الاتحاد وتقهقر الفريق وعجز الوسط عن ملء مساحات المنطقة وتركها لتحركات أهلاوية نشطة حسمت المباراة مبكرا.. •• وقد قابل هذا التشكيل الاتحادي المربك استثمار جيد من مدرب الأهلي الذي ركز جهوده على منطقة الوسط ونجح عبر الظهيرين «معتز» يمينا و «منصور» يسارا أن يحرك الأطراف ويساعد منطقة الوسط على التحرك أماما.. وملء فراغات الوسط الاتحادي بكفاءة عالية وحسم المباراة لصالحهم وبالذات جهود كل من منصور ومعتز الموسى.. بصورة أساسية.. وإن كان دور «تيسير الجاسم» و «موراليس» أقل من المستوى المطلوب.. وإلا لكان فوز الأهلي كبيرا.. وبفارق غير مسبوق.. أخطاء كانيدا قاتلة •• ويمكن إجمال أخطاء «كانيدا» في الآتي : • أولا : منذ عرف الاتحاد نفسه في السبعينيات وحتى اليوم وهو فريق «مهاجم».. وبالتالي فإن أي خطط لا تنسجم مع هذا التكوين «الفني» أو «اللياقي» أو «العناصر» لا تناسب الفريق ولا تحقق له النتيجة الأفضل.. وما حدث في هذه المباراة تحديدا.. «لخبط» الفريق.. فلا هو تركه يهاجم.. ولا هو جعله يدافع.. منذ الشوط الأول.. ومنذ كرة البداية.. وذلك بتوزيع الأدوار العجيب الذي أشرنا إليه سابقا، هذا التوزيع وضع كلا من «فهد» و«الشربيني» في غير مكانهما الطبيعيين.. وشتت جهود نايف هزازي وجعل محمد نور لاعبا زائدا.. لا تعرف إن كان يلعب على الأطراف.. أو أنه يساند الهجمة إلى جانب نايف هزازي.. أو يعود إلى وسط الملعب ليغطي انطلاقات «الشربيني» غير المركزة وغير المحسوبة.. •• والتفسير الوحيد لهذا التكتيك هو أن المدرب «كانيدا» أراد الاستفادة من خبرة «الشربيني» السابقة في هذا المركز وقبل أن يأتي إلى الاتحاد .. لكنه نسي أن اللاعب انتظم في مركز لاعب الوسط الأيسر «جناح» منذ بدأ مع الاتحاد وأنه لم يتلق أي تدريب كاف على هذا المركز الجديد عليه فيه.. وأن زميليه في المنطقة «كريري وإمبابي» وجدا جسما جديدا وطارئا عليه ولم يتوفر الحد الأدنى من الانسجام معهما.. وظل يركض في كل اتجاه ولكن دون هدف محدد.. فلا هو وجد أمامه نايف أو فهد.. أو محمد نور.. ولا هم تلقوا منه تمريرة صحيحة واحدة.. وهو لا يلام على ذلك لا سيما وأن المباراة كانت تعتمد على التجانس الكبير بين اللاعبين وتوزيع الأدوار المحسوبة بدقة بين الخطوط الثلاثة.. وذلك لا يتحقق في العادة إلا بعد تمارين مكثفة.. ورسم محدد لخطوط الحركة داخل الملعب، وبالتالي فشل الهجوم فشلا ذريعا في اختراق دفاع الأهلي الذي بدا متماسكا.. ليس لأنه كذلك ولكن لأن هجوم الاتحاد كان «مشتتا» و«ضائعا» رغم المجهود الهائل والاستنزاف الشديد الذي تعرض له كل من «فهد المولد» و «نايف هزازي»، ورغم الحيرة التي كان يعاني منها «محمد نور» ورغم المعاناة الشديدة التي كان يواجهها «إمبابي وكريري» بحكم امتلاء منطقة وسط الأهلي على حسابهما كمحورين متأخرين في الأصل.. وإن اضطرا للقيام بدور مزدوج وغير مفيد بالمرة.. • ثانيا : إن هذا الخلل الواضح في التشكيلة استمر حتى نهاية المباراة وكان على المدرب.. أو حتى على الجهاز الفني الاتحادي بشكل عام أن يلفتوا نظر المدرب «كانيدا» إليه ولا أظنهم فعلوا ذلك لأنه عنيد.. ومكابر.. •• فقد كان عليه أن يعالج الخلل الأكبر لديه في شلل الهجوم والتحول من الهجوم بلاعب واحد.. إلى الهجوم بلاعبين «نايف/ فهد»، وأن يختار محورا متصرفا بدلا من «الشربيني» يجيد مهمة الإمداد.. والمراوغة.. والتهديف عوضا عن «سوزا»، وإن تطلب ذلك الاستغناء عن «الشربيني»، غير أن «كانيدا» اعتبر أن هذا التغيير يشكل مجازفة بالنسبة له.. لأنه من وجهة نظره لا يوجد لديه في دكة الاحتياط من يحل هذه المعضلة.. بمن فيهم لاعب الوسط «أبو سبعان» الذي كان هو الأقرب للقيام بهذا الدور .. وذلك لأن «أبو سبعان» يلعب كمحور متأخر وهو الدور الذي يقوم به كل من «إمبابي» و «كريري». •• وقد أدت تلك الحيرة إلى الاستمرار باللعب بنفس الخطة وعلى نفس الأدوار وبنفس اللاعبين مما مكن الأهلي من تركيز هجماته أكثر واستغلال تراجع وسط الاتحاد.. وضياع هجومه.. وشدد الهجمات على خط الظهر الاتحادي إلى أن انهار أمام الهدف الثاني القاتل الذي سدده «فيكتور» من أمام «أسامة المولد» و «أحمد عسيري» اللذين لعبا مباراة كبيرة ولا سيما المولد الذي حمل دفاع الاتحاد على كتفه طوال المباراة بل وقام بدور مساند لمنطقة الوسط في أكثر فترات المباراة.. • ثالثا : إن الخطأ الرئيسي الذي استمر عليه المدرب الاتحادي منذ عدة مباريات، هو أنه ظل يلعب ب «المنتشري» ظهيرا أيسر لشعوره بالحاجة إلى «أحمد عسيري» في منطقة متوسط الدفاع إلى جانب «أسامة المولد» لكي يراقب «عماد الحوسني» مراقبة الظل طوال المباراة واللعب عبر طريقة «مان تومان»، بالرغم من أن «الحوسني» لاعب «زئبقي» ولا يمكن متابعته.. وإذا أنت فعلت هذا فإن الخلل في منطقة وسط الدفاع سيكون كبيرا وهو ما حذرنا المدرب من الاستمرار فيه أو عليه في المباراة الثانية، لأن غياب لاعب مهم في منطقة حساسة معناه إيجاد مساحة كافية يمكن للهجوم في المقابل أن يستغلها بنجاح.. •• والأسوأ من ذلك.. أن «كانيدا» أوكل مهمة الرقابة اللصيقة للاعب البرازيلي «فيكتور» إلى «أسامة المولد»، وهو إن تمكن من مضايقته ولم يسمح له بالحركة الكافية في المقدمة إلا أنه لم يستطع الاستمرار في أداء الدور إلى النهاية وهكذا تحقق الهدف الأهلاوي الثاني.. •• ولو كان «تيسير الجاسم» في فورمته المعهودة في هذه المباراة.. ولو كان «موراليس» ذكيا بدرجة كافية.. لاستغلا فراغ منطقة وسط دفاع الاتحاد الكبير نتيجة استمرار المدرب في تكليف «المولد والعسيري» بمهمة «غبية» وقديمة.. و «كارثية».. لولا أن الله سلم «كما يقولون».. • رابعا : افتقد الفريق الدور المساند للهجمات في الأطراف تماما.. وبالذات من الناحية اليسرى.. لأن تعليمات المدرب للظهير «المنتشري» كانت واضحة بعدم التقدم في الوقت الذي نجح مدرب الأهلي «ياروليم» في إجبار "»إبراهيم هزازي» على عدم التقدم لمساندة الهجمة الاتحادية.. عندما وجد نفسه مضطرا لملاحقة «فيكتور» الذي كان يميل إلى البقاء أطول وقت ممكن في هذه المنطقة.. وهو تكتيك أهلاوي كان واضحا أنه مقصود ولكي يضمن المدرب قتل الطرف الاتحادي الأيمن وعدم تقدم «الهزازي» كما تعود على ذلك.. وحتى عندما كان يتقدم في أوقات قليلة فإن تقدمه كان يشكل مشكلة كبيرة على دفاع الاتحاد.. تماما كما حدث في الهجمة التي انتهت هدفا ثانيا للأهلي على يد فيكتور.. ولم يستطع أسامة المولد معالجة الموقف بعد أن وجد نفسه خلف فيكتور.. وعجز عن قطع الكرة وخطفها من أمامه.. •• هذا التكتيك الأهلاوي الذكي والمدروس نجح على النحو التالي: 1 استثمار حالة تشتت هجوم الاتحاد وإراحة دفاع الأهلي تماما.. 2 مضاعفة الهجمات الأهلاوية الساحقة على منطقة الظهير الاتحادية التي ظلت تعاني من سوء التوزيع للأدوار حتى النهاية.. 3 غياب المحور الهجومي الاتحادي المحرك وتفرغ إمبابي وكريري لمساندة الدفاع المكلف بدور المراقبة لمساحات واسعة ودون حد أدنى من التنظيم. 4 شلل تفكير المدرب الاتحادي وخطأ قراءته للمباراة وعدم تقديمه حلولا عملية لتأجيل حسم المباراة إلى الوقت الإضافي والرهان على الجانب اللياقي لصالح فريقه. •• وهكذا انتهت المباراة بالفوز الأهلاوي في النهاية.. بعد أن قدم الفريق مباراة أفضل من مباراته الأولى.. توازنت فيه خطوطه الثلاثة بصورة أفضل.. وارتفعت فيه لياقة لاعبيه وبدا عليهم التصميم منذ اللحظة الأولى وحتى النهاية.. •• لكن المستوى العام للفريق الأهلاوي لا يطمئن كثيرا للفوز بمباراة البطولة على فريق «أولسان» الكوري.. إذا لم يتم تدارك بعض الأخطاء التكتيكية البسيطة ورفع معدل اللياقة بين اللاعبين ووجود احتياطي يضمن التعامل مع كل الاحتمالات وفي مقدمتها احتمالات الإصابة أو الطرد.