بالرغم من الهدف اليتيم الذي حققه الاتحاد في مباراته مع الأهلي مساء الاثنين الماضي في اللقاء الأول ضمن دور نصف النهائي الآسيوي وعلى ملعبه في جدة، إلا أن المستوى الضعيف الذي قدمه الفريق في هذه المباراة لا يطمئن جماهيره بحسم المباراة الفاصلة يوم الأربعاء الموافق 15/12/1433ه على ملعب الأهلي وبين جماهيره، بدليل أدائه الضعيف للغاية في الشوط الأول رغم توفر ثلاثة عوامل لصالحه هي: الأرض .. والجمهور.. وظروف أغلبية لاعبي الأهلي الصحية التي تجاهلها مدربهم «جاروليم» وزج بالكثير منهم للعب مباراة حاسمة وفي مقدمتهم «فيكتور» و «الحوسني» و «كامل الموسى» الذي كاد يجازف به ويشركه في المباراة وحبسه على قائمة الاحتياط وبصورة أكثر تحديدا «فيكتور» الذي لعب مباراة إكمال عدد.. بدوافع نفسية بحتة.. إلا أن دوره قد اقتصر على التحرك دون كرة.. وتمرير كرات محكمة في بعض الأحيان ومرتبكة في أحيان أخرى «للحوسني» وبعض المهاجمين الذين تواجدوا بالصدفة في منطقتي الوسط والمقدمة. ورغم هذه الظروف الأهلاوية الصحية .. ورغم فراغ وسط الأهلي تماما إلا من «تيسير الجاسم» مقابل امتلاء وسط الاتحاد بأبرز نجومه «سوزا» و «أمبابي» و «كريري» إلا أن الأهلي لعب مباراة كبيرة سيطر فيها على معظم الشوط الأول .. وهدد مرمى الاتحاد كثيرا.. وسحب هجوم الاتحاد إلى الخلف رغما عنه.. وأدار الشوط بالطريقة التي يريدها.. وفرض على الاتحاد طريقة لعب عشوائية وأفقده كل إمكانية لامتلاك الكرة.. وتنفيذ الخطة التي اختارها المدرب لإدارة المباراة بنجاح. وحتى الشوط الثاني الذي تحرك فيه لاعبو وسط الاتحاد «أمبابي» و «كريري» و «محمد نور» و «سوزا» بصورة أفضل.. مستفيدين من هشاشة وسط الأهلي.. وضعف الأطراف لديه.. فإن هذا الشوط شهد خروقات أهلاوية كثيرة لدفاعات الاتحاد كادت تثمر عن أهداف أهلاوية حقيقية ومنها تلك الفرصة التي أضاعها «الحوسني» وتفوق عليه فيها الظهير الأيمن إبراهيم هزازي الذي تواجد صدفة في منطقة قلب الدفاع ليغطي إصابة «أسامة المولد» وتراجع مستواه بعدها وينقذ المرمى الاتحادي من هدف محقق كان يمكن أن يغير مجرى المباراة.. ويحول دون تقدم الاتحاد وتحقيق هدفه الوحيد الذي نجح في تسجيله «نايف» بقوة الضغط وليس بتكتيك مدروس.. ودقيق.. من خطط الهجوم والوسط.. أو من المدرب كانيدا. وحتى الوسط الاتحادي الذي تحرك في الشوط الثاني بصورة أفضل وتحديدا كل من «سوزا/ كريري» فإن ذلك حدث بعد حالة الانهيار التامة التي بلغها وسط الأهلي وبالذات في ظل انشغال «تيسير» بالتحرك أماما.. وتعويض قصور الهجوم وغياب الأطراف.. وبذله جهدا فوق عادي ولكن على حساب منطقة الوسط التي فرغت تماما.. إلا من محاولات جيدة من لاعب وسط الأهلي الناشئ «مصطفى بصاص» الذي وجد نفسه أمام تحد غير عادي.. وفوق الطاقة ولم يقصر في القيام بأدوار مقبولة.. تراوحت بين القيام بدور المحور الدفاعي والهجومي وإن كان تراجعه إلى الدفاع على حساب دوره الهجومي.. وهو تراجع اضطراري لا يحاسب عليه. والدليل على أن تحسن أداء وسط الاتحاد في الشوط الثاني كان بسبب غياب وسط الأهلي .. هو أن مدرب الاتحاد شعر أنه لم يعد بحاجة إلى حشد هذه المنطقة بعدد لا حاجة له به فسحب «سوزا» ودفع بفهد المولد إلى الأمام لتحريك الهجوم لسببين هما: أولا: أن سوزا لعب المباراة منذ اللحظة الأولى بتراخ شديد وحضور محدود وأداء بطيء.. وتحرك عشوائي.. وكأنه يلعب مباراة عادية.. وليس مباراة دولية.. أمام فريق متمكن.. ولأداء أدوار متعددة تبدأ بمساندة الهجوم وتغذيته بكرات دقيقة ومحكمة.. وتعمل على خلخلة دفاعات الأهلي.. وتمكين المهاجمين من التسرب إلى مرمى الأهلي.. وتتواصل لإمداد الأطراف بالكرات الجانبية وتحريكها.. وتنتهي بالتهديف القوي على مرمى الأهلي.. لكن هذه المهام كلها لم تتحقق ولم يؤد «سوزا» فيها أي مهمة.. ولذلك وجد المدرب أنه لا حاجة لبقائه أو استمراره بالإضافة إلى تزايد حاجته إلى خدمات مهاجم سريع ومهاري في المقدمة مثل المولد.. وهذا ما حدث.. وما أدى في النهاية إلى تحريك الهجوم وتفرغ نايف للبقاء في خط ال«18» والتقدم إلى خط ال«6» وتحقيق الهدف.. وهو تصرف سليم من المدرب.. واستثمار موفق من خط المقدمة اقتضته حالة الأهلي المتراجعة في هذا الشوط ودفاعاته التي كانت تتراجع بقوة لا سيما في ظل تقدم مدافعه القوي «بالومينو» وكذلك حيوية «عقيل بالغيث» التي قللت كثيرا من خطورة «نايف هزازي» وأجبرته على الهرب منه يمينا ويسارا وخلفا.. إلى أن حانت اللحظة المناسبة وأنقض فيها على المرمى الأهلاوي والاستفادة من خطأ مشترك يتحمل مسؤوليته كل من الدفاع وحارس المرمى «عبدالله المعيوف».. فإذا كان الاتحاد قد تعامل مع المباراة الأولى بهذا المستوى من «الفوضوية» وغياب التكتيك وعدم التوزيع المحكم للمهام باستثناء مهمة «العسيري» الواضحة لمتابعة «الحوسني» ومهمة «أسامة المولد» لمراقبة «فيكتور» وتحرك «كريري» في الاتجاهين دفاعا وهجوما.. اعتمادا على وجود «أمبابي» و «سوزا» في منطقة الوسط.. وعلى أرضه وبين جمهوره.. فكيف سيكون حاله في المباراة القادمة وقد فقد عاملي الأرض والجمهور. هذا السؤال المهم.. يجيب عليه الاتحاديون قائلين: إن الاتحاد يحسن التعامل مع المباريات التي يلعب فيها ضد خصوم أقوياء.. وبأقل قدر من الفرص والظروف الملائمة.. وبعيدا عن جمهوره.. وتحت ضغط الشعور المسبق بالهزيمة.. ويلعب أفضل بعد أن يدخل مرماه أول هدف. هذا الكلام صحيح في مجمله.. إلا أن الاعتماد عليه مخاطرة كبيرة لأنه يعول كثيرا على ارتفاع مستوى «الروح» والأحساس بالمسؤولية لدى اللاعبين «فقط» أكثر من اعتماده على خطط مدروسة.. وأداء محكم ودقيق لهذه الخطط.. والتزام بأداء الأدوار المنوطة بكل لاعب.. وهذا خطأ فادح.. وإلا فما أهمية المدرب.. وما هي أهمية رسم خطة تبدأ بدراسة الفريق الآخر.. ومعرفة أوجه القوة والضعف فيه.. وتوزيع الأدوار داخل الملعب على هذا الأساس.. وتغيير اللعب في حالة تغير الظروف .. وفقا لمجريات المباراة؟. ثانيا: إن إصابة «معتز» الأهلي قد أسهمت في ضعف الأداء الأهلاوي في منطقة حساسة وبالتالي فإن ما حدث في مباراة الاثنين هو أن الاتحاد لعب بدون خطة.. وأنه استفاد فقط من مستوى اللياقة المتدني لدى الأهلاويين.. ومن الخطأ التكتيكي الذي وقع فيه مدرب الأهلي الذي عول كثيرا على الشوط الأول وأراد حسم النتيجة مبكرا لصالحه.. وذلك توجه كان يمكن أن يكون سليما لأن الفريق يلعب على أرض الفريق الآخر وبعيدا عن جماهيره.. لولا إن أكثر لاعبيه كانوا مصابين وإن لياقة بعض العناصر المحورية والأساسية غير مكتملة.. مثل «فيكتور» كما أن جاهزية «الحوسني» الصحية واللياقية كانت أقل من المطلوب. وبدلا من أن يعمد المدرب الأهلاوي «جاروليم» على توزيع جهود اللاعبين على الشوطين.. ويحتفظ ب«فيكتور» في خط الاحتياط لاستثماره في الوقت المناسب.. فإنه بتلك التشكيلة وبتلك الخطة «الحماسية» استنزف جهود اللاعبين ولياقتهم في شوط واحد.. وترك الملعب في الشوط الثاني للاتحاديين يسرحون ويمرحون فيه لولا عشوائيتهم وعدم قدرتهم على استغلال هذا الوضع اللياقي الصعب الذي كان فيه الأهلي.. والذي ازداد تعقيدا بعد خروج «معتز الموسى» ومحدودية فعالية «منصور الحربي» على غير العادة. كل هذه المعطيات تشير إلى الآتي: 1 إن الاتحاد لن يتمكن من حسم المباراة القادمة لصالحه إذا هو لعب بالمستوى الذي رأيناه عليه في المباراة الأولى.. وأن مدربه بحاجة إلى أن يعيد صياغة خطته على أساس متوازن.. بحيث تؤدي مناطق الدفاع والوسط والهجوم أدوارا متكافئة.. تتوزع فيها الأدوار بحسابات دقيقة وتضع في حسابها معطى واحدا هو ضمان لعب «90» دقيقة كاملة .. بخطة مرنة وغير تقليدية تبدأ بتأمين الدفاع وإعادة تنظيمه.. ولا سيما في ظل الاحتمال الوارد بعدم تمكن أسامة المولد من اللعب.. لتكرر إصابته وتجددها وبالتالي اللعب في متوسط الدفاع بكل من «المنتشري / رضا تكر» الذي غاب عن المباراة السابقة لتوقيفه مباراة واحدة.. ويحتفظ بالعسيري لبعض الوقت لتعزيز الدفاع به في الوقت المناسب .. مقابل عودة «مشعل السعيد» إلى مركز الظهير الأيسر وبالتالي تحريك الأطراف بصورة أفضل بدلا من الاعتماد على «إبراهيم هزازي» فقط في الناحية اليمنى.. مع تأمين عودة أحد محاور الوسط إلى الخلف في حالة تقدم أحدهما لمساندة الهجوم.. وتكون هذه من أبرز مهام «كريري» وأن يكون وسط الاتحاد «سوزا، أمبابي، الشربيني، نور» في حالة جيدة.. ويتكامل فيها دور الوسط مع جهود الظهيرين ويشكلان حركة دائمة على الأطراف. وإذا استمر أداء «سوزا» ضعيفا.. وأنا لا أعتقد ذلك .. فإن الاتحاد سيكون محتاجا إلى الدفع بمهاجمين في المقدمة منذ البداية هما «فهد المولد ونايف» وإن جاء ذلك على حساب تأجيل مشاركة «الشربيني» من البداية لبعض الوقت ومتابعة المباراة لحظة بلحظة .. على أن يستمر «أمبابي، سوزا، كريري» في منطقة الإمداد بتوزيع دقيق للأدوار.. حتى وإن تطلب الأمر تأخير الاستعانة بنور من بداية الشوط الأول. 2 إن العامل اللياقي لفريق الأهلي .. وإن كان لصالح الاتحاد.. إلا أنه قد لا يستثمر من قبل الاتحاديين بصورة جيدة إذا غلب عليهم الحماس واستعجلوا التسجيل وتقدموا إلى الأمام وكشفوا خط الظهر.. لأي محاولة قد يخترق معها هجوم الأهلي ووسطه دفاعاتهم والوصول إلى المرمى وهذا متوقع في أي لحظة. 3 إن فرص الأهلي في الفوز لا تزال كبيرة ورغم ظروف لاعبيه الصحية إذا هو أحسن اختيار اللاعبين المؤهلين للعب بصرف النظر عن النجومية.. وبعيدا عن الاعتماد على العامل النفسي أو الاستعجال لحسم النتيجة مبكرا.. ولعبوا بتوازن وهدوء وتماسكوا أمام اندفاع الاتحاد المبكر هذه المرة لحسم المباراة مبكرا. هذا التوازن قد يضعهم في المستوى الأفضل إذا اعتمد المدرب خطة متوازنة «4/3/3» مع توزيع الأدوار وتكاملها بين الخطوط الثلاثة على مدى وقت المباراة وبعيدا عن الاستنزاف المبكر وقلل الحوسني من الحركة على الأطراف وتواجده في منطقة مواجهة مرمى الاتحاد.. وقام الوسط الأهلاوي بمهامه على أكمل وجه في تحريك الأطراف بمساندة من منصور وتيسير .. بصورة أساسية وبالذات في حالة غياب «فيكتور» وحلول «المحياني» بدلا عنه.. وحتى إذا لعب «فيكتور» بعد تحسن ظروفه الصحية.. فإن على المدرب أن يجد للمحياني دورا يقوم به في مباراة تعتمد على المهارة أكثر من احتياجها إلى الجهد فقط.. ولدى الأهلي مخزون جيد من لاعبي الاحتياط لا يحتاجون إلا لمزيد من الثقة فيهم. 4 إن الحراسة الأهلاوية تحتاج إلى خبرة «المسيليم» في المباراة القادمة رغم تحسن مستوى «المعيوف» وعدم مسؤوليته بصورة مباشرة عن الهدف الذي دخل مرماه.. لأن الخبرة مهمة في حسم المباريات الكبيرة والفارقة.. إلا فإن الإصابات.. ومحدودية الخبرة.. وضعف اللياقة سوف تلعب ضد الأهلي.. ولصالح الاتحاد وبالذات إذا لم يعتمد الاتحاديون على نقاط الضعف الأهلاوية الكبيرة هذه.. وإن كانت روح لاعبيه المعنوية العالية والقتالية قد عوضت الكثير.. وحالت دون تعرضهم لهزيمة كبيرة لو أن الاتحاديين أحسنوا التعامل مع المباراة واستثمروا تلك الظروف بصورة أفضل. وفي كل الأحوال.. فإن المباراة القادمة ستكون بكل تأكيد أفضل من المباراة السابقة التي كانت «باهتة» في أكثر فتراتها.. ولم تخضع لأي مقاييس فنية على الإطلاق.. وغلب عليها «الجري» وافتقدت إلى أبسط قواعد التكتيك بالرغم من المستوى التحكيمي العالي والمتميز الذي أديرت به من قبل الحكم القطري «عبدالله البلوشي» والذي أعطى اللاعبين فرصة أكبر للحركة ولعب المزيد من الحيوية .. وتجنب حالة الشحن النفسي وابتعد عن إصدار أي بطاقات إنذار وأعطى «ادفانتج» كافيا للاعبين وإن بدا ذلك في رأي البعض وكأنه تجاوز عن أخطاء قانونية في منطقة ال«6» وهو ليس كذلك.. لأن تقدير الحكم لحالات اللمس للكرة من قبل لاعبي الفريقين في منطقة المرمى المحرمة كان صحيحا.. لأنها لم تكن متعمدة.. ولأن التعامل معها بروحية القانون غلبت على حذر التحكيم وحساسيته وتلك ثقافة جديدة نحتاجها في ملاعبنا.. وبين حكامنا وعند جماهيرنا.