يحرص الكثير من الحجاج أثناء أدائهم فريضة الحج على زيارة مقابر المعلاة التي تضم على ترابها عددا كبيرا من الصحابة والتابعين الذين دفنوا في ثراها، فضلا عن رفات أقرباء وأصدقاء لعدد من الحجاج الذين فارقوا الدنيا في السنوات الماضية أثناء وجودهم في الأراضي المقدسة. ويشاهد دموع بعض الحجاج أثناء وقوفهم على مقابر المعلاة منهمرة، وهم يرفعون الأكف إلى السماء وألسنتهم تلهج بالدعاء. وذكر عدد من الحجاج ل«عكاظ» أنهم يزورون مقابر المعلاة للسلام على الصحابة والتابعين الذين دفنوا في ثراها، فيما أكد البعض الآخر أنهم يأتون لزيارة قريب أو رفيق عمر أو صديق دفن، وجاءت مناسبة الحج لاستعادة الذكريات المؤلمة وجاء وقت الوفاء مع الأصدقاء والسلام عليهم والدعاء لهم. ورصدت عدسة «عكاظ» حاجا باكستانيا كان يدعو مجتهدا رافعا يديه إلى السماء ودموعه تنهمر، وبعد أن انتهى من دعائه سألناه عن سبب زيارته لهذه المقبرة، فقال: اسمي حميد سمندر من باكستان، وعمري فوق ال70 عاما، وقدمت إلى مقابر المعلاة ابحث عن قريب لي ذهب للحج قبل 30 عاما ومات في تلك السنة، وبالاستفسار من بعض الأقرباء علمت أنه دفن في مقابر المعلاة، لذلك حرصت على زيارته بعد مماته والسلام عليه فهو من أعز أصدقائي الذين أكننت لهم كل الحب. وفي مكان ليس بالبعيد، كان عدد من الحجاج الإندونيسيين يرفعون أيديهم ويلهجون بالدعاء، وقال أحدهم إنه يدعى نور، وإنهم قدموا لمقبرة المعلاة للسلام على الصحابة والتابعين والدعاء لهم، وأيضا السلام على أقرباء من الأجداد كانوا قد أتوا إلى المشاعر قبل سنوات طويلة عندما كان الحاج لا يغادر بلده إلا بعد كتابة وصيته، لأنه نادرا ما كان يعود الحاج من رحلة الحج، وقد مات لنا أقرباء كثر ودفنوا في هذه المقابر ووجدناها فرصة أن نسلم عليهم وأن ندعو لهم. أما عبد الله حاجي، من باكستان فقال: قبل 20 عاما، دفنت قريبا لي كان يرافقني في رحلة الحج، ولن أنسى ذلك المرض الذي داهمه هنا في مكة وأدخله مستشفى الزاهر وبقي فيه أسبوعا حتى توفي، وقمت بدفنه هنا في هذه المقابر ولم أستطع تأدية فريضة الحج بعد تلك السنين، لذلك حرصت على زيارة قبره والسلام عليه والدعاء له. وهنا كشف ل«عكاظ» الدكتور فواز الدهاس أستاذ تاريخ الجزيرة العربية والمشرف العام على المتاحف في جامعة أم القرى، أن مقبرة المعلاة هي مقبرة أهل مكة منذ العصر الجاهلي حتى الآن، وكانت المقبرة على سفح الجبل ثم امتدت إلى الوادي، وكانت متصلة فيما بينها ثم فصلت بالجسر الحالي، وبين الدهاس أن هذه المقبرة تضم بين جنباتها قبور عدد كبير من الصحابة ومنهم السيدة خديجة رضي الله عنها في الناحية الشمالية وبها سمي الجبل بجبل السيدة كما تضم قبر ابن الزبير في الناحية الجنوبية.