في كل عيد من الأعياد يجتمع حوله الأبناء والأحفاد يقاسمهم فرحة العيد ويرسم على وجوههم البسمة بحكايات الزمان الذي عاشه لحظة بلحظة بأحزانه وأفراحه يصورها لهم ليروها ماثلة على قسمات وجهه قبل أن ينطق بها، ينطلق في حديثه الأبوي بكل عفوية وتلقائية مشوقة لا تجعلك تمل حديثه، يعطيهم من خبرته حينا وأحيانا يمدهم بنصائح تعد زادا لهم في هذه الحياة. يرسم لهم خارطة للسير في هذه الحياة خارطة ملؤها المحبة والسلام يوصيهم على الخير ويحثهم على الطاعات يغرس فيهم معنى البذل والعطاء وكل معاني الإخاء والتسامح في التعامل مع الناس. حتى هاجمه المرض قبل أشهر ليجعله طريح الفراش، غابت حكاياته، وانطفأت ابتسامته، لم يعد سوى جسد نحيل لا يستطيع الحراك. اثنان وتسعون عاما قضاها في دروب هذه الحياة المنهكة كان لابد لها من نهاية وهذا قضاء الله ولا اعتراض عليه ليودعنا وداعا هادئا مطمئنا كهدوئه المعتاد قبيل ليلال من العيد، ليأتي العيد هذه المرة مواسيا للجميع وناقلا التعازي عوضا عن حديث الأنس والسمر وأصبح مكان القاص فارغا، بعد أن كان يمدهم بروح تملأ المكان بالعاطفة والأبوة بأسمى معانيها.. رحمك الله يا جدي رحمة واسعة وجمعنا بك في جناته جنات النعيم.