ما بين دور الأيتام والفرح مسافات شاسعة، ترسم قصصا وحكايات غارقة في الأحزان، يعيشها الأيتام صباح العيد.. فإحساسهم بالهدايا التي يتلقونها والحلوى التي توزع عليهم، يتضاءل بمقدار إحساسهم بالغربة، فلا شيء يعدل أما حنونا تُقبلهم وتزينهم، أو أبا يضمهم إلى صدره ويصطحبهم إلى المساجد والمجالس ومدن الألعاب. لا تعويض اليتيم محمد (15 سنة) ترجم إحساسه بالعيد قائلا: ما العيد دون أبي وأمي؟.. فالملابس التي نتلقاها والحلوى التي نأكلها لا تغني عنهما شيئا . وتوقف قليلا عن الحديث وقد بلل الدمع وجهه، ثم عاد ليكمل: يأسرني في الصباح منظر الأطفال وهم ممسكون بأيدي آبائهم، ذاهبون لأداء صلاة العيد، ثم يعودون لتبادل التهاني مع أقاربهم . أما الطفلة سعاد، وكانت تقلّب في ملابس العيد التي قدمها فاعلو خير إلى جمعية رعاية الأيتام، فقالت: أنا هنا منذ أكثر من خمس سنوات.. لا أعرف للعيد طعما سوى هذه الملابس.. فلا أحد يسأل عني منذ جئت إلى هذا المكان . أما علي، فلفت إلى أن الروتين الذي نعانيه في الأيام العادية هو ذاته الذي يقتل فرحة العيد فينا.. عيدنا مجرد ملابس جديدة وحلوى.. لا نشعر بالكثير من المناسبات، على الرغم من أن الجمعيات وأهل الخير يقدمون لنا الكثير، لكن ينقصنا الإحساس بالدفء، الذي لا يستطيع أحد تقديمه إلينا . إحساس الفقد وتقول أم صالح، أرملة تعول طفلين يتيمين: في كل صباح أول يوم في العيد أحاول أن أدخلهما في جو المناسبة، فأصطحبهما إلى مصلى العيد، وأتحاشى أن أترك لهما فرصة للسؤال عن والديهما، كما آخذهما للتنزه؛ حتى لا أشعرهما بأن أحدا أفضل منهما، مستفيدة مما يأتيني من أهل الخير لبرامج الترفيه التي يحتاجون إليها . أما يحيى محمد فعلق: بالطبع مهما توافر لنا من أسباب العيش، يظل إحساس الفقد يراوح مكانه فينا.. فكل الحنان الذي أجده لا يعوض قبلة أو ابتسامة من والدي، يرحمه الله . صالات عرضة خاصة من جانبه قال عبدالله القحطاني، نائب المدير التنفيذي للمستودع الخيري لرعاية الأيتام: إن من أهم واجباتهم نحو الأيتام إشعارهم بالأبوة التي يفتقدونها، والتقرب منهم والتخفيف عنهم . وذكر أنه تم تحويل 400 ريال في حساب كل يتيم لشهر رمضان؛ ليستفيد منها في شراء مستلزماته وأغراضه، ويستفيد من هذا المشروع 1306 أيتام، غير صالات الملابس، وهي مجهزة بأحدث الديكورات وأفضل الملابس والأغراض، وهي تشبه صالات العرض في المتاجر الكبرى، حيث يتم تحديد موعد لكل أسرة لزيارة المعرض؛ لتأخذ ما تريد لكل فرد من عائلتها للعيد، اضطراب وعدم استقرار الباحثة الاجتماعية عبير سلطان، أكدت أهمية الالتفات إلى هذه الفئة التي حرمت دفء الأبوة وحنان الأمومة، مشيرة إلى أن العيد من أهم المناسبات التي يجب على المجتمع مشاركة اليتيم فيها.. ودعت إلى زيارة الأيتام ورسم البسمة على شفاههم. وذكرت أن فقد الهوية يؤدي إلى حالة اضطراب وعدم استقرار لا يخرج منه الشخص بسهولة؛ لذا يعيش مجهولو الهوية داخل المؤسسات الإيوائية في حيرة وقلق من حقيقة واقعهم؛ لأنهم لا يعرفون من أين أتوا وأين أسرهم وكيف فقدوا، وما أصل وجودهم في هذه الحياة ومدى صحة أسمائهم؟.