موضوع تزايد أعداد العمالة الوافدة، ومنها العمالة السائبة، أصبح موضوع الساعة لحديث كثير من المواطنين. ومع تزايد أعداد العمالة كل عام تزداد معه سلبياتها، والوطن والمواطن هما من يدفع الثمن على أية حال. البعض يرى في أعداد العمالة الوافدة غزوا لا بد أن يوضع حد له. فأعدادها المتزايدة، فضلا عن كونها تتسبب في إرباك الخدمات العامة، فهي تؤثر على القيم الاجتماعية والثقافية والأخلاقية والأمنية للمواطن، فكثير من أعدادها غير متعلمة ورديئة، وفيها من لديه خلفية إجرامية وأتى ليعمل أي عمل كان طالما يحصل من خلاله على المال. وتكون المشكلة أصعب إذا ما اعتمد على هذه العمالة التي قد تصبح مع الزمن أغلبية مقابل أقلية السكان، كما في بعض البلدان، وهنا تكمن الخطورة. من ناحية أخرى فإن من أخطار العمالة الوافدة بقاء البعض من أفرادها فترة طويلة ومنهم من يجلب عائلته بطريقة غير مشروعة ومن ثم ينجبون بشكل غير نظامي. وقد يتجنس المواليد، والناتج تغيير يصيب البنية الاجتماعية. كون هذه العمالة الوافدة تعد بالملايين، فإن لها خطرا على الأمن الاجتماعي بعمومه، ومن ذلك إحداث بطالة بسبب قلة فرص العمل للمواطنين، وللبطالة سلبيات لا يستهان بها. هذا يثير شعور المواطن بالإحباط والاغتراب في بلده. فليس هينا عليه الشعور بخطر تكدس العمالة في المدن والشوارع والأحياء الآهلة بالسكان، ومزاحمتها له في فرص العيش الكريم. المواطن لا يريد حل مشكلة العمالة على حسابه، فعندما يقل ما بيده، وهو عاطل بلا عمل، يشعر عندئذ، كما قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بأن «الفقر في الوطن غربة والغني في الغربة وطن». فذلك يذكرنا بالمقولة الرائجة وهي أن العمالة «قنبلة موقوتة». (في المقابل، للعمالة بشكل عام إيجابيات ملموسة في التنمية، لكنها ليست موضوع بحث هنا). سبق للقائد العام لشرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان أن قرع ناقوس خطر سلبيات العمالة الوافدة في دول الخليج العربي، كما جاء في جريدة الاقتصادية ( الأربعاء 1/1/1432ه 15/1/2011م ). فقد حدد الفريق مجالات هذه السلبيات كالتالي: الوضع السكاني (الديمغرافي) والإنساني والثقافي والسياسي والقومي والأمن النفسي والوطني والاقتصاد والقيم والعادات والتقاليد والهوية العربية. علاوة على ذلك أشار الفريق ضاحي في الجريدة المذكورة إلى خطورة تدخل القوى الخارجية بأمر العمالة إذ قال : «فقد تأتي قوانين عالمية تفرض علينا، لا قدر الله، إلزامية توطين كل من تواجد على أرضنا، وأمضى عشرة أعوام...» . (وقد لا يكون غائبا عن ذهن الفريق ما جرى لتيمور الشرقية ووضع التاميل في سريلانكا..). كما قد أشير في جريدة الرياض (الخميس 14/12/1432ه 10/11/2011م) إلى سلبيات العمالة، وذكر حي البطحاء في الرياض كمثال حي لتجمع بعض العمالة الوافدة، وما لها من سلبيات، وطبقا لجريدة الرياض: «... أصبح مجرد الدخول إلى بعض شوارعه الفرعية مخاطرة غير محسوبة، خصوصا في أماكن تجمعات العمالة شرق آسيوية وغيرهم ممن اتخذوا من حي البطحاء والأحياء المجاورة له وكرا لهم ولمخالفاتهم...». وما يجري في حي البطحاء من قبل بعض العمالة الوافدة يجري كذلك في حي بني مالك في جدة وفي أماكن أخرى .. والأمر كذلك، فإن العمل الملح هو ترشيد أعداد العمالة الوافدة خاصة غير المتعلمة وغير المدربة. الحاصل أن هذه العمالة تتدرب اعتباطا على رأس العمل الذي يتولاه أفرادها ويتعلمون على حساب المواطن. هذا النوع من العمالة يمكن الاستغناء عنه واستبعاده اتقاء لأضراره. ذلك يتطلب تطبيق الأنظمة والتشريعات بحق المخالفين بحزم وإيقاع الجزاء الرادع على من يستقدم النوعيات الرديئة من العمالة. والله أعلم (يتبع).