تتفاقم يوما بعد آخر مشكلة العمالة الوافدة غير المدربة الآخذة في الازدياد بربوع المملكة والتي تشكل مصدر تهديد حقيقي في جوانب عدة ليس اولها الجانب الاقتصادي وليس آخرها الجانب الأمني. وركزت ندوة «اليوم» على مناقشة هذه القضية من جميع جوانبها متطرقة الى مسبباتها وآثارها الاجتماعية والتربوية على المديين القصير والطويل. واتفق ضيوف الندوة على ان حل هذه المشكلة يستلزم ايجاد استراتيجية وطنية، تشارك فيها الجهات الحكومية كافة كل في مجاله، تحدد الاولويات وطرق العلاج شريطة الا تتجاهل هذه الاستراتيجية دور المواطن الحيوي والمحوري في الحد من استقدام عمالة غير مدربة، سرعان ما تصبح عالة على المجتمع.. ومن هنا كانت البداية... أدار الندوة د. عبدالمنعم القو: المشاركون الدكتور صالح بن جاسم الدوسري عضو مجلس الشورى سابقا الدكتور خالد بن حسن الشهري عضو هيئة التدريس بجامعة الدمام الدكتور فضل بن علي الراشد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك فيصل الرائد جزاع بن عبدالله الشملاني الأمن الوقائي بشرطة الدمام
* // دعوة لإيجاد استراتيجية وطنية للحد من استقدام عمالة غير مدربة * تجمعات العمالة السكنية تشكل بؤر فساد بالمجتمع * «النية الصادقة» شرط أساسي للقضاء على المشكلة * المواطن يتحمل جزءًا كبيرًا من مشكلات العمالة غير المؤهلة * إلزام الشركات بتسفير عمالتها الوافدة.. ضرورة * لا مانع من محاكاة أساليب دول نجحت في مواجهة المشكلة * أخطار أمنية وراء التستر على العمالة الوافدة // د. عبدالمنعم القو: بداية أرحب باسمي واسم رئيس التحرير بالسادة الحضور الذين حرصوا على المشاركة في ندوتنا لهذا الاسبوع والتي تتناول موضوعا مهما للغاية لا تغفله الاحاديث اليومية للعديد من المواطنين الذين يهمهم امر الوطن والمواطن والمستقبل الزاهر لهذه البلاد، وهو موضوع العمالة الوافدة غير المؤهلة في وطننا مع التأكيد على ان هناك عمالة وافدة تقدم واجبها وما هو مطلوب منها بما تحمله من خبرات ودراية وثقافة واقصد بالعمالة غير المهنية، تلك العمالة المتسربة داخل البلاد والتي تأتي بتأشيرات حرة وليس لها عمل حقيقي وكفالة نظامية وكذلك المتسللون لحدود المملكة والجالسون في البلاد بعد ادائهم الحج والعمرة ورفضوا مغادرة المملكة، وكذلك العمل غير النظامي، ومعروف ان العمالة الوافدة تشكل 90 بالمائة من اجمالي العمال في القطاع الخاص، فيما يشكل السعوديون 10 بالمائة وفي البدء نطرح سؤالا على سعادة الدكتور صالح الدوسري حول رؤيته للتأثير النفسي والاجتماعي للعمالة الوافدة غير المؤهلة على المجتمع؟
د. صالح الدوسري: لاشك ان لهذه العمالة آثار سلبية كثيرة على المجتمع، ويجب ان نلتفت الى امر مهم للغاية وهو انه طالما وضع هؤلاء في البلاد غير قانوني، فبالتالي سيزالون اعمالا غير قانونية سيكون لها تأثيرات سلبية على المجتمع مثل السرقات والجريمة وترويج الممنوعات وهي امور بلاشك تؤثر على افراد المجتمع في امور كثيرة لدرجة التأثير في اللغة التي نتحدثها مع هؤلاء للتفاهم معها بايجاد لغات ليست عربية خالصة.
فضل راشد: اشدد على ما قاله الدكتور صالح بخطورة التأثيرات السلبية التي تخلفها العمالة الوافدة غير المدربة على المجتمع وهي تأثيرات اجتماعية ونفسية وتربوية وغيرها من المجالات، ولكن يبقى السؤال المهم وهو ردة الفعل المطلوبة من المجتمع بجميع افراده ومؤسساته الرسمية تجاه هذه العمالة غير المؤهلة والمتسربة، وردة الفعل ليست مختصة بالمؤسسات الرسمية والجهات الامنية فحسب وانما مختصة ايضا بأفراد المجتمع كافة الذين تقع عليهم مسؤولية خطيرة في مواجهة هذه العمالة وتأثيراتها السلبية.
د. عبدالمنعم القو: ما تأثير تهريب العمالة الوافدة عبر منافذ المملكة البحرية والبرية وكيفية مواجهة هذه الظاهرة والقضاء عليها؟ يجب الاعتراف أننا كسعوديين نحن من يجلب العمالة الاجنبية من بلادهم وبعضنا يأتي بعمالة وافدة اكثر من حاجته، ثم يتركهم يسرحون ويمرحون هنا وهناك من باب عدم الرغبة في قطع الأرزاق، ويؤكد هذا الأمر ان المواطن نفسه هو من يشجع العمالة الوافدة الهاربة على البقاء بالوطن، عبر المساعدة في تشغيلهم والاستعانة بهم في بعض الاعمال، وعدم الاعتراض على عدم مهنيتهم وعدم كفاءتهم. وما يخص المتسللين فلدينا جهات امنية تعمل على مدار الساعة وهي حرس الحدود الذين يبذلون جهودا كبيرة للحد من تهريب وتسلل العمالة الوافدة ولكن كما يعلم الجميع ان للمملكة حدودا برية شاسعة مع الدول المجاورة، وهي حدود جبلية وعرة يصعب مراقبتها ومعرفة ثغراتها، وتبقى المشكلة الكبيرة لدينا في موسم الحج والعمرة على مدار العام التي تخلف اعدادا كبيرة من الاشخاص، خاصة الافارقة الذين لم يقتصر وجودهم على مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وانما وصل الى المنطقة الشرقية ويعملون في مغاسل السيارات وفي الاعمال اليدوية، ولو ان المواطن يقف وقفة حازمة وقوية تجاه هذه العمالة الوافدة المتسربة والمهربة، كما يجب ألا تجد هذه العمالة أي تشجيع للبقاء في البلاد والعمل بها، ونحمد الله ان لدينا نظاما حازما وصارما لمعاقبة المتسترين على العمالة الوافدة المخالفة.
خالد الشهري: احذر من مغبة بقاء الامر كما هو عليه بشأن العمالة الوافدة غير المؤهلة والمتسربة، لان عواقب هذه المشكلة كبيرة في المستقبل اقتصاديا واجتماعيا واخلاقيا وامنيا، ويجب ان تكون هناك انظمة وقوانين وعقوبات صارمة تحد من خطورة هذا الامر وتضرب بيد من حديد على من يتهاون في هذه الانظمة والتشريعات التي يجب ايضا ان يكون فيها ما يضمن معيشة طيبة لهذه العمالة الوافدة، فمن الصعب ان يكون راتب بعض العمالة الوافدة 400 أو 500 ريال، وهي رواتب لا تساعدهم على العيش الكريم، فيضطرون للبحث عن وظائف غير نظامية يزيدون بها رواتبهم لسداد المستحقات المطلوبة منه سواء في تجديد اقامته او توفير الطعام والدواء له او لافراد اسرته في بلده.واتمنى فرض عقوبات صارمة بحق الشركات والمؤسسات التي تعمل على تسريب العمالة الوافدة وتسريحهم، والاعلان عن هذه العقوبات في وسائل الاعلام والتشهير بهذه الشركات حتى تكون عبرة للشركات الاخرى التي تتبع السلوك نفسه.
د. صالح الدوسري: المشكلة تحتاج الى نوع من النظام في التعامل مع المخالفات، فمن المفترض ان يتم استقدام العمالة المدربة والماهرة في اعمالها، ويمنع استقدام العمالة غير المدربة ولكن للاسف توجد بعض الشركات تسترخص رواتب العمالة غير المدربة، فتأتي بهم الى بلادنا وتتركهم يسرحون هنا وهناك للبحث عن وظائف مساندة لهم بجانب وظائفهم الرسمية، وهذه المشكلة موجودة في دول اخرى عدة ولها تجارب عديدة في التعامل مع هذه المشكلات وعلينا ان ندرس ونحاكي التجارب الناجحة، مع الوضع في الاعتبار ان هذه المشكلات لدينا قديمة وتحدثنا فيها كثيرا واخذت من وقتنا وجهدنا الشيء الكثير ولكنها لم تجد حلا حتى اللحظة، اذن الامر يحتاج الى تشريعات وانظمة تحدد الطرق التي يجب ان نتبعها في استقدام العمالة وشروط هذه العمالة، وتوضيح العقوبات التي تطبق بحق الشركات والافراد المخالفين لهذه الانظمة والتشريعات، وارى ان المجتمع بأكمله مسؤول عن حل هذه المشكلة فوزارة الداخلية مسؤولة عن المتابعة والمراقبة ووزارة العمل مختصة بمنح التأشيرات والمؤسسات التجارية هي من تستقدم العمالة الوافدة غير المدربة، ووزارة الاعلام لها دورها في محاربة هذه الظاهرة بتوعية المواطن وتحذيره من التعامل والتستر على العمالة المخالفة، وقصدت بكلامي ان الجميع له دور في المشكلة وحلها ولا يمكن استثناء طرف من الاطراف.
جزاع الشملاني: اتفق مع الدكتور الدوسري بان حل المشكلة مرتبط بجهود الجميع من مؤسسات وافراد ووزارات ولكن اعتقد ان لكل طرف نسبة معينة في الحلول المطلوبة، فدور وزارة العمل كبير وعظيم في الحد من هذه المشكلة ويقدر الجهود التي تبذلها هذه الوزارة، يتم التخفيف عن كاهل الوزارات الاخرى مثل الداخلية التي تختص بجانب الرقابة والمتابعة واتوقع ان لدينا عمالة زائدة عن حاجة الوطن بنسبة لا تقل عن 50 بالمائة، وارى ان هناك تساهلا في استخراج تأشيرات العمالة الاجنبية من الخارج دون رقيب او حسيب.
د. عبدالمنعم القو: ولكن اعتقد ان موسم الحج وكذلك العمرة وراء تخلف الآلاف من الحجاج والمعتمرين الذين ينضمون الى قائمة العمالة الوافدة غير المدربة؟
الرائد جزاع: نحن نقوم بحملات امنية على مدار العام للقبض على العمالة المتخلفة سواء من الحج والعمرة او الهاربة من كفلائها، ونقوم بما يقرب بخمس حملات تفتيشية كبيرة كل عام، كما نقوم بحملات اخرى متوسطة بمعدل يتراوح بين مرتين وثلاث مرات في كل شهر، والحملات الصغيرة، تكاد تكون شبه يومية.
خالد الشهري: اتفق مع الدكتور صالح في تحميل المسؤولية للجميع واتفق ايضا مع الرائد جزاع في تحميل الجزء الاكبر من المسؤولية لمكتب العمل الذي عليه ان يحد من منح التأشيرات لكل من هب ودب، واتصور ان تحميل المسؤولية لابد ان يأتي بنسب معينة، والنسبة الاكبر احملها للمواطن الذي يتستر على العمالة الوافدة غير النظامية، ويساعدهم على ايجاد العمل وتوفير المسكن، وبعد المواطن يأتي دور مكاتب العمل التي يجب ان تضع آلية لاستخراج التأشيرات الجديدة، ثم يأتي بعد ذلك دور وزارة الداخلية في المراقبة والمتابعة.
فاضل الراشد: المشكلة تحتاج الى دراسة مستفيضة من جميع النواحي، لتحديد دور كل جهة فيها ووضع تصور عام للحلول المطلوبة وفق استراتيجية عمل، تعتمد اسلوب المراقبة والمحاسبة وعلينا ان نحاكي التجارب الناجحة لبعض الدول في محاربة العمالة الهاربة والمتسللة مثل قطر ودولة الامارات العربية، اللتين حققتا نجاحا كبيرا في هذا الامر.
د. عبدالمنعم القو: ننتقل الآن الى محور آخر من محاور ندوتنا وهو تأثير ظاهرة التستر على العمالة المخالفة في انتشار المخالفات من افراد هذه العمالة التي تستغل هذا التستر في ارتكاب الجرائم مثل السرقة وترويج المخدرات والخمور، وثبت ان من يقوم بهذه المخالفات والجرائم هم العمالة غير المؤهلة او غير المهنية؟
خالد الشهري: قرأت احصائية تشير الى ان 66 بالمائة من السعوديين لا يستطيعون افتتاح مشاريع خاصة ولا يستعينون بالعمالة المخالفة بشكل او بآخر، وهذا يشير الى ان هذه النسبة من المواطنين يتسترون على العمالة المخالفة فيما رأى 34 بالمائة ان بامكانهم عدم الاستعانة بالعمالة غير المخالفة واستطيع ان اؤكد ان هناك ارتباطا بين التستر على العمالة غير المهنية وبين كثرة ارتكاب الجرائم والمخالفات الامنية ولولا هذا التستر من بعض المواطنين لما وقعت هذه النسبة من الجرائم مثل السرقات والسطو وترويج المخدرات وتصنييع الخمور، وهناك احصائية اصدرتها جريدة "اليوم" اكدت فيها ان ثلث الجرائم الامنية التي تقع في مدينة الجبيل بسبب العمالة الوافدة، وتحديدا العمالة غير المتعلمة وغير المدربة، ونعود الى التركيبة النفسية للعمالة غير المتعلمة، التي تصل الى بلادنا، فهم فئة بداخلها نوازع الشر ولا مانع لديها من ارتكاب أي مخالفات في سبيل تحقيق آمالها واحلامها المادية، ويرجع السبب الى عدم وجود آلية لدى وزارة العمل في استقدام العمالة المتخصصة والمؤهلة واستبعاد العمالة غير المهنية، وللأسف لا توجد مكاتب خارجية تساعد السعوديين على استقدام العمالة المهنية.
صالح الدوسري: نحتاج الى تشريع سليم في تنظيم عملية استقدام العمالة المهنية الجيدة واستبعاد العمالة غير المهنية، وهذا التشريع مسؤولية وزارة العمل كما أن هناك دورا تختص به وزارة الداخلية في مراقبة ومتابعة سوق العمل والتأكد من التزام الجميع بالقوانين والانظمة الخاصة بالاستقدام وللاسف توجد شركات معينة هي التي تسبب انتشار العمالة المخالفة وغير المهنية عبر استقدامهم وتسريحهم بعد الانتهاء من المشاريع التي استقدمتهم من اجلها، وهذا يعيدنا الى نقطة البداية التي طالب بها الزملاء، وهي ضرورة وجود آلية لمنح التأشيرات وآلية في استقدام العمالة الماهرة والمدربة التي نستفيد منها، واستبعاد العمالة غير المدربة.
د. عبدالمنعم القو: صدرت احصائية العام الماضي حددت نسبة الجرائم التي ترتكبها العمالة الاجنبية من الجنسيات المختلفة، وقالت الاحصائية: إن اليمنية تأتي في المقدمة بنسبة 20 بالمائة, ثم الباكستانية بنسبة 18 بالمائة، والهندية والنبجلاديشية بنسبة 10 بالمائة لكل منهما، كيف يمكننا ان نربط بين هذه النسب وبين مستوى تعليمهم هذه الجنسيات؟
الرائد جزاع: تبقى المشكلة في عقود المشاريع التي تستقدم بها الشركات السعودية عمالة وافدة وبعد انتهاء المشاريع تسرح عمالتها او بمعنى آخر لا تتأكد من سفر هذه العمالة الى بلادها، وللاسف تقوم هذه الشركات عبر عقود جديدة باستقدام عمالة اخرى وهكذا في الوقت نفسه نجد شركات صينية تقوم بعمل مشاريع داخل المملكة وبعد انتهاء المشاريع تتعهد الشركات برحيل جميع عمالتها التي استقدمتها لهذا الهدف، وهذا اسلوب جميل ورائع آمل ان نراه يتحقق لدى الشركات السعودية، وللاسف الشديد نرى ان هناك سعوديين يفتتحون عددا وافرا من الوكالات ويستقدمون عمالة لهذه الوكالات في مخالفة صريحة للنظام. وبالعودة الى سؤالك نحن في جهاز الشرطة سبق ان صنفنا نسبة الجرائم بحسب الجنسيات وثبت لدينا في فترة من الفترات ان العمالة الهندية تأتي في مقدمة الجنسيات التي ترتكب الجرائم مثل الشرقات وصناعة الخمور، وتركزت جرائم الجنسية اليمنية في التحرش الجنسي، اما الجنسية البنجلاديشية فتشارك في جميع الجرائم والمخالفات وتساهم بها بشكل او بآخر سواء في السرقة او ترويج المخدرات او تصنيع الخمور او غيرها من الجرائم حتى تهيأت له الفرصة لارتكاب الجرم.
د. عبدالمنعم القو: هناك سؤال يطرح نفسه ولابد ان نتحدث فيه وهو التأثير الاقتصادي لاستقدام العمالة غير المهنية في البلاد؟ هناك تأثير كبير للعمالة الوافدة على اقتصاد المملكة اذا استقدمت بكثرة تفوق الحد المطلوب ولنا ان نتخيل الصورة التي عليها بعض العمالة التي لا يزيد راتب الواحد منهم على 700 أو 900 ريال، بينما يرسل ما يقرب من 17 الف ريال الى بلاده شهريا، مما يشير الى انه يعمل في مهن غير قانونية وغير نظامية.
د. عبدالمنعم القو: على ذكر التحويلات المالية للعمالة الوافدة، صرح مسؤول ان التحويلات السنوية للعمالة في المملكة بلغت 27 مليار دولار سنويا وهو رقم مخيف ويشير لوجود عمالة وافد تعمل في مهن غير نظامية تكسب من ورائها اموالا طائلة.
خالد الشهري: الاحصائية التي ذكرها المسؤول لا تشير الى حقيقة المبالغ المالية التي يتم تحويلها بواسطة العمالة الوافدة خاصة اذا علمنا ان هناك عمالة تهرب اموالها بطرق شتى، لاتدخل ضمن الاحصائية الرسمية وبالتالي من الصعب ان تحدد احصائية دقيقة لتحويلات الاجانب سنويا.
جزاع الشملاني: العمالة الوافدة وتحديدا الجنسيات الشرق آسيوية، تخترع اساليب عدة في تحويلات المبالغ المالية الى بلادها، وهناك اشخاص يحلون محل البنوك في تحويل المبالغ المالية لاصدقائهم واقربائهم عن طريق الهاتف او الايملات لاناس يعملون معهم في بلدانهم. ولا ابالغ ان جزءا من حل المشكلة التي نتحدث عنها الآن يكمن في تقنين تأجير العمالة بجميع انواعها، مثل العمالة المنزلية والسائقين وعاملي البناء والتشييد وغيرها فالتأجير يتم في السوق السعودية ولكن بشكل غيرها قانوني ويعاقب عليه القانون اما إذا تم تنظيم هذا السوق والسماح بتأجير العمالة للمحتاجين اليها، فهذا يعفينا من استقدام العمالة وتسريبها في الاسواق.
خالد الشهري: أستطيع القول إن هناك خللا في النظام وتطبيق البنود بحذفيرها ولو ان هذا النظام تم تفعيله بشكل جيد وسط مراقبة متواصلة وسن قوانين وعمل آلية محكمة لاستطعنا الحد من ظاهرة استقدام العمالة الوافدة غير المدربة وغير المؤهلة.
د. عبدالمنعم القو: تعلمون ان العمالة الوافدة ذات المستوى المادي والتعليمي المتواضع او العمالة غير المؤهلة تسكن في تجمعت تشكل بؤر فساد، فهناك تجمعات في الشرقية, واخرى بمكة, وثالثة بالمدينة المنورةوجدة وبقية مناطق السعودية كيف يقيم ضيوفنا تأثير هذه التجمعات وانتشارها؟
د. صالح الدوسري: أماكن تجمع هذه العمالة معروفة وهي اماكن شعبية وفقيرة تعود ملكيتها لأسر فقيرة، ومن هناك يسهل على الجهات الامنية التعامل مع هذه التجمعات ومراقبتها بصفة مستمرة، وفي الوقت تستطيع الدولة بجميع اجهزتها الامنية والاجتماعية تطوير هذه التجمعت والارتقاء بها بتوفير الخدمات المختلفة فيها، وهذا ينعكس على اداء ساكني هذه التجمعات من العمالة الوافدة وبهذه الطريقة نقضي على العشوائيات التي تشجع على ارتكاب الجرائم والمخالفات.
فضل راشد: العمالة الوافدة ذات المستوى الفقير تبحث عن السكن الرخيص، ولا تجد ما تبحث عنه الا في هذه التجمعات الفقيرة المعروفة لدينا، واضم صوتي الى صوت الدكتور صالح الدوسري بضرورة تطوير هذه التجمعات والرفع من شأنها لمنع أي جرائم ترتكب فيها، ومن هنا لا ارى ان هناك أي استراتيجية وطنية للتعامل مع العمالة الوافدة المخالفة للحد من تأثيرها وسلبياتها وخطورتها.
د. عبدالمنعم القو: هل يحتاج الامر الى هيئة عليا للتعامل مع العمالة الوافدة المخالفة وغير المؤهلة اسوة بهيئة مكافحة الفساد؟
صالح الدوسري: لم يصل الامر بعد الى حد المطالبة بوجود هيئة عليا للتعامل مع العمالة الوافدة، وانما يحتاج الى تشريع وحزمة انظمة وقوانين تنظيم عملية استقدام العمالة الوافدة، مع وضع قوانين صارمة لضمان استقدام العمالة الجيدة والماهرة واستبعاد العمالة غير المؤهلة او التي لديها نوازع شر واضم صوتي مع صوت الدكتور فضل بضرورة وجود استراتيجية عمل وطنية تحدد الاولويات والسياسات العامة للتعامل مع المشكلة.
جزاع الشملاني: عودة الى التجمعات السكنية للعمالة الوافدة تجد انها تجمعات فقيرة ورخيصة السعر ومعظمها في منازل آيلة للسقوط، ودور الدولة بجميع اجهزتها تجاه هذه التجمعات ان تطالب بالحد منها بتوزيع العمالة على جميع الاحياء حتى لا تكون بؤر فساد تهدد امن المجتمع، وتكون مخبأ للمجرمين والارهابيين لان تجمع العمالة في احياء معينة، يجعل منها اشبه بمستعمرات لا يعرف اسرارها ومخابئها سوى الساكنين فيها ولو ان الامانة والدفاع المدني والشرطة وبقية الجهات شاركت في ابداء رأيها في هذه التجمعات ووصل الموضوع الى ولاة الامر لاتخذوا ما يرونه مناسبا وفق المرئيات والاقتراحات التي شاركت فيها هذه الجهات المختلفة.
د. عبدالمنعم القو: ما وسائل وطرق خفض العمالة غير المهنية من حيث أماكن الايواء بما يصب في صالح الوطن والمواطن؟
د. صالح الدوسري: أعيد ما ذكرته سابقا وهو ضرورة ان تكون هناك نظم وقوانين وتشريعات تحد من خطورة العمالة الوافدة غير المؤهلة وبدون هذه النظم من المستحيل ان نخطو خطوة واحدة نحو تحقيق ما نسعى إليه، نعمل ان هناك قوانين سبق ان اتخذت في هذا الشأن ولكنها غير مفعلة بما فيه الكفاية ويتم تجاهلها.
خالد الشهري: اؤكد على اهمية النظام ودور المواطن في تطبيق الانظمة والتشريعات وهذ يتم عبر التوعية الجادة عبر وسائل الاعلام المختلفة على ان تكشف هذه التوعية الاضرار الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية المترتبة على التستر على هذه العمالة وايوائها وتشغيلها من قبل المواطنين.
جزاع الشملاني: لابد ان يعي الكفيل انه معرض للخطر نتيجة تستره على العمالة الوافدة غير المؤهلة ولابد ان يدرك المواطن انه يعرض نفسه ووطنه للخطر لتستره على العمالة الوافدة المخالفة، وانا هنا لا اطالب بمنع نظام الكفالة وانما اطالب بدراسة الموضوع من جميع جوانبه وتأثيراته، ومن ثم الخروج بنتائج وتوصيات قابلة للتطبيق على ارض الواقع، ووسائل الاعلام من المفترض ان يكون لها دور فعال في توعية المواطن بما يجب ان يعمله تجاه كل ما يهدد الوطن وفي مقدمتها العمالة الوافدة غير المدربة.
د. عبدالمنعم القو: قبل ختام ندوتنا يهمنا ان نرصد اهم التوصيات التي يرى ضيوفنا ان فيها فائدة قصوى لتطبيقها وتساهم في ايجاد حلول تحد من العمالة الوافدة غير المدربة وتأثيرها على المجتمع؟
د. صالح الدوسري حل هذه المشكلة يحتاج أن تكون هناك نية صادقة من الجهات المسؤولة كافة للقضاء على المشكلة ومسبباتها وبدون هذه النية، من الصعب ان نصل الى حلول ناجعة، وبعد ذلك تأتي الخطوة الثانية بوجود استراتيجية عمل جادة تشارك الجهات المعنية بتطبيقها كل في اختصاصه ومجال عمله، على ان تكون هذه الخطة محكمة.
د. فاضل الراشد: حل المشكلة لابد ان يسبقه التخطيط والتنظيم الدقيق لمراحل العلاج، مع توفر الاصرار والعزيمة من الجهات المعنية كافة للقضاء على هذه الظاهرة التي تضر بالمجتمع اقتصاديا واجتماعيا وتحد من الوظائف الشاغرة للمواطنين، وإذا شاركت الجهات المعنية في ايجاد الحل بشكل جماعي، فسوف تصل الى ما نسعى اليه شريطة ان تكون هناك استراتيجية عمل وطنية تحدد من اين نبدأ؟ وأين ننتهي؟.
د. خالد الشهري: نحتاج الى دعم من صاحب القرار لحل ازمة العمالة الوافدة غير المؤهلة الموجودة في المملكة، هذا الدعم كفيل بحل الازمة او على الاقل الحد من خطورتها وعلينا ان نتابع اساليب علاج مشكلة العمالة الوافدة غير المدربة في البلاد المجاورة لنحاكي الناجح منها.
جزاع الشملاني: حل هذه المشكلة لا يمكن ايجاده بعيدا عن المواطن الذي تقع عليه مسؤولية كبيرة وعظيمة للحد من خطورة العمالة الوافدة غير المدربة، فالمواطن كما نعلم هو من يتستر على العامل المخالف بالايواء وتوفير فرص العمل، ولو ان العامل لم يجد هذا الدعم من المواطن، لرحل الى بلاده.
د. عبدالمنعم القو: في ختام ندوتنا، اتقدم باسمي واسم رئيس التحرير ونوابه بجزيل الشكر والتقدير الى ضيوفنا الذين لم يبخلوا علينا باقتراحاتهم وآرائهم في الحد من خطورة العمالة الوافدة غير المؤهلة وغير المدربة ولاشك ان هذه الاقتراحات والتوصيات ستكون محل نقاش ودراسة من الجهات المعنية كافة للاستفادة منها في برنامج علاج هذه المشكلة التي استفحلت.