سبحان من قال في كتابه الحكيم: «وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود * وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق». صدق ربي. مشهد مهيب وروحانية تأخذ مجامع القلب ولطائف ربانية تمتد من أول التلبية إلى آخر أنفاس مسلم يبتهل ضارعا إلى مولاه أن يتقبل صالح عمله ويغفر له ما قدم وما أخر. مشهد مهيب تتجلى فيه صور المساواة والعدل حين يتوافد حجيج بيت الله من كل فج عميق لأداء شعيرة الحج الأكبر مجتمعين على صعيد واحد لا فرق بين غنيهم وفقيرهم وحاكمهم ومحكومهم شعثا غبرا يرجون فضل الله ورحمته. مشهد مهيب يتسابق إليه كل صالح يريد تحقيق الأجر الوفير بمساعدة ضيوف الرحمن في حلهم وترحالهم وحمل هاجس الانقطاع والخوف والمسبغة عنهم بكل ما أوتي من بذل واجتهاد وإخلاص. مشهد ترتفع فيه الحناجر باختلاف الألسنة واتفاق القلوب كبارا وصغارا رجالا ونساء يهتفون بشعار واحد: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. فتشعر برواء يصل إلى القلب وبسكينة طائفة على المشاعر وبرغائب متواترة ترجو مرضاة الرب سبحانه وتعالى. مشهد كلما عاودت النظر إليه من سنة إلى أخرى، يتصاعد شعور طاغ برحمات قريبة دانية بشائرها بميلاد جديد وصحيفة بيضاء لا تشوبها شائبة وفي مكانٍ تهطل فيه المنح الإلهية والعطايا ويباهي الله بأهل الأرض أهل السماء!. اللهم تقبل من حجيجك أداء مناسكهم واعتق رقابنا ورقابهم من النار وبارك فيمن أعان ويسر لأهل بيتك الملبين نداءك إتمام شعائرهم طمعا في نوالك ورضاك يا أرحم الراحمين.