ها هي عشر ذي الحجة المباركات أطلت علينا لتكون نبراسا إيمانيا لنا وعتادا قويا يعيننا على قضاء حوائجنا الإيمانية والتلذذ بها وتكمن متعة التلذذ في ذلك الإمساك العجيب وقوة العزم المفرطة في ترك المكاره والتقرب إلى مالك الملك بالمحاسن والفضائل والأعمال الصالحة، كيف لا وهي خير أيام الدنيا، لذا فالتقرب فيها إلى الله يوثق في النفوس استعدادا تاما للحرص على العمل الصالح الدؤوب في ساحة الدنيا وكسب مغانمها لنحصل على منالات الجنات العظمى. فمن خلالها نكسر شوكة الغلظة ونطوع القلوب لكي تجد حاجتها المطمئنة من التقى والرضا والصلاح فرسولنا صلوات الله عليه وسلامه وصحبه الكرام لم تكن هذه الأيام بالنسبة لهم فريضة إيمانية وتنقضي بفوات الأيام فحسب بل هي مجال خصب من العطاء في العبادة والتقرب إلى الله. ففي هذه الأيام تتداخل مشاعر الحجيج ولهجاتهم من تكبير وتهليل ووقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار الثلاث وتقديم الهدي.. وتنتقل تلك المرئيات المستحبة إلى نفوس المعانقين لذلك الحج ممن لم تتيسر لهم الفرص في هذا العام أو سبق لهم في وقت مضى فتجدهم يتلاحمون مع هذه المشاهد ويتمنون لإخوانهم التيسير وقضاء هذه الشعيرة بكامل أحقيتها عندها تنغرس في نفوسهم.. إن قدوم هذه الأيام علينا ليس عاديا بل هو آسر للنفوس ومطمئن لها ويجعلها في قمة عطائها تبحث عن المغنم والمكسب والربح عند رب البرايا فيذبحون أضاحيهم لتصبح هي مع شعرها وأظلافها غايتهم وحسناتهم الكثيرة. ويبقى فضلها الجميل في أنها تغسل هموما متخثرة بقيت مترسبة فمجيؤها يعيننا على تلافيها والتخلص منها وإعادة نشاطنا بقراءة القرآن وتذاكر الأذكار والقربات وصلات الأرحام واستشعار بركة وفضائل وقت هذه الأيام.. فالله الله فيها لا تجعلوها تفوت دون وقفة محاسبة مع النفوس وجلاء الذنوب واستئصال براثن الغيبة والنميمة من القلوب فهي امتثال تعبدي حقيقي لمن يعرف قيمتها. حمد جويبر (جدة)