إطلاق أكثر من 30 كائنًا فطريًا في محمية الملك خالد الملكية    رئيس الوزراء الهندي في المملكة    أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر العسيري المتنازل عن قاتل شقيقه    أسواق    عمق تاريخي وأهمية ممتدة لأكثر من 75 عاماً.. العلاقات السعودية – الهندية.. شراكة إستراتيجية وتعاون مثمر    الاحتلال يُدمر آليات الإنقاذ استهدافًا للأمل في النجاة.. مقترح جديد لوقف الحرب في غزة وسط تصعيد متواصل    عودة رائد الفضاء دون بيتيت بعد 220 يوما    تدريب الطلبة على اختراق تطبيقات الويب    مصر ولبنان يطالبان بتطبيق القرار 1701 دون انتقائية    تحاول فرض "الموازية" بقوة السلاح.. الدعم السريع تواصل قصف المدنيين في الفاشر    فريق عمل مشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية ينهي أعماله    في إياب نصف نهائي كأس إيطاليا.. إنتر لفك العقدة.. وميلان لإنقاذ موسمه    إعلاميون ل"البلاد": خبرة الهلال سلاحه الأول في نخبة آسيا    السجن والغرامة لمستخدمي ملصقات الوجه على WhatsApp    وفاة إبراهيم علوان رئيس نادي الاتحاد الأسبق    غرامة 50 ألف ريال للوافد المتأخر عن مغادرة المملكة    مجلس الوزراء يوافق على إنشاء غرفة عمليات لاستقبال ومعالجة بلاغات الاحتيال المالي    سفراء الوطن يحصدون الجوائز العالمية    مؤتمر مكة للدراسات الإسلامية.. فكر يبني وانسانية تخدم    فنان العرب في أمسية خلابة بالعلا    ولي العهد ورئيس وزراء الهند يعقدان جلسة مباحثات رسمية.. ويرأسان مجلس الشراكة الإستراتيجية    إطلاق «مركز الابتكار» لتقنيات الحكومة الرقمية الحديثة    مؤشرات إيجابية ترجح زيادة معروض إيجارات «السكني» في مدن المملكة    السفير الرشيدان يلتقي رئيس مجلس النواب الطاجيكي    مباحثات سعودية - عراقية لتعزيز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية    مجلس الوزراء يؤكد الحرص على معالجة ارتفاع أسعار الأراضي    أمانة مكة تعلن ضوابط الشهادات الصحية للحج    أمير الرياض يستقبل السفير الإندونيسي    محمد بن ناصر: فرسان تشهد تنميةً وتطوراً    أمانة الشرقية تنظم معرضًا للابتكار والإبداع    «التواصل الحضاري» يدرّب 89 طالبًا من 23 جامعة    جامعة الملك سعود تحتفي باليوم العالمي للغة الصينية    معرّفات ظلامية    أمير المدينة المنورة يطلع على جهود "الأمر بالمعروف"    دليل الرعاية الصحية المنزلية.. خارطة طريق لكفاءة الخدمات    «صحي نجران» يُدشن عيادات لعلاج السمنة    المملكة تستعرض تجربتها في تنظيم الطب التكميلي    أسباب الصداع الصباحي وآلام الفك    "هيئة الأدب" تدشن جناح مدينة الرياض في معرض بوينس آيرس الدولي للكتاب    عالم خلف العدسات نعرض حياتنا لا نعيشها    بائع البوظة يؤكد تهافت الرواية التاريخية    بنزيما يحظى بإشادة عالمية بعد فوز الاتحاد على الاتفاق    1.2 مليار ل61 مصنعا غذائيا    ما الأقوى: الشريعة أم القانون    نائب أمير الرياض يُشرف حفل السفارة الأمريكية بمناسبة ذكرى اليوم الوطني    7.7 مليار ريال أثر مالي لكفاءة الإنفاق بهيئة تطوير المنطقة الشرقية    7 مليارات ريال تمويل القروض الزراعية    "جامعة جدة" تحتفي بأبطال المبارزة في بطولة المملكة للمبارزة SFC    موجبات الولادة القيصرية وعلاقتها بالحكم الروماني    أمير الشرقية يرعى حفل تخريج الدفعة ال 46 من طلاب جامعة الإمام عبد الرحمن    الأندية تصادق على مشروع توثيق 123 عامًا من تاريخ كرة القدم السعودية    رئيس المالديف يستقبل البدير    مدير عام التعليم بالطائف يلتقي بفريق مشروع التحول بالوزارة    محافظ الطائف يطلق ملتقى أفهموني لدعم أطفال وأسر التوحد    أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية أفغانستان لدى المملكة    رئيس مجلس الشورى القطري يصل الرياض    نائب وزير الخارجية يستقبل مساعد وزير الخارجية مدير عام إدارة الشرق الأوسط وأفريقيا بوزارة خارجية اليابان    الرئيس العام للهيئات يلتقي منسوبي فرع المدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هوية رمضان الغائبة!
نشر في المدينة يوم 13 - 08 - 2010

بكل بساطة وبدون مقدمات، ما هي هوية رمضان؟، هل هي صوم سالب وليل ساهر وحسب، أم صوم يحمل حِكَمه، وليل يحمل قيامه، وفيه تصوم القلوب قبل البطون، والجوارح بحواسها وأطرافها، فنتلوا القرآن خاشعين، ونقوم الليل فرحين، ونرتقي في سحب الروح مؤمنين، فهلا تساءلنا عن ذلك الارتقاء النفسي حال العبادات، والتلذذ بجميع أنواع الطاعات، وكل ما يجمعه وصف التقوى من أفعال الأوامر وأتراك النواهي، لنحقق الهوية الرمضانية حقًا، بعد أن قلبت الموازين، وضاعت الهوية.
ماذا يجري في رمضاناتنا الأخيرة، حيث نوم بالنهار وترك للصلوات إلى القضاء، وسهر بالليل على مسارف الأطعمة ومغاوي الأفضية، حتى غدا رمضان شهر لاثنين لا ثالث لهما، إلا من رحم ربي، حين أسرفوا في وارد الأطعمة وأنواع الطهي، ومتابعة الفضائيات على حساب العِشاء والتراويح وتلاوة القرآن وملذات العبادات، في حين أننا قبل رمضان وبعده يؤكل في اليوم والليلة ثلاث وجبات، وفي رمضان وجبتان فقط، ومع ذلك تمتلئ الأسواق قبل وخلال رمضان بأنواع الأغذية، ويتسوق فيه بشتى الأطعمة، وكأننا في مجاعة أو مسابقة على الأكثر تموينًا والأشد إسرافًا، فتشغل المرأة بالطبخ طول نهارها للفطور، وليلها للسحور، وما تبقى يقتنصه مئات المسلسلات والبرامج، حتى غابت الهوية الرمضانية التي من أجلها شرعت الفريضة، ودعي الناس إلى تكوينها مدرسة للجوع ليتذكر الفقر والفاقة، وليس للتخمة فينسى حتى القيام وصالح الأعمال.
هوية رمضان عند السلف تعني دورة مكثفة في التفرغ لأنواع العبادات، وترك ما سواها ولو كان طلب العلم، واليوم كما نرى غياب هويتنا الرمضانية حين جاوزنا الحدود في الترفيه، فصار هذا الشهر محطًا لأنظار القنوات التي تتسابق للمزيد من تغييب الهوية لهذا الشهر المبارك، الذي أنزل فيه القرآن، ولو رجعنا للسيرة والمسيرة منذ نبينا المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- وخلفائه الراشدين والقرون المفضلة، لأدركنا أننا قلبنا لشهرنا ظهر المجن، وصيرناه مسرحًا للموسوعات العالمية في أنواع الأطعمة والتخمة، ولأشكال الدراما والإنتاج، فصار شهرنا ملاذًا لكل ساقط من عمل أتاه عن الشهر بوصلته، وتركه يغرق في وحول المنكرات، ولو لم يكن إلا الانشغال عن الطاعات والقربات.
ولكن هل يعني كلامي هذا الوقوف أمام المباحات من المطاهي والترفيه؟، بكل تأكيد أنني لا أقصد ذلك، فللإنسان التمتع بما لذ وطاب من أنواع المآكل والمشارب، والاطلاع وممارسة الترفيه ضمن الضوابط الشرعية بلا نكير، ولكن هل واقعنا اليوم هو في هذين الأمرين واقف على حدود الجائز منهما، أم بالغنا فيهما، وأسرفنا حتى لم يقف الأمر على مجرد المذموم فيهما، وإنما أصبح سببًا للتقصير الكبير في القيام بالواجبات من صلاة الفريضة في وقتها أثناء النهار وحتى الليل، وبالتالي لم يكن للصوم عند الكثير معنى، حيث أنه قد نام نهاره وسهر ليله، في حين أن الصلاة أولى من الصيام، فكيف تترك حتى يفوت وقتها لأجل نوم صائم خشي من استيقاظه وهو محروم من الأكل والشرب!.
ولذا فإنني أنصح نفسي ومن تصله هذه الكلمات، أن يقرر على نفسه مسلكًا رشيدًا، وليس فيه أية مشقة، فلا نريد أكثر من ساعتين في اليوم والليلة إضافة لأداء الصلوات في أوقاتها وجماعة في المسجد للرجال لخمسة أوقات، إحداهما لصلاة التراويح والأخرى لتلاوة القرآن، فصلاة التراويح لا تزيد في الغالب عن ساعة واحدة، وقراءة القرآن الكريم لساعة واحدة يمكن فيها من تلاوة ثلاثة أجزاء، وبهذا يكون قادرًا على أن يختم القرآن كل عشرة أيام وثلاث مرات في رمضان، ولكن ليتنا نستحضر الروح الإيمانية عند صيامنا وصلاتنا وقيامنا وتلاوتنا وصالح أعمالنا من زكاة وصدقة وصلة وكافة الطاعات والقربات ولو بتبسمك في وجه أخيك فهي صدقة.
ولكن لا بد من أن نرتل القرآن حين تلاوته، ونتأمل في آياته وصوره، فنحن عرب والقرآن بلغتنا، فهلا فهمنا معانيه التي من أجلها أنزل، وامتثلنا بما ورد فيه من ضوابط العبادات ومعايير المعاملات ومنهجية شاملة للحياة، لنسعد خلالها بدنيا نافعة وآخرة ماتعة، ففي القرآن منهجًا وسلوكًا للسائرين إلى رب العالمين، فحبذا لو كان المصحف الذي نقرأ فيه على طرفيه حاشية لتفسير مختصر يبين المعاني ويوضح مقاصد المباني، حتى يكون للتلاوة هدفها وللتأمل معناه، ففي القرآن خير لنا في ديننا ودنيانا، وبذكر الله تطمئن القلوب التي هامت في سحائب تقنيات العولمة، حتى لم يبق للطمأنينة من مكان، فسبحان الله ما أجمل المناجاة لرب الأرباب، وما ألذ تأمل الآيات والغوص في ظلالها الوارفة، حتى بتنا نقول: كم قصرنا في حق دنيانا قبل ديننا، لنعيش مطمئني القلوب وخاشعي الأفئدة، وهذا القرآن الكريم بين أيدينا ونحن قد هجرناه فخسرنا قلوبنا وعقولنا وأولتنا وآخرتنا؟!.
وختامًا لنستحضر ذلك الغياب الوجداني والممارسة السلوكية المفترضة لرمضان، فنحن الذين غيبنا الهوية، ونحن دون غيرنا القادرين وبكل سهولة على ردها والمحافظة عليها، فليس غيرنا الخاسر من غيابها، ففي الدنيا جنة ندخلها قبل جنة الآخرة، وهي متعة الطمأنينة القائمة على سعادة التمسك بالهوية، ولذة العبادات، والله أسأل أن يعيننا على الصيام والقيام وصالح الأعمال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.