عقد عدد من الوزراء في المملكة العربية السعودية اجتماعاً مشتركاً أمس مع المستشارين والوزراء المرافقين للملك محمد السادس ملك المملكة المغربية الشقيقة الذي زار المملكة، وذلك بقصر المؤتمرات بجدة. وشارك في الاجتماع من الجانب السعودي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ووزير المالية الدكتور ابراهيم بن عبدالعزيز العساف ووزير الزراعة الدكتور فهد بن عبدالرحمن بلغنيم ووزير النقل الدكتور جبارة الصريصري ووزير الصحة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة ونائب الرئيس والعضو المنتدب للصندوق السعودي للتنمية المهندس يوسف بن إبراهيم البسام والمستشار بوزارة البترول والثروة المعدنية عبدالرحمن بن محمد العبدالكريم. ومن الجانب المغربي عمر عزيمان وزليخة ناصري وفؤاد عالي الهمة وياسر الزناكي مستشارو ملك المغرب، ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد توفيق ووزير الاقتصاد والمالية نزار بركة ووزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش ووزير التجهيز والنقل عزيز رباح ووزير الصحة الحسين الوردي ووزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة فؤاد الدويري. وفي بداية الاجتماع رحب وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ بالوزراء والمستشارين من المملكة المغربية في بلدهم الثاني المملكة العربية السعودية، مؤكدا أن ما يربط البلدين من أواصر الروابط في أعلى المستويات. وأشار إلى أن ما يربط خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود والملك محمد السادس يأتي في عمق الروابط الأخوية، معربا عن أمله في أن يحقق هذا الاجتماع الأهداف المرجوة في نطاق أعمال الوزارات المختصة في كلا البلدين، وتحقيق ما تتطلع إليه القيادتان الرشيدتان. من جهته عبر مستشار جلالة الملك محمد السادس عمر عزيمان عن سرورهم بزيارة بلدهم الثاني المملكة العربية السعودية، مبدياً اعتزاز الحكومة المغربية بهذه اللقاءات الإيجابية والبناءة. وأعرب عن أمله في أن تخرج هذه الاجتماعات باتفاقيات تحقق المزيد من التعاون في القطاعات كافة، مؤكداً أن هذه اللقاءات تجسد عمق العلاقات المتميزة بين البلدين، واصفاً علاقة جلالة الملك محمد السادس بالملك عبدالله بن عبدالعزيز بأنها أخوية وتندرج في عمق العلاقة التاريخية بين البلدين الشقيقين. مشروعات تنموية وعقب الاجتماع أكد وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ أن المملكة العربية السعودية دائماً وفية بالتزاماتها، وقال إن الاجتماع ناقش عدداً من المشروعات التنموية المهمة في المملكة المغربية التي تتعلق بالقطاع الفلاحي والزراعي والقطاع الفندقي، والنقل والمواصلات، والقطاع الصحي والقطاع التعليمي. ولفت النظر إلى أن الوزراء ناقشوا هذه المشروعات التنموية المطروحة على جدول الاجتماع وتوصل الوزراء إلى توافق في وجهات النظر حول تلك المشروعات، وسوف تشكل لجان تنفيذية تدرس تفاصيل تلك المشروعات التنموية في المملكة المغربية. وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - حريصة على دعم التنمية في المملكة المغربية الشقيقة، وحريصة أن يكون الدعم السعودي عبر الصندوق السعودي للتنمية. وبين أن زيارة عدد من المستشارين في المملكة المغربية للمملكة ستعطي انطباعا في دعم العلاقات الأخوية المستمر بين القيادتين الرشيدتين. ملف التعاون من جانبه أوضح وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف أن الوزراء ناقشوا كل ملفات التعاون بين البلدين وكانت ملفات مهمة وخاصة ما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية وجوانب دعم هذا التوجه وتعزيزه سواء فيما يتعلق بدور القطاع الخاص أو المشاريع التي تدعم هذا الجانب. وبين أنه تمت مناقشة الاستثمارات بين البلدين ودور صندوق التنمية السعودي للتنمية في المغرب إضافة إلى دور الصندوق في قطاعات الصحة والنقل والري والزراعة والقطاعات الأخرى. وقال العساف «إن الاجتماع ناقش بشكل أساسي الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص ودعم الاستثمارات بين البلدين لتنمية التجارة عن طريق استثمار القطاع الخاص في الموانئ وتعزيز خطوط الملاحة بين البلدين والتبادل التجاري». وبين أن الوزراء استعرضوا خلال الاجتماع تجربة البلدين في هذه القطاعات، مؤكد أن الدعم الذي تقدمه المملكة العربية السعودية يأتي بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لدعم الأشقاء في المملكة المغربية. 1,250 مليار دولار تمويل وأفاد الدكتور العساف أن الصندوق السعودي للتنمية له دور كبير جداً في الماضي في دعم التنمية في المغرب وسوف يستمر بإذن الله في المرحلة القادمة، لافتاً الانتباه إلى قرار قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لدعم المملكة المغربية والمملكة الأردنية الهاشمية وهو دعم مشترك بين أربع دول من ضمنها المملكة العربية السعودية. وأوضح أن القرار ينص على دعم المغرب بخمسة مليارات دولار منها مليار و250 مليون دولار حصة المملكة من هذا الدعم من الصندوق السعودي للتنمية. وأضاف: إن هناك قطاعات مهمة في المغرب أعطيت الأولوية لخدمة البيئة الاستثمارية وهي من أفضل البيئات الاستثمارية في الدول العربية وهناك إقبال من القطاع الخاص السعودي خاصة في الاستثمار السياحي والصناعي والزراعي وكذلك الموانئ التي تدعم قطاع النقل. وأكد الدكتور العساف أن المملكة العربية السعودية والمغرب قطعتا شوطاً كبيراً فيما يتعلق بالمشروعات التي سيمولها الصندوق السعودي للتنمية وتم الاتفاق على أن تكون هناك لجنة فنية في هذا الجانب، مشيراً إلى أن المسؤولين في الصندوق السعودي للتنمية سيتوجهون إلى المغرب للبحث النهائي في هذه المشروعات والبدء فوراً في التنفيذ. ووصف سفير خادم الحرمين الشريفين في المملكة المغربية الدكتور محمد البشر من جهته الاجتماع المشترك بين الوزراء في المملكة العربية السعودية ونظرائهم في المملكة المغربية بالمثمر، وقال «إن هذا الاجتماع يأتي بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وأخيه جلالة الملك محمد السادس في إطار التعاون المستمر بين البلدين الشقيقين». وأوضح السفير البشر أن المملكة العربية السعودية تقوم بدعم المشاريع التنموية لصالح الشعب المغربي الشقيق، مشيراً إلى أن ما تم خلال الاجتماع سيكون داعما للمشاريع الحيوية في قطاعات الزراعة والتعليم والنقل، بالإضافة إلى فتح المجال لاستثمار القطاع الخاص السعودي في المملكة المغربية. العلاقات والشراكة وأكد وزير الخارجية المغربي الدكتور سعد الدين العثماني أن زيارة الملك محمد السادس والتقائه بأخيه خادم الحرمين الشريفين تأتي في إطار العلاقات التاريخية المتميزة بين المملكة والمغرب. وأضاف أن العلاقات بين البلدين تطورت بشكل كبير حيث شهدت هذه العلاقات اليوم دعماً تنموياً جديداً من المملكة العربية السعودية للمغرب، لافتاً النظر إلى أن ترؤس جلالة الملك محمد السادس لهذا الوفد من الوزراء دليل اهتمامه لتطوير هذه العلاقة إلى أعلى مستوى. وبين أن اجتماعات الوزراء تطرقت لأسس هذه العلاقات والشراكة المستقبلية بين البلدين وتقديم الدعم التنموي السعودي لجهود المملكة المغربية لتنمية اقتصادية واجتماعية رائدة، واستعرضت مختلف المشروعات الجاهزة للتموين واتفق على تشكيل لجنة تقنية فنية في الأسابيع المقبلة لتدقيق كل ما يتعلق بهذه المشروعات ووضعها موضع التنفيذ وهناك جو أخوي كبير ساد الاجتماعات. وأضاف أن المملكة المغربية منخرطة في إنجاح التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي والمغرب، إضافة إلى أن المغرب يسعى أيضا إلى هذا التكامل مع دول المنطقة المغاربية مشيراً إلى أن المملكة المغربية تعد الرائدة من حيث الاستقرار والإصلاحات السياسية والذي يمكن أن يجذب المزيد من الاستقرار وهو ما يشجع على جذب المزيد من الاستثمارات وتحفيز القطاع الخاص السعودي للاستثمار، مقدراً جهود المملكة العربية السعودية على مستوى الدولة وكذلك القطاع الخاص. وأكد أن الاجتماع بحث كل جوانب التسهيلات والتحفيزات التي يمكن أن تسلم للقطاع الخاص من أجل استثمار أكبر وفي وضع مريح والمؤشرات كلها حتى الدولية تشهد بأن المغرب بيئة صالحة للاستثمار وهناك استثمارات من مختلف دول العالم تأتي إلى المغرب في صناعة السيارات والطاقات المتجددة. وقال: إن المملكة العربية السعودية ستستثمر في مجال الطاقة حيث سيتم إنشاء أكبر مركز عالمي لإنتاج الطاقة الشمسية، ومن هنا فهناك بيئة استثمار مشجعة ونحن عازمون على تطوير شروط وظروف استقبال القطاع الخاص السعودي وتقديم التسهيلات له بشكل أكبر وأعم وأشمل. وأعلن رباح أنه بالإضافة إلى الموانئ والطرق تم التأكيد على أن يكون هناك تعاون في كل مجالات النقل خاصة النقل البحري وهناك حاجة لهذا التطوير سواء في نقل البضائع أو النقل الآخر وهو ما سيكون محور تعاون بين البلدين. التبادل التجاري وقال وزير المالية المغربي نزار بركة: إن اجتماعات الوزراء في المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية كانت فرصة للحديث عن أهمية العلاقات الثنائية بين البلدين التي يقودها خادم الحرمين الشريفين والملك محمد السادس. وأضاف: إن حديث الوزراء كان عن العلاقات التجارية التي تطورت في السنوات الأخيرة بحكم أن المبادلات الخارجية بين البلدين ارتفعت من مليار دولار سنة 2000 إلى 20 مليار دولار سنة 2011م، معربا عن أمله أن تحقق زيارة الملك محمد السادس إمكانية تطوير هذه العلاقات التجارية بما يحقق التطلعات والآمال. ونوه بالدعم الذي تقدمه المملكة للمغرب في إطار تمويل الاستثمارات العمومية من خلال صندوق التنمية السعودية الذي يشكل الدور الأساسي في مواصلة ومواكبة المجهود التنموي للمغرب. ولفت الانتباه إلى أن الصندوق قدم العديد من المشروعات التي من شأنها أن تسهم في تطوير تنمية الزراعة والخدمات الاجتماعية وتقوية التجهيزات التحتية، إضافة إلى تطوير الشراكة في القطاع العام والخاص السعودي لتبسيط التسهيلات والاستثمارات للقطاع السعودي من أجل المزيد من الاستثمار. وقال: «إنه ووفق قرار قادة دول مجلس التعاون الخليجي ستكون حصة الدعم لبلاده مليارا و250 مليون دولار»، مبيناً أن الاستثمارات السعودية في المغرب وصلت حتى الآن إلى 550 مليون دولار فيما كانت في السنة الماضية عند المليار دولار، آملا أن تتطور وتتنوع الاستثمارات خاصة وأن هناك شركة سعودية مغربية انطلقت بقوة لتنفيذ مشروعات في المغرب في مجالات مختلفة. وأكد وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة فؤاد الدويري من جانبه أن مباحثات الوزراء تندرج في العلاقات المهمة بين خادم الحرمين الشريفين وجلالة الملك محمد السادس، وقال: إن هناك عدة مشروعات طرحت في قطاعات الطاقة والفلاحة والبنية التحتية والسدود والصحة والسكن والهدف منها تقوية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة المغربية ودعوة القطاعات السعودية من أجل الاستثمار، مفيدا أن الوزراء في المملكة رحبوا بهذا التعاون من أجل تنمية وتطوير هذه العلاقات. وقال مستشار ملك المغرب عمر عزيمان: إن زيارة الملك محمد السادس للمملكة ولقائه بخادم الحرمين الشريفين هي لحظة تاريخية مهمة تنتقل فيها العلاقات السعودية المغربية إلى آفاق أشمل وأعم. وأكد أن العلاقات ستشهد نقطة تحول جديدة من أجل العمل بأدوات ومنهجية تتجاوب مع تطلعات شعوبنا من أجل تحويل أساليب العمل إلى مشروعات تنموية مصيرية حيث سيتم توقيع اتفاقيات مهمة قريبا لتطوير التعاون ودعم الاستثمار في المغرب.