أدنى ما يطلق على المنظر أنه تلوث بصري مؤذ للأعين وسبب في الإصابة بالغمة والكدر، مشهد لا يعكس وجه عروس ولا يمثل أيا من علامات التقدم التي ربما تكون في مخيلة القادم عبر مطار الملك عبدالعزيز منطلقا إلى جدة وأحيائها أو إلى العاصمة المقدسة لأداء النسك، فتزاحم 10 آلاف ورشة حدادة وإصلاح مركبات على الضفة الجنوبية من المطار، صورة مشوشة تعطي انطباعا أولا تشوبه رؤية لا تمثل واقع الحال. واتفق سكان الأحياء المتاخمة أن الورش المجاورة لمنازلهم والمقاهي التي يملؤها الصخب ودخان الشيشة والمعسل، إضافة إلى الضوضاء التي تبدأ صباحا ولا تكاد تنتهي، إذ أنهم وعلى حد وصفهم تحت وطأة التلوث بشتى أنواعه على مدار الساعة فمن إن تغلق الورش عند صلاة العشاء إلا ويبدأ الإزعاج من غرف المقاهي المتكدسة داخل المنطقة، مناشدين في الوقت ذاته تغيير الوجه المشوه ومنحهم بيئة معمارية وسكانية تعكس الصورة الحقيقية عن عروس البحر الأحمر. ونوه عدد من السكان إلى أن الواقع الذي يعيشونه تسبب في ارتفاع نسبة التلوث نتيجة النفايات الناجمة عن الورش والمقاهي إضافة إلى تزايد أعداد المركبات الخربة في أزقة وشوارع الأحياء المجاورة، مطالبين في الوقت نفسه بتحرك الأمانة والوفاء بوعدها القاضي بإيجاد حلول عاجلة لنقل الصناعية. وأبدى المواطن عبدالله الشهراني تذمره من الضوضاء التي تسببها الورش وروائح الطلاء المنبعثة من ورش السمكرة، « منذ فترة طويلة طالب السكان الأمانة بأن تتخذ إجراء صارما لنقل الورش خارج النطاق العمراني، ولكن إلى الآن لم يحدث أي جديد فالوضع كما هو عليه منذ سنوات»، لافتا إلى تنامي معاناة السكان من التلوث البيئي الذي أفرزته الورش والمقاهي والتي لم تسلم منها أجهزة الأطفال التنفسية. من جهته أوضح حماد الجهني، مشاكل الورش تسببت في إزعاج الأهالي ما دعا الكثير منهم إلى البحث عن مساكن جديدة في أحياء أخرى خصوصا بعد توسع نطاق الورش، وأضاف «في الدول المتقدمة تمنع الاشتراطات البلدية إقامة الورش داخل النطاق العمراني حفاظا على الصحة العامة ونحن في هذا المكان نعاني من الزحام والتلوث الذي تحدثه تلك الورش التي سببت أمراضا نتيجة وجودها بين مساكن المواطنين». أما محمد البلوي فتحدث قائلا «لا تزال الأمانة تطلق وعودها بين الحين والآخر وتتعهد بنقل الورش إلى منطقة عسفان، لكن للأسف أن الواقع يصور للسكان غير ذلك ، فالمحال والمقاهي في توسع». وأشار خالد الزهراني إلى أن هناك خللا واضحا وتقاعسا من قبل الأمانة من خلال تجاهل تطبيق الأنظمة وتنفيذ نقل ورش الصناعية خارج نطاق العمران بعد أن تمددت الأخطار البيئية وأصبحت بؤرة للتلوث وتكاثر القوارض، مطالبا الأمانة في الوقت نفسه بالتجاوب مع بلاغات المواطنين ووضع جدول زمني لحل الورش والمقاهي كونها تعكس صورة غير حضارية عن المحافظة. وأبان رئيس طائفة الورش كمال العيتاني أن الموقع يحوي 10 آلاف ورشة صناعية عشوائية، مشيرا إلى أنه أجريت دراسة على الموقع وعليه فإنه لا يتم تجديد تراخيص المنشآت الصناعية الحالية تمهيدا لنقلها لموقع آخر، كذلك فإن التنظيمات الجديدة تمنع منح أي رخص لورش صناعية داخل النطاق السكني ما عدا ذات الأنشطة الخفيفة للترصيص والميكانيكا على أن تكون مواقعها في الشوارع العمومية. وكشف أن الأمانة أنهت الترتيبات الأولية لنقل جميع الورش الصناعية إلى المنطقة الصناعية في ضاحية عسفان ولم يتبق سوى تسليم المستثمر للمسوغات المنظمة للبدء في المشروع. يذكر أن وزارة الشؤون البلدية والقروية وجهت أمانة جدة بسرعة إزالة السلبيات المقامة على المداخل الرئيسية لمحافظة جدة بعد توجيه المقام السامي بمعالجة السلبيات وتحسين مداخل المدن، وكان من بينها تلك المجاورة لحي النزهة بهدف إظهار الوطن بما يتفق والتطور في كافة الأصعدة في ظل الدعم المالي غير المحدود.