في منطقة عسير، التي تصنف في قائمة أكثر المناطق التي شهدت فواجع النقل بين المدارس، تلح الأسئلة الكثيفة عن الحلول التي من شأنها تخفيف المآسي ولعل أغلب المهمومين بهذا الملف الساخن يطالبون بالاسراع في تنفيذ خطة النقل العام للمعلمات والطالبات والمعلمين والطلاب ومنع النقل بالمركبات المكشوفة وتطويق ظاهرة الشركات الصغيرة المتخصصة في نقل الطلاب والطالبات والقضاء على الخصوصي القاتل. الهواجس من الموت على الطرقات تتزايد في كل عام خصوصا في مواسم السيول والامطار التي تحيط بالاودية والشعاب والجبال كما تحيط بالمركبات العابرة وسيارات نقل المدارس .. يقول الأهالي كم من أرواح ذهبت ضحية في الطرق الوعرة في ظل عدم وجود وسيلة نقل معتمدة من وزارة التربية والتعليم وترك الحبل على الغارب لسيارات النقل الخاص والمركبات المتهالكة واغلبها من ذات الدفع الرباعي التي قتلت انفسا بريئة. ومن لم يستطع تأمين ذوات الدفع الرباعي لجأ الى تأمين مواصلات متواضعة الحال مثل الدراجات النارية وما في حكمها. يعتبر الاهالي ان وزارة التربية والتعليم مشاركة اساسية في تداعيات الحوادث المميتة الى جانب ادارة الطرق وتوابعها .. التعليم بسبب قصورها في انشاء مزيد من المدارس في القرى والبلدات والطرق لقصورها في انشاء مزيد من الطرق المعبدة والآمنة. يقول محمد مسفر القحطاني وعايض مبارك العسيري: نعيش الامرين منذ مغادرة ابنائنا وبناتنا الطلاب والطالبات والمعلمات منذ الصباح الباكر.. نضع ايدينا على قلوبنا حتى عودتهم بسلام .. نعيش ساعات من القلق والترقب فالمسافة طويلة والطريق غير آمن والسيارات خربة. ويضيف علي العسيري، كم من ارواح ازهقت وكم من مشاهد محزنة رأيناها نتيجة لعدم وجود نقل مدرسي آمن وطرق آمنة الى المدارس في المحافظات والقرى النائية .. مشهد الطلاب والطالبات في احواض المركبات المكشوفة يثير الحزن والاسى والقلق. المعلمتان سمية العسيري ومرام القحطاني تشكوان من المبالغ الطائلة التي يتم دفعها للسائقين وتصل قيمة المبالغ الى ثلثي رواتبهما في الشهر ومع ذلك فإن المخاطر موجودة ومحتملة في طرق وعرة وسيارات غير صالحة تقطع الطريق الى القرى والبلدات النائية. وتطالبان بالتفكير الجاد للبحث عن وسائل آمنة تحفظ حياة المعلمات ومقدراتهن المادية وتوفر لهن الجو الآمن. تعلق المعلمة مرام: «النقل المدرسي الآمن حلم لدى الجميع، وطال انتظاره كثيرا، المشروع يقلل على اقل تقدير بعض الحوادث المأساوية في المناطق النائية خاصة .. أما بالنسبة للمدن فإن الوضع آمن وحوادثها قليلة». إحصائية الموت على الطرق لا تزال منطقة عسير تنافس الزمن وتسجل رقما عاليا محليا، بالنسبة لمستويات الحوادث المرورية التي تتزايد عاما بعد آخر وكشفت إحصائية أصدرتها إدارة مرور عسير، أن الحوادث المرورية في ارتفاع، إذ بلغت النسبة في عام 1430ه، 1001 حادث، وبلغت حالات الوفاة 640 حالة، والإصابات 1705 إصابات. وفي عام 1431 ه، سجلت 1278 حادثا ، أي بزيادة تبلغ 277 حادثا عن العام الذي يسبقه، وزادت أعداد الوفيات بتسجيل 740 حالة بزيادة 100 حالة، والإصابات 2113 إصابة، بزيادة تبلغ 408 حالات إصابة. وتشير الإحصائية الأخيرة الصادرة من مرور عسير، إلى أن عدد الحوادث المرورية في عقبة شعار فقط، تتزايد من عام إلى آخر، حيث بلغ عدد الحوادث المرورية في عام 1431ه 12 حادثا بزيادة ستة حوادث عن 1430ه. وبلغ عدد الحوادث في عقبة ضلع في عام 1431ه 33 حادثا، راح ضحيتها 12 شخصا بزيادة أربع حالات عن 1430ه. ويقول العميد سعيد بن مزهر مدير مرور عسير: إن هناك مسببات للحوادث المرورية تتمركز في ثلاثة عناصر، هي السائق والمركبة والطريق «لدينا طرق تتمتع بمواصفات عالمية من ناحية السلامة المرورية، لكن للأسف بعض قادة المركبات لا يطبقون معايير السلامة». وفي إحصائية وتقرير ادارة المرور السنوي لعام 1431ه بلغ اجمالي الحوادث المرورية 29.469 حادثا نتج عنها اصابة 2131 شخصا و740 حالة وفاة وتزداد الحوادث المرورية الجسيمة على الطرق الخارجية خارج المدن لعدم وجود الرقابة المرورية الكافية مما يؤدي الى ارتفاع نتائجها من وفيات واصابات إلى 83% تكون السرعة الزائدة اغلب مسببات تلك الحوادث، وعند النظر الى توزيع تلك الحوادث من ناحية الرقم نجد ان عدد الحوادث المروية داخل المدن اكثر من خارجها ولكن الحوادث خارج المدن تكون عواقبها جسيمة واضرارها واصاباتها اكبر بكثير عن تلك التي داخل المدن، حيث بلغ ناتج تلك الحوادث الجسيمة خارج المدن 1061حادثا مقارنة ب217 داخل المدن. «التعليم»: السائقون هم السبب الحوادث المرورية التي تصيب المعلمات تحدث اغلبها نتيجة عدم الوعي من الطرفين، السائق والمعلمة، السائق لعدم درايته والمعلمة لركوبها طريق المصاعب ومع ذلك فإن ادارة الطرق تتحمل جزءا من المسؤولية من جهة الشوارع والطرق وتنفيذها خصوصا العقبات والمنحنيات. وفي هذا الشأن يقول المهندس علي سعيد مسفر: إن العقبات وشبكة الطرق في عسير تخضع للعديد من الرقابة والصيانة الدائمة وحظيت بالعديد من المشاريع، ووزارة المواصلات شقت الانفاق وشيدت كثيرا من الطرق برغم التضاريس والجغرافيا القاسية. ويعزو مسفر سبب حوادث المعلمات والطالبات الى عدم تقيد السائقين بقواعد السير، نافيا علاقة الحوادث بقصور وعجز في الطرق والشوارع. وقال: إن ادارة الطرق تدرس كافة العقبات والمشاكل وتعمل بقدر الامكان على فتح المسارات البديلة. أسطول من الحافلات الآمنة في جانب التعليم، يقول مدير الاعلام التربوي في الإدارة العامة للتعليم بمنطقة عسير أحمد الفرحان: إن حوادث المعلمات في عسير قليلة ومحدودة مقارنة بالمناطق الاخرى، ومعظم الحوادث التي سجلت تكون في الغالب من سيارات النقل الخاص لا النقل الحكومي، وهي حالات فردية محصورة وتقع بسبب تضاريس المنطقة وطرقها الوعرة خصوصا في تهامة عسير. ويضيف: إن «التعليم» يبحث ويتابع العوائق ويعمل على تسهيل كل ما من شأنه تذليل تلك العقبات في سبيل التربية والتعليم، وكل عام تنشأ المدارس والمجمعات المدرسية وهناك اجتماعات شبه دورية في هذا الاطار، وتعليم عسير دشن هذا العام اسطولا للنقل المدرسي من حافلات حديثة وجديدة وصل عددها الى اكثر من 840 حافلة مدرسية لنقل الطلاب والطالبات ومجهزة، وهي ضمن خطط الادارة واستيعابها من اجل التصدي لأي عقبات قد تقف عائقا امام التعليم، وجهزت الحافلات بكافة وسائل السلامة ويتم صيانتها دوريا ضمانا لسلامتها. وهناك لجنة من الإدارة العامة للتربية والتعليم والإدارة العامة للدفاع المدني بعسير تهدف إلى الوصول لجميع المدارس في وقت قياسي وتسجيل الملاحظات والتعامل معها بصورة مباشرة عبر استمارة مقننة وآلية فاعلة.