يحاول الغرب وحلفاؤهم اختطاف الحراك الشعبي العربي، وتحريفه عن مساره المعادي للهيمنة، وتجيير حراك أحرار الشارع العربي، ومطالبهم بالخلاص من براثن الأنظمة المستبدة إلى حسابهم المكشوف، وبأنهم قرروا الانحياز إلى رغبة الشعوب وطموحاتها في التحرر والعدالة الاجتماعية .. وحفنة أخرى من الأبواق المسعورة، ممن خسروا حياة البهرجة، في طريقهم إلى مزبلة التاريخ .. أخذوا يروجون بأن ما يحدث هو جزء من مؤامرة، لتفتيت الوطن العربي وجيوشه، وزعزعة استقراره .. على الرغم من أن قصة الشرارة الأولى للربيع انطلقت من مدينة سيدي بوزيدالتونسية بعفوية .. شاب ينفجر غضبا، ويضرم النار في نفسه كردة فعل لمصادرة العربة التي تؤمن له قوت يومه، ليطلق العنان لاحتجاجات قهرية ضد القمع، وترتفع حدة الغضب لتعم الشارع العربي، للمطالبة بالإصلاحات ومحاربة الفساد، أرادوا أن يعبثوا بالتاريخ ويوهموننا أن البوعزيزي عميل،كان ينفذ مخططا غربيا لتحرير الشعوب العربية، وأن خروج الثوار إلى ميادين تونس، ومصر، وليبيا، واليمن، وسورية كان صناعة غربية، ولاعلاقة له بإرادة الشعوب. وبين نظرية المؤامرة والتحرير، لا يوجد حر عاقل يغفل الدور الغربي في تغذية الفتن، وشحن الصراعات في محيطنا العربي، من باب تأمين المصالح والسيطرة حتى وصل الأمر إلى تحالف شيطاني مع رأس الأفعى، لذلك كان الغرب شريكا في سياسة القهر والتنكيل، وغياب العدالة، ولولا الدعم الذي يقدمه لما طال أمد هذه الأنظمة. لذلك لن تستكمل الصورة الثورية إلا بالاعتماد على النفس، وتخلص الأنظمة الجديدة من التبعية. فهل يستوعب العرب الدرس ؟ ويفوتون الفرصة أمام الغرب للعودة إلى أجنداتهم الاستعمارية . أزمة ثقة نشأت بين شعوب الربيع العربي والغرب، نوايا حسنة في العلن ومؤامرات خلف الكواليس، ولا تخرج المسرحية عن كونها شعارات انتخابية في واشنطن، وسياسة تظليليه تنتهجها لندن، وازدواجية في المعايير تنفرد بها باريس .. لذلك يجب الحذر من ردود الفعل الغوغائية حتى لايعبثون بالتاريخ، ونمنى بخسائر مادية ومعنوية فادحة، فالغرب محترفون في كتابة السيناريوهات بدقة، ونحن ننفذ بعفوية .