تحفل المملكة بإرث حضاري وتاريخي لا مثيل له في منطقة الشرق الأوسط، هذا الإرث هو ثمرة الموقع الاستراتيجي للبلاد على طول أرض الجزيرة العربية وعرضها، فضلاً عن المنافذ البحرية العديدة لمدن المملكة، التي تشير إلى أنها لم تكن معزولة عن الحضارات الإنسانية في المنطقة، وإنما كانت تتفاعل معها، وتتأثر بها، الأمر الذي يؤكد حقيقة مهمة شهدت بها المراجع التاريخية، وهي أن المملكة أرض الحضارات القديمة، ومنبع التراث والثقافة في المنطقة، والشاهد على ذلك الكم الهائل من المواقع التاريخية والتراثية الموزعة في عدد من مناطق البلاد. وعندما أعلن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن تفاصيل رؤية «2030» في صيف العام 2016، حرص سموه على أن تكون هناك مبادرات متعددة، تحافظ على الإرث التاريخي والثقافي للمملكة، وتحميه من التشويه والاندثار، ليس هذا فحسب، وإنما عزز سموه هذه المبادرات بأفكار تستثمر هذا الإرث في صورة مشروعات اقتصادية واستثمارية، تستقطب السياح والزائرين من أنحاء العالم إليها، للتعريف بتاريخ المملكة وحضارتها القديمة، إلى جانب حصد أرباح وفيرة من وراء هذه المشروعات تضمن استمرارها. وتدرك الرؤية أن هناك الملايين حول العالم يهمهم التعرف على طبيعة المواقع التاريخية والأثرية الشاهدة على تاريخ الجزيرة العربية، وأبرز تلك المواقع أول حاضرة إسلامية، التي انطلقت من أرض المدينةالمنورة، وتضم الكثير من المعالم الأثرية المتعلقة بهذه الحقبة وما بعدها، ولا يقلل هذا من قيمة وشأن المعالم التاريخية التي تعود لعصور وحقب زمنية سبقت الإسلام أو أعقبته، ما دعا المملكة تحت مظلة رؤية «2030» إلى الاهتمام بهذه المواقع، وإعادة توظيفها بما يفيد البلاد والعباد. المواقع التاريخية والتراثية التي تحتضنها المملكة من الأهمية بمكان، ما دفع منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) إلى تسجيل 8 مواقع منها على قائمة التراث العالمي، ومن أبرز هذه المعالم - على سبيل المثال وليس الحصر - مدائن صالح، معالم جدة التاريخية، قرية الفاو، الدرعية التاريخية، واحة الأحساء، وغيرها الكثير التي تُعد كنوزاً لا تُقدر بثمن، ويسفر الاهتمام بها عن الارتقاء بقطاعات اقتصادية أخرى، لطالما راهنت عليها رؤية «2030» في تنوع مصادر دخل المملكة، مثل السياحة والترفيه، والسفر والثقافة، الكفيلة بتوفير فرص عمل كثيرة لأبناء الوطن.