استأذن علي النبي صلى الله عليه وسلم في الزواج على فاطمة بزوجة أخرى، فقال له ما معناه «إذا أردت ذلك فطلقها». لم يتحمل ولم يطق عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم أن تكون لابنته ضرة، ولذلك توجه إلى ربه قائلا «اللهم لا تؤاخذني بما لا أملك»، أو بما معناه... إنها فاطمة سيدة نساء الجنة، التي بشرها باللحاق به حينما كان يعاني من سكرات الموت. فهذا استثناء له وحده، ولا يجوز لغيره من الرسل والأنبياء والبشر. ومن تعدد الزوجات إلى الكون، نجد استثناء رائعا له صلى الله عليه وسلم، إذ أن المعروف أن شقيقات كوكب الثريا سبع منها: الدبران وحدم والعانات والخران والذبان. وقد سمى الإغريق الثريا «البلياديس»، أي الشقيقات السبع، وهن بنات أطلس: مايا، إلكترا، ميروبي، تايجنتا، ألسيوني، وهي ألمعهن، وسابعة هي سيلانو. وقد تم رصدها في العصر الحديث بالتلسكوب، لكن محمدا صلى الله عليه وسلم كان يرى، لحدة بصره، الشقيقات كاملة غير منقوصة، وهي إحدى عشرة، وتجدر الإشارة إلى أنه ثم رصد أكثر من خمسمائة نجم من العنقود النجمي المسمى بالثريا، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرى الذي خلفه، وحدث ذلك حينما أراد أن يقتله أحد المشركين. هذان مثالان لاستثناءين نبويين، والاستثناء يختلف عن المعجزة التي يشترك فيها جميع الأنبياء بالطبع.. لكن ما هي الاستثناءات البشرية الممكنة المعاصرة؟ من أمثلتها: الرشوة: التي لا تجوز بأي حال من الأحوال. ولكن ماذا يفعل الذي لا يملك مالا يرشي به أحدا لتصريف أمور متعثرة له، ولا سيما عند من لا يخاف الله ولا ضمير له؟ ما حيلة هذا الإنسان ذي المظلمة مثلا أو صاحب الحق المهدر؟ حيلته هي الكلمة الطيبة التي لا تقدم ولا تؤخر، فهو مجاهد في سبيل الله، فهذه رشوة ذات استثناء جائز، تبعا لحديث «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله...». كما أن أخذ الحيطة في غسل الجنابة أوجب من الوضوء، لكن الاستثناء جائز لمن لم يجد ماء دافئا وكان الجو باردا وخاف على نفسه من أمراض البرد والزكام. هذه أمثلة للاستثناءات التي خص بها الله نبيه، تأتي دليلا من أدلة كثيرة على حرمة الاستهزاء به، مصداقا لقوله تعالى «إنا كفيناك المستهزئين»، وقال سبحانه «فسيكفيكهم الله». ونحن نقرأ ونرى ونسمع بين الحين والآخر في وسائل الإعلام الغربية هذا الاستهزاء، سواء في الدراما أو المقال الصحفي أو الكاريكاتير... إلخ. ولم يتعامل الإعلام الإسلامي تجاه الأديان الأخرى بنفس المنطلقات، بل ترفع عن ذلك، ولا سيما الإعلام السعودي.. آخذا بقوله تعالى «ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم»، فما بالنا لو أن إعلامنا وجد نقدا جارحا لموسى وعيسى عليهما السلام مثلا؟ ولا شك أن عقلاء الغرب والمنصفين ممن عرفوا الحق ودرسوا الحضارة الإسلامية تأبى نفوسهم أن تنغمس انغماس الغوغائيين، ونحن بدورنا ندعوهم أن يتجردوا ويعبروا عن الحقيقة للحقيقة لا لمصالح أو مكاسب سياسية أو اقتصادية.. ولكن من هم هؤلاء؟ إنهم النصارى الذين وصفهم القرآن الكريم «ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق»، وكذلك إدراك هؤلاء أن الإسلام دعوة عالمية بدأت من مكة بدليل قوله تعالى «إن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون».