كل من يتابع واقع جمعيات الثقافة والفنون في مختلف مناطق بلادنا، وخلال الفترات الماضية، ومنذ أكثر من عشرين عاما، يدرك أنها تتحرك في سياقات محدودة للغاية، ولعل أكبر إشكالية تواجهها تلك الجمعيات هي الدعم المالي القليل الذي لا يحقق تنفيذ مناشط مسرحية وفنية وثقافية، وها هي وزارة الثقافة والإعلام تسعى لإخراج هذه الجمعيات من حيزها الضيق وواقعها المتواضع إلى آفاق أخرى، وليتها تبدأ بالفعل، فكنت قد كتبت مقالا في وقت سابق في هذه الزاوية فحواه أن الإعانة السنوية التي تحصل عليها فروع جمعيات الثقافة والفنون في المملكة لا تقارن بأي حال من الأحوال بالدعم المادي الذي تحصل عليه الأندية الأدبية، ولا بد لرئيس مجلس إدارتها الجديد الأستاذ سلطان البازعي أن يضع محور الإعانات السنوية بعين الاعتبار، وهو أبرز المعضلات الحقيقية، كما أن تغيير مسمى (جمعية الثقافة والفنون) وتحويلها إلى(هيئة) أو إلى(مركز) أو إلى أي مسمى آخر من الخطوات التي يجب الإسراع بها؛ للانطلاق في رؤية جديدة ومتجددة، والأهم هو ضرورة إخراجها من مصطلح (جمعية)، ذلك أن هذا المصطلح دائما تنطوي تحته مفاهيم خاصة للعمل التطوعي، ويخرج بتلك المؤسسات عن مسار العمل المؤسسي الذي يرتبط بالكيان ولا يخضع لاجتهادات الأفراد، وقد يكون أمر التطوع مقبولا في الأعمال الإنسانية والبرامج الخيرية المتنوعة، لكنه غير مقبول على الإطلاق في المؤسسة الثقافية والعمل الثقافي على الإطلاق، ولن يحقق أهدافه، وسيرتطم بعقبات كثيرة، وما زلت أذكر حديث الدكتور محمد الرصيص عن واقع جمعيات الثقافة والفنون، حينما قال «السينما معطلة، والمسرح شبه معطل، وبقية الفنون الأخرى تفتقر إلى الأساسيات، فتخيل أنه ليس لدينا أكاديمية للفنون حتى الآن»، إن من أبرز المهام التي يجب أن تضطلع بها تلك الجمعيات هي المسرح وعوالمه العريضة وكيف يبقى معطلا لسنوات دون تدخل عاجل لإخراجه من واقعه البائس. ولعل وجود أكاديمية للفنون يعتبر خطوة ستساهم في تحقيق العديد من الإنجازات المهمة في التأسيس والبناء وصقل المهارات والإعداد المهني لكل من يريد الانتماء لهذه الفنون الجميلة، وجاء تصريح وكيل وزارة الثقافة والإعلام الدكتور ناصر الحجيلان المنشور يوم أمس بأن الوزارة تخطط لإنشاء أكاديمية للفنون، وهي من نتاج توصيات ملتقى المثقفين الثاني، والتي كان من أبرزها التأكيد على إنشاء أكاديمية للفنون تضم المسرح والسينما والتصوير الضوئي والفنون الموسيقية والتشكيلية والأدائية والشعبية والنحت والخط العربي. إن الكثير من المتابعين يتطلعون الآن إلى خطوات تطويرية جادة يقوم بها مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، وكذلك وزارة الثقافة والإعلام. ورقة أخيرة: لمحمود درويش: قصائدنا بلا لون، بلا طعم ، بلا صوت.. إذا لم تحمل المصباح من بيت إلى بيت. [email protected]