جاء حديث رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون الدكتور محمد الرصيص والذي نشر قبل أيام قلائل جريئا ومؤثرا، كشف فيه واقع جمعيات الثقافة والفنون لدينا وما تعانيه، وكانت عبارات الألم والمعاناة والإحباط واضحة جلية في حديث المسؤول الأول عن جمعيات الثقافة والفنون، وهو حديث لا تنقصه الشفافية والوضوح، وحين يأتي مثل هذا الحديث الإعلامي لا بد من خطوات نحو التطوير تتخذها وزارة الثقافة والإعلام لإخراج هذه الجمعيات من حيزها الضيق وواقعها المتواضع إلى عمل ثقافي مؤسسي يحقق لها الاستقلالية والشخصية الاعتبارية والدعم المالي المستحق. فالإعانة السنوية التي تحصل عليها جمعية الثقافة والفنون لاتقارن بأي حال من الأحوال بالدعم المادي الذي تحصل عليه الأندية الأدبية، ويتمنى الدكتور محمد الرصيص لو أنها دمجت مع الأندية الأدبية وهو من المقترحات والرؤى المطروحة سابقا، كما يطرح أيضا مقترحا بتحويلها إلى هيئة وطنية للثقافة والفنون وهذا لعمري هو عين الصواب، وأذكر قبل عام تقريبا كنت في حديث مباشر معه عن هموم جمعيات الثقافة والفنون بوجه عام وفرع تبوك بوجه خاص، طلبت منه السعي إلى تغيير مسمى (جمعية الثقافة والفنون) إلى (هيئة) أو إلى (مركز)، المهم إخراجها من مصطلح (جمعية)، وقلت له: إن هذا المصطلح يقوم على العمل التطوعي في معظم الأحيان ويخرج عن مسار العمل المؤسسي الذي يرتبط بالكيان ولا يرتبط بالأفراد، وقد يكون أمر التطوع مقبولا في أعمال إنسانية لكنه في العمل الثقافي لن يحقق أهدافه وسيرتطم بعقبات عدة، لكنه قال لي عن رؤيته الخاصة لواقع الحال وتطلعات المرحلة، وطرح لي مقارنات عدة ووافقته في أشياء وآثرت الصمت عن أشياء أخرى، لكنني لمست في حديثه الإخلاص وحب الإنجاز وزرع الثقة في كل الذين يعملون معه، وعمق رؤيته وحبه للفن والثقافة رغم التحديات التي لم يبح لي بها لكنها كانت واضحة، وها هو اليوم يخرج برؤية واضحة وشفافة ومسؤولة، يطالب بانتشال فروع الجمعيات في كافة مناطق بلادنا من واقعها الحالي إلى واقع جديد، يقول: «السينما معطلة والمسرح شبه معطل، وبقية الفنون الأخرى تفتقر إلى الأساسيات، فتخيل أنه ليس لدينا أكاديمية للفنون حتى الآن»، وكم هو محزن أن يظل (أبو الفنون) معطلا وهذا اعتراف رسمي عملي صارخ من مسؤول معروف، فالفرق المسرحية والطاقات الكبيرة والعناصر المسرحية تشاهد محضنها وبيتها الفني معطلا بلاحراك. ويثير نقطة مهمة أيضا هي عدم وجود أكاديمية للفنون وهي ما جعلته يقول إن الفنون الأخرى تفتقر للأساسيات، ولعلنا نتساءل معه متى تولد أكاديميات متخصصة لفنون المسرح والفنون الأخرى. إنني على يقين أن وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجه سيولي هذا الأمر جل اهتمامه في تحويل جمعيات الثقافة والفنون إلى هيئات لها استقلاليتها وميزانيتها بدلا من نظام الإعانات، حتى يتسنى لها تنفيذ العمل الثقافي المؤسسي، ذلك العمل الذي مازلنا نتطلع إلى تنفيذه في الفروع المنتشرة في معظم مناطق بلادنا الغالية باستراتيجية مهنية يشرف على صياغتها نخبة من المتخصصين ومن المثقفين والمبدعين والفنانين والمسرحيين وتحت مسمى هيئة الثقافة والفنون. [email protected]