البعض يرى أن مشاريع القطارات والنقل العام ستخفف من صداع الزحام المروري وهذا غير صحيح بنسبة كبيرة لأن مساراتها ستكون محددة، بينما المشكلة تكمن أساسا في ضخامة عدد السيارات دون مواقف لها للعمائر السكنية ومواقع العمل إلا القليل من المنشآت الحديثة وبعض مراكز التسوق التي عالجت المشكلة بمواقف خاصة وخصصت لها عناصر من الحراسات لتنظيمها. فلماذا لا نعالج أسباب ذلك خاصة أنها أصابت أنحاء جدة وليس قلبها فقط الذي أصبح يتجنبه الكثيرون، وكذلك في محيط العديد من الجهات الحكومية والمساجد والشوارع التجارية لا نجد فيها خدمة المواقف المجانية ولا الاستثمارية، ولا نريد أن نبكي على اللبن المسكوب لما ضاع من فرص في التخطيط بقدر ما يجب البحث عن الحلول الممكنة بمشاركة كافة الجهات المعنية ووعي المجتمع. في العديد من الدول غربا وشرقا على السواء لا يشعر سكانها ولا زائروها بمثل هذه الأزمة لأنهم خططوا لها برؤية مستقبلية ولا تجد بناء بدون مواقف، بل وجدت في بعض الدول مطاعم بجوارها مواقف استثمارية ويسدد المطعم رسوم الوقوف لسيارات الزبائن وفق اتفاقية مخفضة التكاليف بين المطعم والموقف، وبالتالي كل الأطراف مستفيدة وملتزمة بالنظام، وهذا حل أوجدوه بينما عندنا نجد مساحات بيضاء سرعان ما يتم استثمارها في مطاعم فخمة ومحلات تجارية حديثة تريد الزبون ولا يهمها أين يقف بسيارته.. وفي تلك الدول أيضا لاتهاون في مخالفات السرعة والوقوف الخاطئ، ناهيك عن تخصيص مواقف وطرق لسيارات الطوارئ وذوي الاحتياجات الخاصة بينما عندنا سقطت كل هذه الخدمات الحيوية الحضارية من التخطيط والتنفيذ، والخطر كامن في أي لحظة وأي مكان حيث يصعب سير سيارات الدفاع المدني والإسعاف في الشوارع المزدحمة ناهيك عن الحارات الأخطبوطية للأحياء الشعبية.. اليوم كثرت المخالفات المرورية بعد أن استراح المرور واسترخى بنظام ساهر، وتطبيق الأنظمة الإلكترونية للمعاملات ورصد وتحصيل المخالفات وإشعاراتها، ويفترض أن ينعكس التطور الإلكتروني في انتشار مرن لرجال المرور في الشوارع لكنه لم يحدث، والنتيجة أن الشوارع تعج بالفوضى وتراجعت الثقافة المرورية، بل انقلبت إلى درجة عداء البعض لساهر بالتحايل لإخفاء ارقام اللوحة وإشارات ضوئية من السيارات على الطرق للتنبيه بوجود كاميرا. مما يدعو إلى إعادة نظر في الدور المروري والوعي العام بأنظمته وأخلاق القيادة.