هناك أعمال فنية لا نمل من إعادة مشاهدتها مهما تكرر عرضها على الشاشة الصغيرة في عصر الثورة الفضائية وإعاداتها الكثيرة. ومن أجمل تلك الأعمال مسرحية «العيال كبرت» التي ما زلت أضحك أمام حوارها الكوميدي المتقن كلما شاهدتها، وما زال إعجابي كبيرا بالمشهد الذي يقف فيه الفنان «سعيد صالح» أمام المبدع «أحمد زكي» قائلا له: «انت بتقول كلام كبير، كلام كبير قوي، يصعب على أمثالي فهمه. كلمونا الكلام بتاعنا؛ الكلام السهل السلس الشعبي ده.. كلمونا بالهجايص». هذا المشهد يذكرني بموقف الكاتب الصحفي في حضرة القراء الذين لا يحترمون المقال إلا إذا احتشد فيه «كلام كبير قوي»، والقراء الذين لن يكملوا قراءة السطر الثاني وما يليه ما لم يبدأ بكلام «سهل شعبي» لا يصعب على أمثالهم فهمه. وبما أن جمهور الصحافة الذي تتباين طبقاته الثقافية أوسع كثيرا من جمهور الكتب السمينة؛ يجد الكاتب نفسه مضطرا للتطرق إلى قضايا بسيطة تهم شرائح واسعة من المجتمع ومناقشتها بأسلوب شديد الوضوح بين حين وآخر، بغض النظر عن ثقافته هو ومدى عمقها. ولعل الكاتب «أنيس منصور» الذي تنبأ قبل وفاته بأعوام قليلة أن المستقبل سيكون للمقالات المركزة القصيرة في زمن مشاغل الناس الكثيرة، كان من أبرز الأمثلة على مراعاة مختلف أذواق القراء دون وقوع في أحد فخي التعقيد أو الإسفاف، فحين يخشى الكاتب بهما الوقوع في مسألة أن «يكون أو لا يكون» كما صرخ «هاملت»، مرددا جملة المسرحية التي كتبها صديقنا «شكسبير» على ملايين مسارح العالم، وهتف بها الفنان «محمد صبحي» محبطا على المسرح عندما قدم المسرحية الكبيرة في بداياته أمام جمهور ريفي في منطقة تخلو تقريبا من المتعلمين، فضلا عن مثقفين يفهمون مغزاها. Twitter @zainabahrani [email protected]