أجمع مختصون وحقوقيون على أن القضاء يسير بخطى سريعة نحو التطور والتحديث في ما يتعلق بميكنة العمل مع التأكيد على استقلالية القضاء، ويكتسب مرفق القضاء أهمية باعتباره إحدى السلطات الثلاث في أي دولة، فهو ركيزة عدالة الأمة واستقلالها، وأشاد المختصون بالنقلات المتسارعة والتي أظهرت هذا العام مجموعة من الأنظمة العدلية المهمة، في مقدمتها نظام التنفيذ الذي يعد أحد مرتكزات التقاضي وتنفيذ الأحكام، إضافة إلى أنظمة أخرى كالرهن العقاري فضلا عن الأنظمة التي تعدل وتراجع حاليا مثل نظام المرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية والمحاماة. وتكرست استقلالية القضاء منذ عهد الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه) الذي وضع اللبنات الأولى لتأسيس هذا المرفق، وجاء من بعده أبناؤه البررة من الملوك وواصلوا الاهتمام بأهم السلطات في الدولة، إذ تسارعت وتيرة تطوير مرفق القضاء من المكانة والاهتمام في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (يحفظه الله) فالقضاء رمز العدالة واستقلاله عن تأثيرات السلطة التنفيذية شرط لأدائه العادل. وتسارعت وتيرة العمل في تطوير مرفق القضاء في المملكة العربية السعودية لمواكبة التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والارتقاء به إلى مصاف مرافق القضاء في الدول النامية منذ أمد تكرس واشتد على يد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حيث صدرت العديد من الأنظمة والتعديلات وتقرر تكوين محاكم جديدة وتغيير درجات التقاضي إضافة إلى إعادة تكوين للبنية المساندة للتواكب من أنظمة القضاء الجديدة. ويقود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران الخطوات الجديدة ويدعمها. وأوكل التنفيذ للمجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل وديوان المظالم وهيئة التحقيق والادعاء العام باعتبارها الجهات المكونة لمنظومة القضاء. ويجيء اليوم الوطني كنقطة انطلاق متجددة لترجمة توجيهات القيادة الحكيمة فيما يخص مرفق القضاء. ولقد عنيت الدولة منذ عهد الملك المؤسس الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود(رحمه الله) والذي وحد الله على يديه أرجاء هذه البلاد وجمع شتاتها على إقامة شرع الله والتحاكم إليه، فأعلن الملك عبدالعزيز (يرحمه الله) بتاريخ 29-5-1343ه عن تعيين أول قاض وعن رغبة الحكومة أن ترى المتخاصمين يختصمان أمام القضاء ليجري حكم الشرع في القضايا من غير محاباة. وأسس الملك عبدالعزيز (رحمه الله) في عام 1344ه أول تشكيل لرئاسة القضاة بمكة المكرمة. وفي عهد الملك فيصل (رحمه الله) تم إنشاء وزارة العدل عام 1382ه لتتولى الإشراف على دوائر القضاء وتم اعتماد ميزانية لها، وفي عام 1395ه صدر نظام القضاء بالمرسوم الملكي الكريم ذي الرقم (م- 64) وتاريخ 14-7-1395ه والذي تضمن إيجاد مجلس للقضاء الأعلى بهيئته العامة والدائمة. وفي هذا العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اكتمل عقد التطوير الشامل للمؤسسة القضائية بالموافقة السامية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على الترتيبات التنظيمية لأجهزة القضاء وفض المنازعات، وصدر المرسوم الملكي بالموافقة على نظام القضاء الجديد والآلية التنفيذية له. ويؤكد قضاة وقانونيون ومحامون وعدليون على أن النظام القضائي تميز بأمور منها: وحدة التقاضي والعمل على ضم اللجان شبه القضائية إلى المحاكم المتخصصة والأخذ بمبدأ التخصص النوعي في التقاضي والتوجه بإنشاء المحاكم المتخصصة ورفع درجة التقاضي إلى المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف والتدقيق أمام المحكمة العليا للقضايا الخاضعة لذلك وفق قواعد الاختصاص للمحكمة العليا مما يرفع مستوى الضمانات القضائية. واهتم النظام بقضاء التنفيذ وإنشاء دوائر التنفيذ في المحاكم العامة وإعادة هيكلة مجلس القضاء الأعلى وإنشاء المحكمة العليا ويعتبر ذلك من ملامح النظام. وأمام هذه النقلة الحضارية التطويرية لمرفق القضاء بما يواكب النهضة التنموية في البلاد، وبناء على المسؤوليات المناطة بوزارة العدل وفق المادة (71) من نظام القضاء الجديد، وتنفيذا للتوجيهات السامية الكريمة وما صدر من المكرمة الملكية بإنشاء مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء ليكون التطوير شاملا لكافة أوجه التطوير والتحديث من خلال إعداد استراتيجية شاملة لتطوير مرفق القضاء والتوثيق لمدة 20 سنة قادمة إن شاء الله. وقال وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور محمد العيسى الذي يقود دفة العمل في الجانب القضائي إن مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لتطوير مرفق القضاء والتوثيق في المملكة يعتبر من اللمسات التاريخية للملك عبدالله (وفقه الله) الذي يولي القضاء جل اهتمامه. مؤكدا على حرص خادم الحرمين الشريفين على سيادة الشريعة القائمة على العدل والمساواة بين جميع الناس. وأشار العيسى إلى أن النظام الجديد للقضاء يستأثر باهتمام كبير من الملك عبدالله باعتباره نقلة كبيرة في المجال القضائي تتيح مرونة واسعة ومجالا رحبا للنظر في القضايا بطريقة من شأنها تحقيق دقة الأحكام والوصول إلى نهايات عادلة للقضايا. وأضاف العيسى: لا شك أن مشروع الملك عبدالله لتطوير القضاء يعد قفزة نحو التقدم والرقي في مجال القضاء وتحديث أنظمته، حيث تم تحويل القضاء إلى درجتين الأمر الذي وسع نطاق التقاضي، وذلك لاستحداث محكمة الاستئناف ومحاكم متخصصة للنظر في كافة القضايا ليكون هناك محكمة لنظر القضايا التجارية، وأخرى لنظر القضايا العمالية، ومحكمة لنظر قضايا الأحوال الشخصية، وهذا سوف يعطي إتقانا في العمل وإنهاءه بشكل جيد. وقال إن الوزارة وبدعم مباشر من القيادةالحكيمة تتطلع إلى استحداث هذه المحاكم مع توفير الكوادر التي سوف تقود هذا التطوير وهم القضاة المتخصصون في هذه المجالات المختلفة، ويأتي هذا بالإعداد الجيد والتخطيط السليم والدراسة المتخصصة كل في مجاله. وأبان وزير العدل أن التطوير والتحديث يجيء استجابة لتطلع الناس إلى نظام قضائي مواكب للتغيرات، ومشروع الملك عبدالله لتطوير مرفق القضاء هو سابقة تاريخية تسجل له (حفظه الله) حيث أن هذا المرفق المهم هو أحد أضلاع مثلث السلطة في أي دولة والتي تتكون من السلطة التشريعة والتنفيذية والقضائية، وقد جاء التطوير في بلادنا على معظم المرافق العامة ومشروع كهذا أطلقه خادم الحرمين الشريفين سيأتي بلا شك بالخير على مرفق القضاء بشكل عام فسنرى مباني جديدة تليق بالقضاء والقضاة، وأكد على أن المبلغ الذي خصصه الملك سيستثمر لتخريج أجيال جديدة من القضاة مؤهلين ومدربين تدريبا عاليا لتمسك بزمام الأمور في هذا المرفق، لأن القضاء أولا يعتمد على القاضي، وكما أن القضاء في المملكة قائم على اجتهاد القاضي إلا أنه في عصر كعصرنا هذا نجد التطور والتغير فيه سريعا، فمثلا جدت أمور في حياة الناس كذلك في تعاملاتهم التجارية تستوجب وجود قضاة متخصصين لهم القدرة على فهمها والفصل فيها إذا ما عرضت النزاعات عليهم. وضرب وزير العدل مثلا بالتعاملات الإلكترونية فالتطور الذي يشهده مجال تقنية المعلومات أسرع من ذلك الذي يشهده القضاء، لذا فإن استخدام الموارد المالية لتعليم وتدريب القضاة ليصبحوا قادرين على مواكبة ما يحدث من تغيرات من حولهم من الشواهد الحاضرة التي عملت وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء على تنفيذها. ولم تغفل التعديلات الجديدة المرأة التي توصف بأنها نصف المجتمع وأن أي تطوير للخدمات المقدمة للمجتمع ستستفيد منه المرأة، وبالنسبة لما سيعود عليها من تطوير مرفق القضاء فإنه في الآونة الأخيرة ظهرت للمرأة تعاملات كثيرة مع القضاء ومنها ما هو متعلق بحياتها الخاصة مثال ذلك قضايا الخلافات الأسرية، والآخر ما يتعلق بأعمالها إذا كانت سيدة أعمال، فللمرأة مثل الرجل تتعامل مع الجهات القضائية كالمحاكم والجهات الإدارية التابعة لوزارة العدل (كتابة العدل) وهذا ما ستلمسه المرأة من خلال تعاملها مع هذه الجهات، ناهيك عما أعلنه وزير العدل عن مشروع يدرس للسماح للمحاميات بالترافع في قضايا أسرية وفق تنظيم محل الدراسة والاهتمام. ومن ناحية أخرى، فإن تخصيص القضاء كما ورد في النظام عن طريق إنشاء محاكم متخصصة مثل المحاكم التجارية والعمالية والمحاكم المتخصصة في الأحوال الشخصية سيسهل بشكل كبير من عملية التقاضي، خاصة وأن أكثر ما كان يشكو منه المتعاملون مع القضاء هو تأخر الفصل في القضايا، وهذا يعود إلى قلة عدد القضاة، وهذا ما سيعالجه المشروع من خلال خلق وظائف قضائية وإدارية جديدة وكذلك تخصيص القضاة الأمر الذي سيسهل عملية التقاضي، حيث سيكون هناك قضاة متخصصون يفصلون في نوع معين من القضايا، إضافة إلى زيادة عدد القضاة الأمر الذي سيسهل إلى حد كبير عملية التقاضي وسيختصر الوقت الطويل الذي تستغرفه القضايا الآن منذ بداية نظرها إلى استلام الحكم.